أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: عزالدين ميرغني يكتب عن العالم لايختفي خلف النافذة

  1. #1
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : May 2020
    الدولة : الخرطوم
    المشاركات : 181
    المواضيع : 180
    الردود : 181
    المعدل اليومي : 0.13
    مقالات المدونة
    121

    افتراضي عزالدين ميرغني يكتب عن العالم لايختفي خلف النافذة

    الوعي بحركة المجتمع وتطورات مسيرته عند القاص صديق الحلو
    مجموعة العالم لا يختبئ خلف النافذة نموذجا
    عز الدين ميرغني
    استطاع القاص صديق الحلو في مسيرته لكتابة القصة القصيرة والتي بدأها في ثمانينات القرن الماضي , بعدة مجموعات قصصية , استطاع أن يواكب التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية في المجتمع السوداني . وآخر مجموعاته والتي صدرت حديثاً عن دار نرتقي للطباعة والنشر بعنوان ( العالم لا يختبئ خلف النافذة ) . وقد صدرت في طباعة أنيقة . يتصدر عتباتها الأولى العنوان المحفز والجاذب للقراءة . وهو عنوان لأحد النصوص القصصية في المجموعة . هذا العنوان ذو دلالة رمزية مفتوحة بحيث أن هذا العالم وفي عصرنا الحديث هذا هو عالم مفتوح لا تحده حدود ولا يحتكره أحد مهما تجبر وطغى . والعنوان إذا تمعناه جيدا يعتبر مثلاً وحكمة يمكن أن يستشهد بها . وما يميز القاص صديق الحلو هو اختياره الجيد لعنواين مجموعاته وحتى النصوص الداخلية فيها والعتبة الثانية هي صورة الغلاف والتي تشكل انعكاساً لكل حالة أراد لها البعض أن تكون نوافذها مغلقة وممنوعة من دخول الحرية والمعرفة الموجودة في هذا العالم الكبير العريض . أما العتبة الثالثة والتي تدعوك لقراءة هذه النصوص , فهو اسم المؤلف نفسه ( صديق الحلو ) , الذي أخلص زمناً طويلاً لفن وجنس القصة القصيرة . والذي يعتبر من جيلها المخضرم ذلك الجيل الذي قدم لها الكثير وواكب تحولاتها , تطورها , ومن ثم تجديدها وتحديثها . وله بصمته الأسلوبية الخاصة , واختياره الجيد للمواضيع المرتبطة بالحساسية الاجتماعية الجديدة . ومعروف في بلادنا بأن القصة القصيرة هي الأقدم بعد الشعر في الأجناس الأدبية .
    إن القصة القصيرة كفن أدبي قائم بذاته , يعتبر صوت الفرد , وكما أطلق عليها الناقد الانجليزي جوزيف كونراد ( الصوت المنفرد ) . والرواية هي صوت المجتمع . والتي تعتبر كتابة الوسط البرجوازي في المدن . وإذا كانت الرواية كذلك , فإن القصة القصيرة هي صوت الجماعات المغمورة والتي تعاني من التهميش والنسيان المتعمد . ولذا بدأت عند الكبار بذلك , فهؤلاء المغمورون , عند الروسي ( غوغول ) , هم الموظفين , وعند (الفرنسي جي دو موباسان ) , هن البغايا والعاهرات , وعند الروسي القاص المشهور ( تشيخوف ) , هم المدرسون والأطباء . وعند ( شرويد اندرسون ) , هم أهل القرى والأرياف . بمعنى أن القصة القصيرة لا تقبل البطولة الفردية المطلقة , بحيث تخدمها شخصيات ثانوية كما يحدث في الرواية . وهذه الفردانية والشخصيات المغمورة في مجتمعاتنا , انحصرت في دائرة هذه المجموعة الجديدة لصديق الحلو ( العالم لا يختبئ خلف النافذة ) . فالمجموعة لا توجد بها البطولة المطلقة , وإنما الراوي هو الذي يمثل هذه الشخصيات , حتى الأنا ( Le je ) , لا تعطي لنفسها البطولة المطلقة حتى وهي تحكي أشجانها ومآسيها . ولعل ما يصبغ هذه الشخصيات في هذه المجموعة , هو التهميش والغبن فأصبحت شخصيات ليست مريضة نفسياً , ولكنها مستوحشة .
    الراوي العليم والذي , يعبر عن الشخصية الغائبة , فهو بمقدرة الكاتب يجعلها حاضرة أمام القارئ , مجسدة أمامه . يتحدث عنها حديث العارف بظواهرها وبواطنها , ويصفها بمعرفة القريب منها . يقول في قصة ‘‘ اشتعال ’ة وهو يقدم الشخصية : ( هذه البلدة بلا ذاكرة , نبت فيها (أحمد توش ) , هكذا فجأة يسير وحده .. يعيش وحده .. يضحك ويغني . عندما كان صغيراً كان يقتل الحرباء , والجراد , ويبول على السحالي بعد أن يدهسها حتى الموت , تقوم من عثرتها كأنها مدوخة من نعاس ) . ويقول في قصة ( بنت اسمها كلتوم ) وهو يقدم لنا بطاقتها : ( كانت مدللة في صغرها , تهشم الأواني الخزفية , وتركل الأشياء المنزلية , يزجرها الأب تنظر الأم إليه شزراً فيطأطئ رأسه تراجعاً وهزيمة . كبرت البنت كلتوم , أعجبتها نفسها صارت تمشي في دلال ... واختيال , للحق أنها جميلة بالسن المفقودة في انتظامة فمها ) . والراوي الذي يمثل شخصية الكاتب في كثير من الأحيان . يتعاطف دائماً مع هذه الشخصيات المغمورة . تلك الشخصيات التي لا تلفت أحداً من حولها فتصاب بالإحباط والاكتئاب .
