يبيت كمال ليلته غارقا في التفكير مما رأى وما سمع ....
كيف هي الدنيا صغيرة لهذه الدرجة رغم شساعتها ....
كل شيئ ممكن فيها إذا غاب الوازع الديني ..
كيف أن الفوضى تعم عندما تغيب الدولة ويحل قانون الغاب ....
كيف يواجه كمال كل هذه التحديات من جديد ..وهل تعلم إخلاص أنها متبناة....
وأنها هي أحلام ...
هذا الأنينُ روى حكايته الصّدى***ورمى بسوْط الجهْل نبْرته المدى
أعْمى البصيرة لا شفاء لدائه*** والصدْق حادٍ بالحقيقة أنْشدا
ما الفعْل للإنسان إلا لبسةٌ ***يبدو بها لوْن المعايب أسْودا
فاخْلع عذار حيائها عن غفْلةٍ *** تجْلو حزازات بنفْسك رقّدا
نترك كمال غارقا في تفكيره ونعرج على جانب من ماضي عمي بلخير وقليلا من حياته
بعد خروجه من السجن بعد 06 سنوات قضاها اثر استفادته من قانون لتخفيف الحكم ...
تنكرت الدنيا لعمي بلخير ..خسر كل شيئ العائلة ,, العمل ..حتى رفقاءه الذين كانوا
يقاسمونه السمر والمجون ونشوة الخمر والصفقات المشبوهة لم يأبهوا له ...كيف
ومدة 06 سنوات كاملة قضاهاو لم يزره أحد بالسجن إلا صورة إبنته أحلام صاحبة السنتين
يخرجها أحيانا,, يتأمل فيها ...
ويعيدها إلى محفظته...... تلك الأيام وتلكم الأخلاء يومئذ...
نظارات المجتمع لإنسان مختلس للمال العام و...و.....
أسئلة كلها دارت في ذهن عمي بلخير وهو في غرفة السجن يعيدها يوميا ولا جواب لها
وكأنها تعجيزية في إمتحان مصيري يتعلق بحياة أو موت ....
أصيب بانطواء شخصية جعله يهذي أحيانا سلوكات غريبة لإنسان عاقل بالغ ..
إنها الحسرة وعواقبها إذا امتزجت بما علق بالنفس من شوائب الكبر والترفع وحب التسلط ...
.....في نهاية الأمر لاشيئ سوى تنكر الذات لواقع وُجدت فية فجأة وأدركت أنها ملزمة بالتعايش معه
فاصطدمت بمتناقضات ...جعلها من فئة المشردين ..المتسولين في أمكنة أخرى لايهتدي إلى حقيقته الناس
وهذا ما وجده في قرية كمال الهادئة..حيث لايعرفه أحد ...
عاش هناك متسولا يرتاد المقاهي ,,المحلات التجارية ,, المسجد ,كي يسد جوعه ببعض ما يجود به
أهل البر والأحسان بلحية شعثاء ومظهر يثير الشفقة وأسمال بالية ....وهو على هذا الحال إلى يومنا هذا ....
أيبْكي ما مضى من شرْخ عمْرٍ *** مضى فيه الهوى شحًا مطاعا
أيبْقى منْ عناد النفْس شيْئٌ*** وقد خطّ المشيبُ بها شعاعا
فلا عيْشٌ يدوم به سرورٌ*** ودين المرءؚ لا يبغؚ ابتداعا
في صباح اليوم الموالي يتوجه كمال رفقة سعيد إلى منزل حبيبة ...الذي يعرفه كال جيدا
يدق الجرس كانت الساعة 10صباحا ... يفتح ماهر الأخ الأصغر لإخلاص بعد منير وهدى...
صباح الخير هل عمي منور موجود ؟؟؟ قال سعيد
أجاب ماهر لا خرج منذ مدة .....من معي ما ذا تريدان ؟؟ .....شرطة ...قال يا لطيف ما ذا جرى ؟؟؟
يطمئنه سعيد... كانت عيون حبيبة خلف الستار تحدقان في كمال مستغربة هذا الذي دخل هذا البيت
منذ مدة خاطبا وما عاد إليه لعلمه بما حدث .. متى يعود ؟؟؟ بعد منتصف النهار كالعادة .....سوف نعود أثناءها ...
الساعة 12 دق الجرس فتح عمي منور الباب ....ااامرحبا بالشرطة وقد علم مسبقا بأمر مجيئهما...
دقيقتان على انفراد ..من فضلك وكانت حبيبة تسترق السمع خلف الستار ...
يقودانه إلى السيارة التي كانت مركونة على بعد أمتار من البيت ...
وبدون مقدمات ...يقول سعيد ..نحن نعلم أن إخلاص ابنتك بالتبني أليس كذلك ؟؟..
يقاطعهم ما ذا تقولون بما ذا تهذون ؟؟؟ أظنها مكيدة قام بها هذا الشاب يقصد كمال اني اعرفك جيدا..
يستغفر الله كمال ..ولم يتفوه ببنت شفة..
