إهــداء
أحبكِ .
كــاذب !!
أعلم جيداً أنكِ سترمينني بها , كما سيرميني أي شخص سيقرأ قصتي هذه .
... و لكني لن أجيب , سأترك عشقي المُنساب من كلماتي ... يجيبكِ .
كاذب .!!
أعلم جيداً أنكِ لن تنعتيني بها , عندما تري صدقي البرئ.
أحــمــد
هـل كـان حـلـمـاً ؟!!
قصة رومانسية
بدون أي مُقدّمات , كُنا سوياً في أحضان الطبيعة , واقفين ذاهلين أمام الزُرقتان ؛ زُرقة السماء و زُرقة البحر . و على امتداد البصر كان اتساع البحر , و أمواجه المتلاطمة , وتحت أشعة الشمس التي كانت تنير تلك اللوحة الربّانية البديعة, حيث الأخضر أخضر والأزرق أزرق و الأصفر أصفر . هناك لحظات يشعر فيها الانسان بمعنى الألوان , و إلا فلماذا تساءلت سراً : " تُرى ما لون النسمات التي تلاطفنا ؟!! "
لم يكن هناك بشراً سوانا , و عبر المساحات الخضراء سرنا في بطء ذاهل , في خطوات مُرتبكة , و كأننا قد سقطنا في جنة الله في الأرض . البحر الأزرق بأمواجه الجميلة و تحت السماء الزرقاء الصافية , و المساحات الخضراء من حولنا , و رمال البحر الذهبية تجثو تحت قدمينا , و ... و هي !!
كان الانبهار يملأ عيوننا الغير مُصدقة لما نراه , كيف لي أن أصف دخول حبيبين داخل لوحة مُعلقة على الحائط ظلا يتأملاها طويلاً ؟!!
كان الصمت يغلّف الأثير من حولنا إلا من صوت الموج المحبب في نفسينا , كان ذلك يزيد شعورنا بالرهبة , حتى أننا قد نسينا الكلمات و نحن نقف جنباً إلى جنب أمام البحر , وكأننا نخشى أن ندنّس براءة اللوحة بصوتينا.!!
تركتني تعدو إلى ذلك السور الصغير الفاصل ما بين المساحة الخضراء و بين الشاطئ , ثم توقّفَت أمامه تنظر إلى البحر , قبل أن تلفت إليِّ في تساؤل برئ . كنت أعلم أنها تُحب السير على ذلك السور الصغير, و كيف أبقى سـاكناً دون أن أُضفي البسمة على قـلبها ؟. ابتسمت لها ... فأشرق وجهها بابتسامة صافية قبل أن تصعد إلى ذلك السور متكأة على كتفي , وكأنها تود أن تستمد مني حنيني و صلابتي , كان الزمن متوقف في قلبي برغم تأكيد ساعتي مرور أقل من ثانيتين .!!
عفواً ... ما الزمن سوى دقات نبض قلبي, ودقائق عشقها , و ساعات حبها ؟!!
عندما حَطّت قدميها على أرض السور , كانت تنظري لي من عليّ , وأنا في الأسفل أتطلع إليها , كقمر يضئ حياتي , كعاشق مُتيّم ينظر إلى نجمة المساء .
كنت أسبح في بحر عينيها العسليتين في استمتاع , لم يكن هناك حديثاً بيننا , إلا أن النظرات كانت تكفي ... تماماً .
بين مروج قلبها (البرئ) اخضراراً ... رَكَضت , وعبر أثير حبها ( الصافي ) نقاءاً ... سَبَحت . كيف تكون قلوبنا بدون حب نروتيه , وكيف تكون الحياة بلا رجل و امرأه , و بلا قلب و قلب , فهل بلا احتواء تكون حياة ؟!!.
كان الحب مُجسّداً أراه في محياها الجميل , تنظر لي في حياء ممتع , و حمرة الخجل تبتسم على وجنتيها . أمسكت يدها , لتمشي هي أعلى السور وأنا بجواره , تهرب في خجل من النظر إليّ . كنت أشعر بقلبها ينبض في عنف من خلال عروقها الساكنة في كفّي , وكأن كفّي وطناً لها.
و هل في الدنيا مكان لا ينتمي إليها؟ .. وهل لقلبي وجود دون أم يرتوي بها؟!!
حاوَلت أن تُفلت يدها من يدي , لتعدو على الصخور تجاه الشاطئ , ولكني ضغطت على يدها في رفق حازم , و صعدت على السور في خفة ثم قفزنا سوياً إلى الناحية الأخرى , لنهبط إلى الصخور حيث الموج . كادت المياة أن تغمر قدمينا , ونحن في وسط البحر فوق تلك الصخرة .
تركتني و هي تنحني لتسمع صوت همس الموج للصخور ,
و نادتني سائلة :" أتسمع همس البحر "
- سألتها في حب " بماذا يهمس يا حبيبتي ؟"
- قالت " إنه يهمس لي بارك الله حبكما "
ابتسمت و أنا أتظاهر بالانحناء أكثر قائلاً في دهشة مصطنعة :
" إن الموج يُخبرني أنكِ تُحبينني "
قالت في مرح : " أيها الموج .. أخبر حبيبي بأنني أحبه حباً فاق الخيال "
قلت أنا الآخر في غيرة طفولية " أيها الموج .. أخبر حبيبتي .. أنني أحبها حباً يغار منه العشاق أجمعين "
و ظللنا نعبث مع الموج في مرح طفولي , قبل أن نعود أدراجنا إلى السور مرة أخرى , قبل أن ننتقل إلى تلك الحديقة الصغيرة المُطلة على البحر .
و كأن الحديقة كانت تدرك حلمها .. و إلا فلم ظهرت تلك الأرجوحة ؟؟!