    كمثال لهذه الشخصيات المغمورة والمحبطة , شخصية الشاب المتأزم والذي لا يستطيع أن يعيش في المكان الوطن , لمثاليته ورهافة حسه المفرطة , وحبه للجمال والأدب والفن , فيهاجر بحثاً عن كل ذلك . وهنالك يصطدم بالواقع الجديد , فيموت من الجوع والبرد . ( تعرفت عليه .. مبدع حقيقي أنيق ومهذب , يرسم اللوحات ويكتب الروايات والقصص . أخبرني بصوته المبحوح أنه سيخرج من هذا البلد ولن يعود ..) . وآخر يحلم في وهو يعيش في مدن اللا حلم , أي المدن التي تقتل كل جميل في داخل الإنسان . وما يصدمه فيها أن عواطفه وآماله ذهبت للإنسان الخطأ . والآخر الذي تتنازع عواطفه بين حبه لوطنه وحبه لواحدة من بنات هذا الوطن والتي لا تسمو لتستحق هذا الحب . وفتاة تحاول أن تحافظ على عفتها وكرامتها فتفشل , لأن هذا زمن اللا كبرياء واللا أخلاق . وذلك الموظف المثالي ذو الأخلاق السامية والنبيلة , والذي يصطدم بما حوله بدءأ من رئيسه وحتى زملائه المرؤوسين مثله حيث اللا مبالاة واللا اهتمام . بالعمل والأخلاص له . ( وجد نبيل نفسه هكذا فجأة داخل المؤسسة يعمل مع أناس لا يفكرون قط في التمرد , يعملون في صمت دون جدل أو خناقة بسلبية بائنة . رغم الايهام وغرابة التصرفات وعدم النضج من مسؤولي المؤسسة الذين يأكلون الحلوى بورقتها ) .
    وعندما تتولى ( الأنا ) السرد الذاتي لما حدث لها , فاللغة الساردة أو الواصفة تميل إلي الحسية . والوصف المجسد لما حولها . يقول في قصة (آثار باقية ) , ‘‘ الجلوس على السرير مع الحبيبة , العناق , الأحلام العارية , اجتياح العطر النسائي ) , فكأنما توقظ الأنا الساردة حواس المتلقي لكي يتخيل هذه الجلسة . والأنا المسافرة تتذكر وهي تغادر , تتذكر كل ماضيها لتتزود به . يقول في قصة ( بأثر فقدك شعرنا ) , يقول واصفاً ( قابلتها صدفة وإذا بي أقع في حبها إلي الأبد ظللت أرسمها في خيالي العمر كله وهي تسكنني .. تحدثني بلهفة ودهشة أحياناً مستندة على ذاكرتي المنتصبة . تلقي لحظاتنا المبعثرة , وبقامتها المميزة تلج الصمت , تكسر دائرة الضوء وتستدرجني للحديث ) . والأنا الساردة في كل هذه النصوص زمنها هو الحاضر المتأزم من الماضي الأليم والقبيح .
    ووظيفة اللغة عند الأنا الساردة هي لغة أقرب للشعور الحي المتيقظ , والجانب النفسي عندها هو الحساسية المفرطة تجاه ما يقع عليها . وغالباً ما تكون هذه الأنا في مرحلة الشباب . والتي تحس فيه بالتوحد الإنساني مع الآخرين ومشاركتهم ما يعانون منه وما يؤلمها أنها لا تملك حلولاً لنفسها فما بالك بالآخرين . وظف القاص صديق الحلو مخزونه اللغوي بلغة تتعاطف مع شخصياته ( أشفقت عليه ) , ( يا الله على ) , ( فلان مثل كذا ) حيث يختار الجانب المضيء في هذه الشخصية . والنهايات دائماً عنده مفتوحة على الأمل والتفاؤل كأنما يريد أن يقول لكل شخصية مغمورة بأن كل هذا العالم لا يمكن أن يختبئ خلف أي نافذة مهما أغلقها الآخرون .

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,151
    المواضيع : 318
    الردود : 21151
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    رؤية نقدية تحليلية للمجموعة القصصية( العلم لا يختبئ خلف النافذة)
    للقاص الأديب/ صديق الحلو والذي , يعبر فيهاعن الشخصية المغمورة الغائبة ,
    فهو بمقدرة الكاتب يجعلها حاضرة أمام القارئ , مجسدة أمامه .
    يتحدث عنها حديث العارف بظواهرها وبواطنها , ويصفها بمعرفة القريب منها .
    استمتعنا بتلك الرؤية وتمنينا أن يتحفنا الكاتب/ صديق الحلو ببعض قصص
    هذه المجموعة بنشرها في الواحة . ولكم كل الشكر والتقدير.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي