وَفِي الْغرْبَة يتوَهَّجُ الحَنِينُ ..! خرَجَتْ وَقلبُهَا يتقاطرُ شَوْقًاً وَحَنِينًا، وَوَجْهُهَا يَزْهُو خَجَلاً، وَفوْقَ عَيْنيْها تَسْبلُ الْجُفُون، سَألتْهَا جَارَتُها إلَى أيْنَ سَتذهَبين يَا أنْتِ؟ قالتْ وَالأفُقُ يُمَزِّق عَيْنيْهَا: ابْحَثُ عَنْ ذَاتي الضَّائعَةِ في أرْجَاء المَكان، أنَا غَرِيبة فِي بَيْتي!. أنتِ يا أنتِ لسْتِ غَرِيبَة، لكن مِنْ حَقك أنْ تحْلمِي وَترْكَبِي صَهْوة الطُّمُوح رَاحِلَةً، قَالتْ: مَا فكرْتُ فِي هَذا ! إلا عِنْدَمَا توَغلْتُ في مَتاهَات النسْيان، وَصَار قلبي مَسْكُوناً بِالوَجَعِ، شَطَائِرَ أنتَشِلُها من هَاويّة الوَقت، أجُوبُ الحُقول المَعْروشَات بالزَّهْر، الْمَليئة بالعُزْلة، وفِي الصَّمْت أتغَنى الغُربَة مُدَندِنَة، سَيْلاً من الأسْئلة تنهالُ على رَأسي، ولا أجِدُ لهَا جَوَابًا، أزهَاري مُحَاصَرَة على الرَّوابي المَهْجُورَة، تَعِيش مِثلِي غُرْبَتهَا، ولا تمْتدُّ إليْهَا الأيَادِي النَّاعِمَة تُدَاعِبَها لطفا..الغربة تتيحُ لنا فُرصَ التأمُّل فنكتشف مَا بدَوَاخلنا، لنرَى خلف الأفق مَزارِعَ الحُب واشْتِهَاء صَخَب الطفُولة، في الْغرْبَة الحُبُّ الْعَفيف يَكبرُ كَالضَّوْء. مهلا يا عزيزتي سَتظلُّ الْكَلمَاتُ الدَّافِئَة جِسْرًا لتوَاصُل الأرْوَاح. أجل.. فِي أقَاصِي الْقلُوب وُدًّا تحْمِله الذِّكرَيَات، وَفِي الغُربَة يتوهَّجُ الحَنينٌ.