قاحل صدر أيامي إلا من وهج جديد يعيد الصفاء إلى مرايا الروح، وهج أسرج في داخلي فارس الرجوع، حيث أمُرُّ مبتهجا على قافلات السهر، والمسافات الطويلة تختصرها كلمة نطقها لسانها، حفرت في داخلي مصير حب جديد، جعلني أقترف النهار شوقا، وأسكن عمرا ثانيا، وأحتكر النقاء، وأسرق فصول فرحة جديدة، وأنا أهيم على طوافة الرجاء...
هأنتِ ذي - يا حبيبتي -ترحلين في شراييني ليورق موسم الورود ؛ لأنك وجه من قرار البحر ، يحمل أنشودة عشق جديدة..
أنت -يا غاليتي- همسة سبقت ضجيج العالم إلى أذني ، وأبحرت في داخلي رغم اختناق النهار ، فقد أعدت وجهي الهائم في صحراء العمر إلى جادة الصواب، وخلخلت أمن رقادي ، وأومأت لي برحلة طويلة نسيرها عبر الأثير ، تمطرين على روحي رضا، لنبوح معا بسر الموج، وتتحول العبارات المخنوقة إلى جيل هامس في حنايا الروح بمواويل الرعاة ، لنرحل معا إلى شاطئ من حنين طال انتظاره.
أعيدي إليّ زمن الهجرة إلى عالم الأرواح، لحظة يصحو الزهر عبيرا في عالمي، يحتمي القلب بين أوراقها كعصفور هارب من صياد .
سمعتك تستحثين الريح ، وتنهرين قوافل العتمة ، وتأتينني بملامح عذبة ، وساحرة لم يعهدها القلب من ذي قبل..
قبلك- يا حبيبة -شلت خطاي في زمن الظلام ، الذي كان يحتلب الصبابة من عروقي ، ويخدش الكلمات في حلقي ، لتخرج يائسة الجرس ، فكنت على خدها غيمة ممطرة ، عاجلتها الفصول الخيرة..
حبيبتي : سأصنع لعالمك مواعيد عشق جديد ، وسأفتح شرفاتي على طريقي الجديد وأبدل الوهم بزيت القناديل القديمة..
أه لو كنت لي قبل انكسار الدهور في حنايا الصدر ، وقبل الحكايا القديمة؛ لأبحر فيك إلى وطني .. أحمل خوفي وسطوة عينيك، فقد كنت أعزي تضاؤل وجهي المشروخ في مرآة مكسورة..
يبدو أنني بت بحاجة إلى مرآة جديدة ؛ لأرى وجهي الجديد ، فالأرض يعز عليها هجر الغيوم الممطرة..
كان في بيتنا منذ كنت صغيرا أو ربما أكثر ما عدت أذكر .. كان فيه ضمة ورد تحضن أرواقها مزهرية عتيقة.. وكنت آتي إليها مع الفجر أنفض عن خصرها غبار ا تحمله ريح من عالم مأفون .. غابت مزهريتي في غياهب الغربة بحثا عن حديقة غائبة ..
وبت أبحث عن حورية تشاركني غرغرة الحزن، وتغسل معي ختم الحياة في شواطئ بعيدة عن عيون الناس..
قد يكون كلامي هذا جنونا ، ولكن أليس الجنون بداية التعقل ، ولذلك فإنني أدخلك بؤبؤ العين ، وأطبق عليك محبتي ، وأعيش عشقا مجنونا ، لنبدأ معا هجرة مع النبض ، ونتحول معا إلى لغة جديدة نسرق حروفها من عالم الخيال ، ونرتدي شمسا تخرس الريح ، ونختار وقت القطاف الذي بذرنا حباته في سهولنا الخصيبة..
وأراني وإياك نقف أمام الحاكم بأمر الجنون ، وهيئة الدفاع تغفو قبل دفن المساء ، وننتظر زغاريد المودعين ، بعد النطق بحكم الإدانة !!!!