لا عجب في أن النيل يستحق هذه الحروف الجميلة ؛ فقد زرته مرتني ، وأرجو أن يكتب الله لي زيارته مرات ومرات؛ ألم يقولوا: من شرب من ماء النيل ، لابد أن يعود إليه، ولكن المثير أن يتحول النيل إلى معادل موضوعي عن نفس صاحبه ، وهو يبثه شكواه ، ويبعث فيه الحياة فوق الحياة..
لستُ أدري .
و لستُ أُحسِّ سوى قسوةِ الوقتِ يمضي ثقيلاً
ثقيلا.
كلانا سينظرُ في وجهِ صاحبِهِ كالمرايا..
طويلاً ،
طويلا.
هلُمَّ إذاً كي تُقاسِمَني قهوةَ الليلِ،
أغفو على موجةٍ حانيةْ .
أراكَ حزيناً ،
و حزنُكَ حزني ،
ودمعُكَ يُشعلُ أتراحيَ العاتيةْ .
لأني أعيشُ زمانَ البلاهةِ ،
عصرَ التقزمِ و الإنكسارْ.
يُقَتِّلُنا صمتُنا كل يومٍ .
و حينَ تُراق دماءُ المدينةِ ..
نبكي قليلا.
و تُغتالُ أحلامُنا كلَّ يومٍ ..
فنبكي قليلا.
و من ثَّمَ ننسى.
كأنّا شربنا كؤوسَ البلادةِ في مرقصِ الليلِ ..
حتى الصباحْ .
فيا نيلُ لا تسأَلَنْ عن قروحيَ
لا تنكأِ الجُرحَ ..
دعني أَعِشْ لحظةَ الانتظارْ .
و قم واصلِ السيرَ نحو الخلودْ.
تظلُّ كما أنت نبعَ العطاءْ
و نحنُ غثاءْ .
لله درك وأنت تصوغ الإحساس حروفا من نور..
دم يا صاحبي رائعا ومتألقا كما أنت