لست نا قدا ,ولا أكثركم ثقافة أو علماً ,
ولكن هل تسمحون لي بأن أحدثكم بما أعرفه عن النقد .؟ أظنكم تسمحون !!
شكرا ..!!
المعروف أن النقد الأدبي يعني تفسير الأساليب التي لا يستطيع القارئ العادي إدراكها ... كما يعني النقد فتح مغاليق ( النص ) للقارئ إنطلاقا من أن الناقد أكثر شمولية في ثقافته من صاحب النص الذي قد تكون ( الموهبة ) هي المسيطرة على ما يكتبه , ولو أنه يتطلب في صاحب النص أن يكون مثقفا إلى حد ما لإثراء أعماله الأدبية شعرا أم نثرا .
فالأديب او الكاتب الموهوب الذي تنقصه الثقافة يعجز عن إثراء النصوص التي يقدمها للقارئ سواء في المفردات اللغوية أو الرموز والأساطير التي يوضفها من خلال أي نص من النصوص .
لهذا يفترض أن يكون الناقد الأدبي فيه شمولية المعرفة والثقافة لكثير من العلوم والفنون والمناهج والأساليب لأنه يفترض فيه إلى جانب قدرته في تفسير الأساليب , وفتح مغاليق ( النص ) أمام القارئ ( المتلقي ) يفترض فيه ان يضيف للنص أشياء جديدة قد لا يقصدها صاحب النص , وحتى في حالة مخالفته لقصد الكاتب فإنه في هذه الحالة يثري النص بالإضافة .
وقد سئل الروائي العربي ( النوبلي ) ..نجيب محفوظ عن مدى استفادته من كتابات النقاد عن رواياته وقصصه .
فأجاب بما معناه : إن كثيرا من العمليات النقدية كانت بعيدة كل البعد عن مقاصده من الرموز أو الأساطير التي قد يوظفها في قصصه ورواياته .
ننطلق من إجابة الروائي نجيب محفوظ : إن العملية النقدية ليس شرطا أن تكون دائما على حق , وأن التقصير أو الضعف راجع للكاتب أو النص , وأن الناقد ربما ذهب بعيدا عن مضمون أو محتوى النص , وقد حدث مثل هذا كثيرا لا يتسنى لنا ذكره هنا في هذا المقام .
فباختصار النقد الأدبي ليس عملية ( لوغرتيمات ) حسابية لا يمكن دحضها أو القبول بها كأحد الفروض المسلم بها , بل إن كثيرا من الأعمال النقدية في حاجة إلى نقد أو ما يسميه بعض النقاد ..( نقد النقد ) .
حينما أوردت هذه المقدمة لا أدعي أنني أعطيكم درسا في النقد ...فقد ذكرت آنفا أنني أقلكم ثقافة وعلما , ولكن أقصد أن عملية النقد ليست مرفوضة على علاتها , أو مقبولة على علاتها ...إذ في الإمكان نقضها وما أكثر التأويلات والتفسيرات للنصوص التي تعتمد على الغموض لا الإبهام المغلق , والرموز التي توضف داخل النص .
وعلى صاحب النص أيضا ألا يتأثر سلبا بأي هجوم نقدي , لأنه ربما كان نقدا مغرضا .. أو أنه لا يلتقي مع المنهج النقدي الذي يرتكز عليه الناقد , وما أكثر المناهج النقدية , وما أشد مغالطاتها .
كما أن على صاحب النص ألا يفرح بأي مديح أو ثناء .وأن يكون على ثقة من نفسه أولا وأخيرا , وأن يحدد مساره الأدبي بنفسه , وعدم الخضوع لعمليات النقد .. ولكن لا يمنع أن يطالعها فقد يستفيد من بعضها , وعليه في هذه الحالة أن يأخذ من النقد ما يراه حقا , ويترك مالا يراه حقا مكانه , والناقد بطبيعة الحال من البشر الخطائين ,وعلى صاحب النص أن يقول كلمته ويمضي نحو الجديد دون أن يصاب بالإحباط أو بالخوف .
لكم تحياتي
النورس