أنهيتُ يوماً العمل ,بشيءٍ من الملل,
فأنهكتني الحيل, وأصابني الكلل,
وسئمت من كثرة السؤال,
ومناوبة العيال ,فعملي بقْال,
أبيع السكّر والسمنْ, ودقيق العجن ,والساقِعْ والسُخْن,
وأكياس الشيبسي والبسكويت, والسجائر والكبريت,
واللانشون والرومي, ومكرونه الإندومي,
وسميك الفطائر والرقيق, وكذا الصابون والمساحيق,
فأوصدت الأبواب, ومشيت كالاغراب,
فجراً وسطْ الضباب, ولم يصادفني كهلاً ولا شابْ,
يثُقل النومَ جفوني والأهداب, وأثناء السير سال ترياقي واللُعاب,
وسمعت صوتاً كالإعطاب, يصدُر من معدتي وكأنهُ عِتابْ,
يفيد أنها خوّاء, إلا من الماء,
فَتَخيّلتُ أنََََْ الفحمْ قد وُلّّع, وأن اللحمْ قد جُمّْع,
وبكلِ رفقٍ تَقَطّعْ, وعَلى الأسْياخ تربّعْ, فرَأسي من الجوُعِ تَصَدّع,
وأثناء التفْكير, أسرَعتُ بالمسِير, فوصلتُ إلى المنزْل,
لأجِدْ بعضَ الخُبْز والمخللْ, وقطعةَ جُبنٍ وبعض الفِلفِل,
ما تخيلتهُ قد تحوّلْ, تغير بالواقع وتبدْل,
فما عسآيَ أنْ أفعلْ,
على الفوُر إستدرت, وأسرعت فنزلتُ,
الى الشارع وهممت, فلا ماءٍ شربتْ, ولاطعامٍ أكلتْ,
ففكرت, ثم قررت العودة حيث جئت,
فعاودتني الأفكار, الفحمْ والنار
ودخان الشي والغبار, وأضلاع الماعز وريّش الأبقار,
فبطني تقترس,تهجوني وتفترس,
فكمْ ذلّ الجوع أفواه, وعقلي تركني فتاه
في سيخٍ استرّخت عليهِ شاة, فحينها أدركتني الصلاة,
فاستتر الجوع,وسلمْ مؤقتاً بالخضوع,
فاستدرت نحو المْسجِدْ, أُصلْي وأعبُد, أركع لربيّ وأسجُدْ,
ثم فرغنا من الصلاة,وانتهت المناجاة,
فلا حول ولا قوة إلا بالله, له نخشع , وبه نقْنع,
وأعمالنا بإذنه تُرْفع,وبتسبيحهِ نشّبع,
وكل من في الكون لهُ يخضع,
ثم خرجنا أفواجا, فراداً وأزواجاً,
بنفوسٍ علتْ إعراجا,ووجوهٍ نَضُرتْ ابتِهاجا,
فعلي الفور, شعرت بالخير, وابتعد عني الضير,
وذهبتُ الى المنزل, أأكل الجُبن والمخلل,
واستبينت أن هذا قدرٌ مُنزْل,
فنحنُ قومٍ نقْنع, وإنْ أكلنا لا نشْبع,
وفجأة سمعْت أمي تُناديني , تُريد أنْ تُسقيني,
فقد أصابتني نوبة سُعال,فاستيقظت في الحال,
واكتشْفت أني لسْتُ بقال,
من مخاطر
رضـــــا مصطفى