أمي أسيرة ، خلف القضبان حزينة وحيدة ، مكبلة بالسلاسل ، ومحاطة بآلاف الجنود ، تداس كرامتها في اليوم مئة ألف مرة ومرة ، أمي بلا غطاء تنام ، وكيف تنام وطفلها يناديها في كل صباح ومساء ؟ أين الإنسانية في طفل لم يعانق أمه ولم يشتم رائحتها ؟ انتزعوه منها وأبعدوه عنها قبل أن تسمع صوت صرخته الأولى عندما وضعته ، أمي أسيرة بلا تهمة ، ودون محكومية ، أحكموا عليها بالموت مدى الحياة ؟! كيف يتحول المظلوم إلى مجرم والمجرم حرا طليقا ؟
أمي صاحبة القضية ، اغتصبوها أمام العالم بأسره وكلهم شهود ، لكنهم في ليلة عاصفة تحولوا جميعهم إلى أصنام وأمي باتت وحيدة خلف القضبان وأولادها تشردوا في كل مكان ، يحادثونها سرا في كل مساء ، ويرسلون رسائل الشوق مع النجوم ، يزحفون ويزحفون ليقتربوا منها ، ليشتموا رحيقها ، وتحكي لهم قصة ملكة الجميلات " فلسطين " ، لكن سلك شائك يمنعهم ويبعدهم عن حضنها وتقبيلها ، فتفيض الدموع ليلا ليشهد المساء على أبشع جريمة إنسانية ، يهمسون قبل الرحيل غدا عائدون عائدون ولك محررون محررون يا أمنا الحنون .