الحلقة الرَّابعة 4
ذات ليلة كنت في جناحي الخاص , الذي لايدخله أحد سوى سامي, وكنت أنا التي أقوم بتنظيفه والعناية به, ولم أسمح لهنيَّة يوماً بدخوله مطلقاً0
جلستُ على الأريكة قرب النَّافذة أنظر بين الفينة والأخرى من خلف الزُّجاج إلى تساقط الثُّلوج الرَّائع فوق أشجار الزَّيتون,كان المشهد يوحي بالكآبة رغم روعته ربما لأنني كنت في غرفتي وحيدة , أو لسبب آخر لم يكن إحساسي به واضحاً في هذه السَّاعة , فرحت أقرأ إحدى القصص, وأنا أحتسي الشَّاي السَّاخن, بينما كان سامي في مكتبه يراجع حساباتِ بعض الدَّ فاتر المهمة, والتي كان عليه أن ينهيها الليلة 0
سمعت دقاتِ السَّاعة في الخارج تعلن تمام َالعاشرة مساءً, أغلقتُ الكتاب و نهضت من مجلسي,ثمَّ خرجتُ من الغرفة لأحضر لسامي كأساً من العصير,وفي طريق عودتي من المطبخ باتجاه غرفتة سمعت عزَّام يقول بصوت غاضب مجهد : سأقتلك وآخذ أموالك وزوجتك ,كفاك عمراً أيُّها العجوز مت ,مت 0لم يكن خلف الباب داخل المكتب مايشير إلى مقاومة ما تجاه ماسمعته ..كدت أنهار رعباً وحيرة ..نظرت من ثقب قفل الباب فرأيت (عزام )يلقي بسامي أرضاً ياإلهي ماذا أفعل ؟إنَّني وحيدة في البيت وسامي بين يدي مجرم ,لم أعد أسمع صوتا , لقد قتله ,رحتُ أرتجف مذعورة ,حاولت اقتحامَ الغرفة ,ولكنَّ الخوفَ كبَّلني ,ربما لو علم بوجودي جاء ليقتلني ,فأنا الشَّاهد الوحيد في الجريمة0
هربت إلى غرفتي 00أغلقتُ البابَ جيدا, واقتربتُ من الهاتف ,رفعتُ السَّمَّاعة بعد أن وضعتُ كأس العصير فوق الطاولة الصَّغيرة قرب الهاتف, ولكنَّني لم أتذكر أي رقم هاتفي ,فأعدتُ السَّماعة إلى الجهاز خشية أن يكون (عزَّام) على الطَّرف الأخر من الخط في غرفة سامي 0
وضعت يديَّ فوق فمي أستجدي الدَّفءَ من أنفاسي والدُّموع قدجمَّدها الخوفُ في عيوني0
ما أصعبَ الوحدة ,أحسستُ بالغربة , بل بالنَّفي خارجَ المجتمع برفقة مجرم خطير, قد تطبق يداه حول عنقي في أية لحظة0
ياالله ماذا أفعل ؟ بمن أستنجد ؟ من سيحضر إلي في مثل هذه السَّاعة من الليل ,لم أعد أتذكر كم أصبحتْ هذه السَّاعة ُ الآن ,ومن سيأتي إليَّ يحتاج بأقل تقديرٍ إلى نصف ساعة للوصول إلى بيتنا0 دون وقت الإستعداد للخروج من البيت 0
يجب أن أفعل شيئا قبل أن يقتلني أنا الأخرى.وبينما أنا في زوبعة الخوف سمعت نقرات على باب غرفتي فارتجفتْ فرائصي رعباً وبرداً , وما لبثت هنيهة حتَّى سمعتُ صوت عزَّام يقول: سيدتي إنني ذاهب إلى المدينة بتكليف من السَّيِّد سامي أتحتاجين شيئاً من هناك؟
استجمعت قواي , ومابقي لديَّ من أنفاس وأجبته: لا,أشكرك0
لم أعد أسمع صوته, فأسرعت إلى جانب الباب أتنصَّت من خلفه, فسمعتُ دعس خطواته تبتعد فنظرت ُمن خلال ثقب القفل, فرأيته يهبط الدَّرج باتجاه الطَّابق الأرضي, تنفَّستُ الصُّعداء, ومشيتُ باتجاه سريري, وألقيتُ بنفسي فوقه باكية ,منهكة القوى, فأنا الأن سجينة ً مع رجل ميت في بيت واحد, وأنا أخاف من الموت, ولم يسبق لي أن رأيت ميتا في حياتي 0
وسط دوامة الخوف هذه, سمعتُ صوت محرِّك السَّيارة فنهضتُ لأرى ماالَّذي يحدث في الخارج ..نظرتُ خلسة من خلف السِّتار فوجدتُ هنيَّة تقف بالقرب من سيارتنا التي كان يقودها عزَّام دائما بتفويض من سامي سابقا , وهاهو الأن يستَّقلُّها دون إذن منه ليهرب من جريمته ويتركني فريسة للشُّكوك البوليسة بعد اكتشاف الجريمة فماذا أفعل؟!!
بقلم
بنت البحر
يتبع