كان هناك . .
في السماء البعيدة . . غيمة وحيدة .
نعم . .
هي بين ألف غيمة في السماء . . لكنها وحيدة .
منذ كانت صغيرة كان قلبها كبير . . يحمل حلماً أكبر .
كل الغيوم تحمل حباً لأرض ما ، لا يطول بها الزمن ولا يثقل كاهلها الحمل
بل سريعاً ما تلقي به على أرض قد تكون عطشى . . وقد لا تكون
ثم ترحل أيضاً سريعاً لتجمّع حباً آخر وحملاً آخر وتلقي به على أرض أخرى .
إلا تلك الغيمة . . قد كان حلمها أرض تعني لها الكثير وتهتم لقطرات غيمتنا فقط .
فظلت تحمل وتحمل . . حباً وأحلاما وأملاً . . وترحل تبحث عن أرض الأحلام تلك .
طال بها الزمن . . فثقل الحلم والحب على قلبها
وتسلل لجسد الغيمة فيض المشاعر فتضخم وتمدد . .
وزاد فيضان الأحاسيس وتكثفت قطراته فتحول للسواد
وبقيت غميتنا رحالة .
ثقلت حركتها . . وغمق لونها أكثر فأكثر وأكثر . .
وتعبت . . تعبت غيمتنا وأرهقت
تعبت . . ولم تجد أرضها التي تحلم بها .
بدأت الغيمة ترسل قطرات دموعها على كل أرض تعبر فوقها
قطرات حزن . . وألم . . وشوق . . وحنان
قد يخفف هذا عنها هم . .
وقد يخفف ثقلها وتزيد سرعة حركتها
كلما سقطت قطرات دمع الغيمة على أرض
هاجت واهتزت . . شوقاً ولهفة
نعم فتلك القطرات عصارة حب صادق وحلم كبير . .
لم يجد أرضه .
ذاع صيت الغيمة وتمنت كل أرض أن تكون صاحبة الحلم
كلما مرت فوق أرض تزينت لها . . ودعتها إليها
لكنها لم تكن ترى أو تسمع أو تشعر
قد تسعد أحيانا بتلك المهرجانات الإستقباليه
لكنها تختزن القلب وما يحتويه لأرضها الموعودة .
زاد سواد الغيمة . .
واسودت سماؤها . .
وضاعت الاتجاهات . .
وبعد الأمل . .
ولكن . .
فجأة . .
أبرقت السماء
وميض برق الأمل
وبان عن بعد الحلم
كلما ومض البرق . . لاحت لها رؤيا
وارتبك القلب واضطرب
أتراها هي . . ؟؟؟
توال الوميض فبدأ يبدد الظلام . .
نعم أتى الفجر . . وبدأت شمس الأمل تشرق
حلقت الغيمة . . سبقت الريح التي تحملها
اسرعت في اتجاه أرضها . . حلمها
اقتربت أكثر . . فأكثر
تجمعت كل مشاعر وأحاسيس سني عمرها
الفرح والسعادة صنعت فجر في رحم فجر
وشروق بين يدي شروق
بدأت الغيمة تتأهب وتستعد لإرسال ما تحمله سيلاً يعانق أرضها يرويها
وتمتزج قطراتها بكل حبة رمل .
فجأة . . توقف كل شيء
يا للمصيبة . .
منطقة معزولة
أقامت الأرض حولها منطق بلا هواء
حزام من العدم
منطقه دفاعية
لا هواء . . ولا ريح
توقفت الغيمة
يا للألم . .
على مرمى الرؤى . . هاي الأرض الحلم
والغيمة مشلولة عاجزة عن الحركة . . عن التقدم
تُرى . . !!!!
هل بعد رحلة العمر تلك تستسلم . . ؟؟؟
كلا ......
قررت النضال . .
قررت أن تقاوم . .
أن تحاول . .
تنظر لأرضها الجنة فترى بسمة حانية ، وعيون صافية
فتهمس لها أحبك يا أرضي .
فتتلاشى بسمة الأرض . . وتغور العيون
وتسدل ستائر ليل أسود .
مرة أخرى تحاول الغيمة . . تقترب
تصرخ أحبك . .
تبعد الأرض . .
تتلاشى البسمة . .
يعود السواد .
ثم يعود الوميض . .
تلوح الإبتسامة . .
صرخة . . أحبك
تلاشي . .
وهكذا . .
تكرر الحال أيام . . وأيام
وبقي السواد والوميض يتحاوران
وصراخ الغيمة
أحبك . .
والأرض صخرية صلده
تصد وترد
كانت أحرف الأرض تارة حانية
وتارة قاتله
فبدأت الغيمة تضعف
بدأت قطراتها في الجفاف على جدر قلبها
على تجاعيد جسدها
ولم تشعر الأرض أبداً
حاولت الغيمة أن ترسل قطرات استغاثة
لفظتها الأرض .
تداعت أركان الغيمة على بعضها
تهاوت جدران الحلم
والأرض تراقب
فقط . .
تكتفي حينا بأحرف حانية رقيقة .
تحول حلم الغيمة من حب وأمل وشوق
إلى حزن وألم وحسرة
وقطرات الأمل الضاحكة
إلى قطرت دمع وبكاء
تهاوت الغيمة أكثر . .
انكسر كبرياؤها
فاقترب سقوطها
واخذت تنخفض أكثر فأكثر فأكثر
بدأ التلاشي . .
وكما لاحت الأرض فجأة في وميض برق خاطف
لمع برق أخر . . وميض أخير
كشف وجه الأرض أكثر
فصرخت الغيمه صرخت العمر
أحبك . . أحبك . . أحبك
ثارت الأرض
تفجرت فيها براكين غضب
أرسلت حمما إلى قلب السماء
أصابت الغيمه . . بجرح كبير
مزق الأمل
قتل حلم . . لم يولد بعد
قتل الجنين في الرحم
فزعت الغيمة . .
صدمت . .
بكت . .
بكت . .
بكت . .
كما لم تبكي السماء قط
بكت . .
ثم ثارت . .
وطارت . .
رحلت الغيمة
رحلت . .
اختفت
ولم يراها أحد
بقيت الأرض الحلم . . حيث هي
وحدها
والغيمة الحالمة . . اختفت
لم يعد أحد يسمع قصصها
وأساطير رحلاتها وبحثها عن أرضها الحلم
فقد عرف الجميع . .
انه لم يكن حلم
بل وهم
وهم كبير
عرف الجميع هذا
ولم يعرف أحد
أين الغيمة
أين تختبأ
أم تراها تلاشت . . ؟؟؟؟؟