قراءة في كتاب :
فوائد الخيار لمن يستيقظ منتصف النهار !
الكاتب : احمد باشا " الحفيد "
تاريخ الصدور 3/ 2006 عن دار الخرفان / دمشق .
***
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى من اتبعه باحسان .وبعد :
تعج المطابع في الفترة الاخيرة بما يثير العجب العجاب من اصدارات فكرية وادبية مختلفة واصبح عدد الشعراء العرب اليوم يوازي تقريبا عدد المجندين في الجيش الصهيوني تقريبا واذا اضفنا اليهم كتاب القصص والروايات العربية والمحسوبين على الادب ( وما ندري أهل ادب هم ام عكسه حقيقة ؟! ) فان عددهم الصحيح يقارب في الحقيقة بحسب الاستطلاعات الاخيرة لمراكز البحوث والدراسات عدد افراد الجيش الصهيوني بما فيه (جنود الاحتياط ) حوالي (250) الف جندي تقريبا جاهزين في اي لحظة لخوض معركة حديثة بكل الاسلحة والمعدات المادية والمعنوية .
***
في عرض سريع لمحتويات الكتاب ومواده المميزة والغنية بالاسقاطات التاريخية والفكرية التي واجهت الامة سابقا والتحديات المختلفة التي تواجهها الان .ولعل اجمل المقاربات كانت في طريقة عرض الكاتب للاحداث التي جرت في بغداد والايام الاخيرة للعصر العباسي والتحولات السياسية والاقتصادية والثقافية وعلى جميع المستويات الخاصة والعامة للمسلمين في المنطقة وسيطرة الحشاشين على القوس مابين البحرين وشمال غرب ايران الحالية الى الرها والشام ومصر .
صورة لقلعة الموت منطلق الحشاشين في العصر الصليبي الاول جنوب غرب بحر قزوين اليوم حيث تمكن قائدهم الحشاش المعروف باسم " حسن الصباح " (ت 1124 م) من الاستيلاء على قلعة ألموت (جنوب غرب بحر الخزر , قزوين حاليا ) و الجبال المتاخمة لها. و منها بدأ في شن غاراته على شمال إيران و دولة السلاجقة بالخصوص. بعدما أن تملك أتباعه بالمشاعية في ( المال والنساء) والحشيش ، و ابتداء منذ سنة 1092 قام المجرم حسن الصباح بدفع الحشاشين من اتباعه بشن حملات انتحارية . مزودين بالخناجر المسمومة بهدف رئيسي كان اغتيال قادة المسلمين وارهاب العلماء (قصة العالم الطبيب ابو بكر الرازي معروفة معهم ) و كل من كان يبدي معارضة لمذهب هذه الطائفة الاجرامية . والتي قامت لاول مرة في التاريخ الاسلامي ( بهدم الكعبة وسرقة الحجر الاسعد لمدة 22 سنة وقطعوا خلالها الحج على المسلمين وسفكوا دماء عشرات الالوف من المسلمين فيها )!
قلعة مصياف/ سورية . احد اهم مراكز انطلاق الحشاشين الاساسية في بلاد الشام
زعيم الحشاشين المجرم " الحسن الصباح " كما تخيله احد الرسامين الاوربيين
قدم الكاتب صورا لايمكن نسيانها مطلقا باسلوب شيق لنماذج من المخترعات العصرية التي امتلكها الناس تلك الايام وصول البارود الى المنطقة اضافة الى (النار الاغريقية ) التي سنكتشف في الصفحات التالية مزيدا من التفصيلات عنها (خرق مغموسة بالنفط او "القار " المستخرج من شمال العراق) وربما يمكننا هنا اعتبارها الام الحقيقية لقنبلة مولوتوف الروسية ! والتي تستخدم الان على نطاق واسع في دول العالم وفي مناطق النزاعات والقلاقل اضافة لكونها سلاح (الفقراء ) و " الهمج " احيانا !
يضيف المؤلف صورا واخبارا عديدة لكيفية اكتشاف النار الاغريقية واستخداماتها وهذه واحدة منها وقد قام الصليبية القدماء بالقاء كميات هائلة منها بالمنجنيقات على اسوار القدس الشريف قبيل اقتحامها وذبح الالاف من المدافعين عنها و المحاصرين من اهلها المسلمين والمسيحيين تلك الايام على يد مجرمي عصور اوربا الوسطى واتباع البابا Gregory vll غريغوري السابع (1037 - 1085) صاحب اولى الدعوات للحملات الصليبية على المسلمين بعد ان استنجد به ملك بيزنطة ميخائيل السابع بارابنيسز " Michael vll parapinaces" لانقاذ اسية الصغرى من العثمانيين وأسرع جريجوري السابع لتأليب ملوك الكاثوليك وأمرائهم، غير أن عجلة الصراع بين المسلمين والفرنجة قد توقفت بسبب النزاع بين الكنيسة وملوك أوروبا، حتى إذا ما عادت للبابوية قوتها بعد موت هنري الرابع " Henri iv"، تطلعت البابوية إلى تأسيس حكومة في الشرق تجمع بين السلطتين الزمنية والدينية، ولذا كانت الحروب الصليبية من تدبير البابوية، حيث اتخذ البابا أربانوس الثاني " urbanus ll. _
_1099_1088 م ، المعروف بتعصبه ضد المسلمين، عندما كان راهبا لدير " كلوني " ، والذي غذى بحقد غير مسبوق الحرب على المسلمين في الأندلس، وحاول الاستفادة من شكاوى الحجاج إلى بيت المقدس 1070، ذريعة لحرب المسلمين، وكان هذا البابا يرى بأن وظيفة البابوية الأساسية هي القيادة العليا للحرب المقدسة، ثم أن الحروب الصليبية هي بمثابة سياسة البابوية الخارجية، فهي التي تديرها وتتحرك وفقها، والبابوات هم الذين نظموا الحرب ووجهوها.
