التحدي الصعب
أمواج الظلام بدأت باحتلال أجواء غرفتي, فارضة سكونها الرهيب على المكان....أسمع أنفاسها بكل وضوح, الرأس تحت قدمي, حتى إذا حركت رجلي أفاقت, نصف استلقاءة لها , فقدماها على الأرض.... أتمنى لو أتململ في ظلمة هذا الليل ودفء هذا الفراش, لن أفعل..فالأمر أكبر من موضوع أمنية حزينة,
وهذه التي آثرت ضيق المكان تحت قدمي على أطفالها وزوجها!!.. نامي ابنتي , فلن أحرك لك موضع رأس.
حتى الخدر يعرف الليل مثلي فيتسربل في حلكته, ويركن في أطرافي منتصرا علي بعدما جهلته مذ خطت قدماي على الأرض....لا أحب الهزيمة...وأمقت الاستسلام , لكنها كانت الأقوى...تلك الجلطة المقيتة, التي أوجلت القلب ومست الدماغ,لكنها لم تذهب بما أعيه.
إنها تتململ تحت قدمي... انا أصمت عن الصمت, لن أوقظها , لا زال أمامي الكثير لأستعين بإحدى بناتي...الثقل يزداد ..المقاومة تضعف...قد ثقلت يدي تماما ..أقرصها بالأخرى فلا تبدي إجابة..لن أستسلم ونبض في قلبي!!
يبدو أن التفكير يثير العطش..ها هو الماء أمامي..ألمحه ينتظرني رغم الظلام...لكنها تخونني ..ما بها الأخرى؟؟ إنها قدمي تعلن تعاضدها السلبي مع يدي!!مرة أخرى لن أهون أمام كل الضغوط...لن أدع جلطة تنال مني..سأستفز كل خلية باقية من دماغي لتهاجم ذاك المتسلل الثقيل..سأستفزها لتحرك تلك الشعيرات الحساسة في أطرافي الواهنة-الأعصاب!!..هكذا أخبرني عنها طبيب العلاج الطبيعي الذي يزورني يوميا.
إنه يؤلمني , ولكنه يسعد لذلك..عجبا يسعد لألم الآخرين!يبرر سعادته بأن ذلك الألم من بوادر أمل كبير بالشفاء.......
الماء ..الماء..لا زلت عطشى ..هلا يصمت هذا الدماغ المريض ؟أو يأتيني بالماء؟
أمد يدي السليمة ما استطعت... الكوب أبعد مما تصورت ..لماذا تخدعنا الحواس أحيانا؟ لماذا لانستطيع مط أطرافنا ما استطعنا؟
دعني من هذه الترهات
ريقي يجف ..الماااء !!ها قد مر أسبوعان على هذا الحال..قلق دائم في الليل وقلق لمن يتطوع بالبقاء عندي ..لن أوقظها ..لم تنم الليلة الماضية إلا قليلا..آنسني جلوسها معي وحديثها إلي..هل أوقظها لأتسلى.؟؟!!.
إنها الأنانية تنتصب في ذاتي ..سأرقدها ..نامي بنيتي .
والماء؟؟؟؟
قدمي السليمة لن تخذلني , وأحركها ..نعم أنا متأكدة أنها معي.. سأستفز أختها الساكنة
أركز أكثر ..سأصمت يا نفسي قليلا ليتسنى لي استثارتها بقوة..سأحرك ذاك الخيط أوالعصب الذي يربطها..ها... إنني ألهث تعبا...عطشا... لا ..لا مرة أخرى يا نفسي ماذا؟ أشعر بها تتحرك؟؟؟نعم إنها الحركة التي أعرفها!!..هل أوهمتني كذبا بالعجز طيلة هذه المدة؟؟
لا وقت للأسئلة والعتاب الآن إنها تتحرك بلا شك...هل أصرخ؟ هل أضحك؟ هل أبكي؟؟؟؟؟هل أزغرد؟؟؟؟؟؟؟؟؟ لا لن أوقظ ابنتي
سأنتصر الآن بإرادتي... سأتجه مباشرة نحو الكوب الذي يناديني ..سأنزل هذا السجن العالي الذي منعني من النزول... ومنع الصغار من تسلقه نحوي..سأنزل الآن !!
ها قد .........
وارتطام يقطع حبل الأمل الوحيد لإمرأة أقصى أمنياتها في هذه اللحظات ....كوب ماء!!!!!