أخدت هي في العدو تجاه الأرجوحة كفراشة تطير برقة , و أنا أعدو خلفها قبل أن تجلس عليها , و أخذت أدفعها من الخلف , و هي تتأرجح في سعادة والنسمات تداعب وجهها الرقيق .
ثم تركت مكاني سريعاً لأقف أمامها و أتأمل براءتها و ضحكتها الطفولية , كانت ضحكتها شمس يشرق بها وجهها و ينير ما حولها . ألا يحق لي التساؤل " لماذا لا يشرق الكون بضحكاتها إذن ؟!!"
آه لو تدري كيف تتراقص شفتاي .. على ضوء ابتسامتها !!
بعدها توقفنا أمام البحر مرة أخرى .. و أخذنا نعابثه بقذف الأحجار في مياهه , كيف كان كل هذا الجنون مختفياً داخلنا دون أن ندري ؟
فرس أبيض !!!
من أين جاء ؟!! ... لم يكن هناك مجال للأسئلة .!!
امتطيته سريعاً ثم رفعتها لتجلس أمامي و أنا أركض بها كفارس عربي يختطف أميرة من قصر أبيها , كانت خصلات شعرها الأسود يداعب وجهي كليل يداعب وجه السماء .
وصلنا الحفل أخيراً ... حفل ؟!!
متى حَلّ الليل ؟!!
كان المساء مُختلفاً تلك الليلة .. كيف المساء بلا نجوم ؟ .. وكيف الكلمات بدونها ؟!!
و بدأ الحفل .. فتقدّمنا في تؤدة ونحن نتأمل الكون الذي ينظر إلينا
هل تَحدّثت إليها ؟؟!! .. يبدو أن قلبي قد فعل !!
قلت هامساً : " حبيبتي .. "
نظرت لي بعينين شاردتين .. دون أن تتكلّم
تدافعت الكلمات مني بلا استئذان :
" لماذا أشعر بأنني أسير فوق السحاب و أنتِ جواري , وكأن الحفل ينظر إلينا , هل لأن قلوبنا تفضحنا ؟
و كيف تختفي الناس من حولي , ولا أجد سوى صورتكِ أمامي ؟. وكيف تتجسد السعادة لأراها على محياكِ و على جبينكِ و على شفتيكِ الدافئتين و على وجنتيكِ الناعمتين.
و أرى عبارات الحب تسبح داخل عيناكِ العسليتين تحاول الهرب إلى شاطئ عيناي , فلا يمنعها سوى هروب عينيكِ من عيناي في خجل ممتع.
و تسرع يدي لتحتضن كفكِ الرقيق كصدفة تحتضن لؤلؤة مضيئة , و تلمسها بحنان أشعر بدفئه يصل إلى أعماق قلبكِ الذي يحاول عبثاً الهروب من داخلكِ بجناحه الوردي , وتداعب أناملي ملمسكِ السحري لتعزف مقطوعة حب اسمها .. أنتِ .
ألملم حبي وعشقي و اشتياقي و أضعه في عقد من كلمات هيام وغرام , لأزيّن به عنقكِ الجميل , وأظل أنظر إليه عن بعد في شرود , وأرى بعين الخيال أنني أمد يدي لألتقط يدكِ الرقيقة لأراقصكِ في هدوء على ضوء القمر الفضي , وتتطلع إلينا النجوم في ابتسامة ليل مضئ , وتنظر إلي عيوننا التي تتناغم مع موسيقى الروح النابعة من قلوبنا , ويملأ الحنين الدافئ المكان فتضعي رأسك المتعب من عمرٍ ماضٍ على كتفي , وتغمضي عينيكِ في نعومة لتستكيني , و أشعر بأن روحكِ تبكي في سعادة وهي تحتضن روحي . "
التقت عينانا في حبٍ صامت , ثم اقتربت هامسة في أذني - " أحبك" .
حاولت أن أهتف .. أن أصرخ .. أن أحتضنها .. أن قول "أحبكِ"
إلا أن حنينها المتدفق منها ألجم لساني , و التقت عينانا اللامعتين من دمع مترقرق , قبل أن تتعانق روحانا عبر كفـّـينا .
و على حين غفلة ... اختفت .
و اختفى البحر و الشاطئ والأرجوحة و الفرس و الحفل ...
و تاهت الألوان ...
أخذت أبحث عنها كالمجنون ...
أخذت أصرخ .. ابقِ ..أين أنتِ ؟
لم أجد من يُجيبني .. هل كان حلماً إذن .؟؟
نعم , تمنّيت أن تختفي الناس من حولي . نعم تمنّيت , لو نكون وحدنا بين أحضان الطبيعة . نعم , تمنّيت أن نرسم جنوننا على جذوع الشجر , و نقذف ضحكاتنا مع قطع الحجر التي نلقيها في الماء كي يبتسم البحر . نعم , تمنّيت أن نهمس للموج , وأن نعدو كالأطفال على الرمال حتى يلحقنا التعب ؛ فنجلس على الرمال نتنفس بتتابع متسارع وسط نسمات البحر اليودية . نعم , تمنّيت أن لا أرى نظرات السخرية في عيون المتطفّلين , و أحملها جالسة على كتفي . نعم ,تمنّيت أن أصرخ في الهواء الطلق " أحبـــــــكِ " .
لكم تمنّيت و تمنّيت . ولكني , لم أتمنّى أبداً أن تختفي بعدها هكذا ..
بألوان قلبي كتبت رسالة إليها على فضاء الكون
" لا تختفي عن سماءٍ مَلّت قمرها ... ولا تبغي سواكِ قمراً "
حبيبكِ الأثير
أحمد فؤاد