اوربانوس الثاني urbanus ll يدعو بحماسة شديدة للحرب المقدسة ضد المسلمين 27 نوفمبر 1095 في المجمع المسكوني Synode von Clermont لرجال الدين الكاثوليك في مدينة كليرمون فران Clermont-Ferrand الفرنسية بالقرب من ليون وسط فرنسا والصورة ادناه له ايضا مطلقا " صكوك الغفران " للمستجيبين لدعواته والصورة ادناه له ايضا
صور زينت بها بعض صفحات الانجيل لدى بابوات روما في الفترة التي سبقت انطلاق اولى الحملات الصليبية على الشام تظهر الدعوة المباشرة لقتل " الكفار " اجدادنا المسلمين " !!!! الذين زعمت بروباغندا اوربانوس انهم احتلو مهد السيد المسيح وتخليصه وتحريره منهم !!!!
وهنا صورة اخرى تظهر السيد المسيح عليه السلام والسيدة العذراء مريم عليهما السلام باكية لوقوع كنيسة المهد تحت يد " الكفار " اي (نحن المسلمين ) !!!! رسمت في عهد الامبراطور الجرماني اوتو الثالث Otto III. عام 1000 ميلادي تقريبا
تظهر الاجزاء الثلاثة للوحة المرسومة حوالي عام 1200 ميلادي في انجلترا -اسبانيا
الجزء الاعلى لمجيئ السيد المسيح وهدم المعبد
الجزء الاوسط تمثل القضاء على اليهود اعداء السيد المسيح
الجزء الادنى تظهر انتقام الصليبيين واسلة انهار الدماء في المدينة المقدسة !
***
ولاشك أن هناك عوامل أخرى سياسية واجتماعية واقتصادية، أقوى من العامل الديني، وبخاصة القضاء على هجمات الفايكنغ على جنوب اوربا وتحولهم للمسيحية وبروز الحاجة لدى ملوك اوربا والبابوية الى عدو لتوجيه قوى مئات الالاف قطاع الطرق والمجرمين اليها .... وراء هذه الحركة الصليبية، ولكن الزعماء والقادة عمدوا إخفاءها وراء هذا الستار الديني البراق لإثارة الشعوب وجذب الأنصار.
جاءت بداية الحروب الصليبية في فترة كانت فيها اوروبا قد تنصرت بالكامل تقريبا بعد اعتناق الفايكينج والسلاف والمجر للمسيحية .فكانت طبقة المحاربين الاوروبيين قد اصبحوا بلا عدو لقتاله ، فاصبحوا ينشرون الرعب بين السكان ، وتحولوا الى السرقة وقطع الطرق والقتال في ما بينهم ، فكان من الكنيسة ان حاولت التخفيف بمنع ذلك ضد جماعات معينة في فترات معينة من اجل السيطرة على حالة الفوضى القائمة .وفي ذات الوقت افسح المجال للاوربيين للاهتمام بموضوع الارض المقدسة التي سيطر عليها المسلمون منذ عدة قرون ولم يتسن للاوربيين الالتفات لها لانشغالهم بالحروب ضد غير المسيحيين من الفايكنج والمجريين الذين كانوا يشكلون المشكلة الاقرب جغرافيا سابقا ، وكذلك بدأت الكنيسة تلعب دورا في الحرب الغستردادية في اسبانيا ، حيث قام البابا الكسندر الثاني عام 1063 بمباركة المحاربين الذاهبين الى الاندلس ، الامر الذي لعب دورا كبيرا في تكوين فكرة الحرب المقدسة.
كذلك كانت جذور الفكرة الصليبية قد بدأت بالظهور عندما بدات البابوية تنتشر في الاوساط الشعبية الاوربية (بروباغندا مسيحية ) Christliche Propaganda تزعم هدم احدى الكنائس في القدس و بان المسلمين يضطهدون المسيحيين في الديار المقدسة وفي هذه الظروف التاريخية ، كان شن حروب الى ما وراء البحار باسم هداية الناس الى الطريق الصحيح والدفاع عن الاخوة في الارض المقدسة فكرة لاقت ترحيبا في صفوف الاوروبيين القدماء نهايات القرن الحادي عشر ميلادي.
البابا اويغن الثالث Eugen III يوزع صكوك الغفران على الرعاع في الحملة الصليبية الثانية (1147-1149)
***