عليك أن تقر بالحقيقة وإلا أنت تعرف القانون....أي حقيقة إبنتي ويذهب إلى الدار مسرعا يأتي بالدفتر العائلي
ويقول هاكم اقرؤا جيدا ....ابنتي سبحان الله ...في هذه الأثناء تتوقف سيارة تنزل منها إخلاص ..
كانت كعادتها في الجامعة ....
وقع بصرها على كمال تقف لحظة ثم تلج المنزل والحيرة تعصر قلبها ....
تسارع الى إطار النافذة لتراقب مايجري عن كثب..
..سعيد لدينا دليل يثبت صحة ما نقول..الحاجة نسيبتك ....اااااا تصدقون عجوزا شمطاء جاوزت السبعين
وتكذبون وثائق ثبوتية أي دولة وأي منطق هذا ؟؟؟...
غادر كمال رفقة سعيد المكان بعدما أخذا رقم هاتف عمي منور على أمل أنهما سييعودان في اليوم الموالي ...
كيف لهذا السر الدفين أن يحيا بعد أكثر من 20سنة كم قلت لتلك المغفلة أمك أن تصمت وقد أعطيتها
كل ما تريد مقابل صمتها ..كيف لها اليوم أن تبوح به ؟؟؟ يقول في نفسه..
تبتسم إخلا ص بعدما علمت بأمر قدوم كمال وصديقه ضحك الواثقة من نفسها
... تلك هي عادة الرجال ينتقمون ويتلاعبون بأعراض الناس ....لكن في قرارة
نفسها شيئ ما يحزها..
خصوصا وأن جدتها شاهد في القضية....لكن سرعان تفند هذه الخرافات
لعجوز فاقت السبعين تهذي بما لا تعرف...
لكن الأمر عند منور أخذ مبلغ الجد خصوصا وأنه وصل إلى الشرطة ....
جلسة طارئة رفقة حبيبة تناولت الموضوع على ترقب لما يحث في قابل الأيام....
إنها قضية تزوير يا حبيبة ونحن الاثنان شريكان في العملية ...زد على ذلك الفضيحة
والعار ....
..بين أخذ ورد ...يتناول عمي منور المحمول كانت الساعة تشير الى الواحة بعد
منتصف الليل يبحث عن رقم كامب يهتف يرن الهتتف ...بعد محاولتين او ثلاث ..
يفيق كمال : الو من ..؟؟
عمي منور ....ما الأمر؟؟ ...إسمع يابني بالفعل إنها قضية شرف ومحاكم وبهدلة
سأعترف
ساعترف بكل شيئ لكن أتمنى أن تقف الأمور عند هذا الحد ....
إخلاص ليست ابنتة صلبي والحقيقة تعرفها ...كانت أمها حبيبة وراء كل هذا ...
لكن كيف يمكن لحبيبة ومنور إقناع اخلاص بأمر كهذا وما الداعي لإخفاء سر كهذا
طيلةهذه السنوات ..ردت إخلاص في ذهول ...تنهار ...تذهب إلى غرفتها تغلق الباب
طيلة يوم كامل لا تفتح الباب لا غداء ولا ماء إلا الدموع والحيرة ...
حبيبة تدق عليها الباب لتعرف ما ذا يجري كان مغلقا بالمفتاح ....الهاتف لاترد ...
وهنا لابد من فتح باب غرفتها عنوة وبأي طريقة ,, تدخل ماهر أخوها بضربات متتالية كسر الباب
كسر الباب وجدوها مغمى عليها ...تنقل على جناح السرعة لمصلحة الإستعجالات إنها
محاولة انتحار فاشلة كادت تودي بحاياتها إثر تناول جرعات من محلول سام ....
بعد خروجها من المستشفى بقت في حيرة تساورها الشكوك ربما وربما ...
لم تصدق ما حصل ..بعد كل هذا العمر ...أمها حبيبة جفت عيناها من
الدموع وتورمتا احمرارا..
البيت حل به الصمت لساعات ....
يخلو عمي منير بإخلاص ويروي تفاصيل السر المدفون ولكنها لم تقتنع بعد...
في صباح الموالي رافقها إلى المستشفى لفحص الحمض النووي وإثبات صدق اقواله
تصوروا ...كانت نتائج التحليل شئ لم يكن في الحسبان ...عمي منور عقيم 100/100
بمعنى أنه غير قادر على الإنجاب إطلاقا ....يقرأ في ذهول النتيجة ..
يغادر في لمح البصر المستشفى تاركا وراءه اخلاص لوحدها .....
ترى اين تكون وجهته.....؟؟؟
أنا الواقفُ الحيرانُ يـُلْجمه الآسى*** ثبورا ودمعُ العين يسفحُ جاريا
وما كنت ممن يبلغ العارُ عرضـؘهُ***ولا ناكثا للعهد ياتي المخازيا
ولا فاحشٍ دون الخلائقؚ همّه*** ويغدو بأذيال الخنا متعاليا
وما الشعر الا ترجمانُ نهايةٍ **** روتها مقاديرٌ فأذعن صاغيا....
تابعونا في الجزء الخامس من القصة ....
حيــــــــــــدرة ..... يتبع