مِنْ أهمّ الحقائق أنّ اختلاف الأديان والمذاهب والأفكار ... هو سُنّةٌ كونية لا مناص منها ؛ فإرادة الله اقْتَضتْ هذا كما قال الله في القرآن { ولا يزالون مختلفين .....ولذلك خلَقَهم } ومَنْ يُحاولُ أنْ يُلغيَ هذه الحقيقة فهو يتحدّى سُنَنَ الله الكونية .
والاختلاف لا يعني بالضرورة اختلافَ القلوب ؛ لأنّ الأديانَ والمذاهب إذا لمْ يكنْ مِنْ مُقَرَّرَاتِها المحبة للجميع فمآلُها إلى الزوال والانحلال .
ـ إنّ اختلاف الأديان هو آية كونية من الآيات الشاهدة على وحدانية الله ؛ فقدْ جاء في القرآن { ومِنْ آياته اختلافُ ألسنتكم وألوانكم..} إنّ هذه الآية الكريمة تؤكدُ لنا بوضوحٍ أنّ الله يتجلّى لمخلوقاته عَبْرَ التنوّع في الألسنة التي تختزنُ كُنوزا معارفية وأدْيانا متباينة ، ويتجلى أيضا عَبْرَ الألوان البشرية ، وشتّى التمايزات والأضداد المبثوثة في الكونِ الفسيح .
فكلُّ شيءٍ في الحياة متعدّدٌ ؛ بَدْءًا مِن السماوات الُعلى إلى الأرضين والأنبياء والمرسلين والشعراء والمصلحين والمفكرين ...
الواحدُ الأحدُ هو الله الصمدُ المُنزّه عن التعدّد والانقسام والعوارض التي تَعْتَوِرُ المخلوقات ، لأنه ـسبحانه ـ واجبُ الوجود ، وما سواه مفتقرٌ إليه ..
لماذا يصرُّ بعض علماء الدين على أنْ يَفْرِضُوا لوْناً واحدا من التديُّن ؛ مُتناسِينَ أنهم يعْملون ضدّ مقصودِ الله الذي أرادنا مختلفين في العالَم المشهود ؟!
إنّ تنْمِيطَ البشرية بِلَوْنٍ واحدٍ يُنافي سُنَن الله ؛ فالعبارة القرآنية صريحة في استبقاء الاختلاف { ولا يزالون مختلفين } .
ولا شكّ أنّ الإصرارَ على فكرة التنْميط والقوْلبة سوفَ يقودُ عالمنا العربي والإسلامي إلى حروبٍ دامية ، كما حدث لأوروبا في عصور الظلام .
فاعتبروا يا أولي الأبصار .
اللهم نسألك تنوير الدروب ، وستر العيوب ، وكشف الكروب .