أيها اليل ..
ألا تغفو على ريف جفني .. أما أرهقك طول سهري .. قد بت يا ليل في أرقي .. والنجم يروي من قصصي .. أوراق سهد خطها الرمش بمداد الدمع والشوق .. ذكريات لا زالت تراود نفسي .. تؤلمني .. تسحق مني الروح .. تسرق النوم من عيني .. تعذبني .. في زمن الماضي تسجنني .
أيها الليل ..
ما زدتني إلا اغترابا .. وما وهبتني إلا سرابا .. حين هجر النوم عيني .. وضاعت الأحلام مني .. أشباح فيك لاحقتني .. بقصص خرافية وهمية .. سكنتني ..
تلاحقني ظلال الأشجار فيك شخوصا .. تطل من عتمة الدجى .. عمالقة تأتي بصفير الريح .. تهتز برقصات شيطانية .. تطرق نافذتي .. كأرواح شريرة تبحث عن أجساد تسكنها .. تقيم طقوسا سحرية .. تتلو طلاسمها .. بترانيم وثنية .
ترتعد مني الفرائص .. وصقيع الخوف يجمدني .. أجمع أعضائي .. أطوي جسدي فرقا .. يشخص البصر .. تلتمع عيوني .. أهذي .. أتلو آيات تثبتني .. أتمتم .. كلماتي قد جمدت أحرفها على حبالي الصوتية .
اندس تحت دثاري فزعا .. أسترق النظرة .. خشية شياطين الليل تهاجمني .
أيها الليل شق سهم النور ثوبك .. ينزع عنه سترك .. أشباحك صارت أشجارا .. وصفير الريح زقزقة عصافير أيقظها الفجر .. احترقت شياطينك .. بشروق الشمس .. تدفئني .. تداعب جفني المقرح بالسهر .. أغفو .. يراودني حلم .. يعيد الأمس .
تراودني في حلمي عتمتك .. شياطينك تطرق أبوابي .. تزعق بنحيب الريح .. تلاحقني الأرواح الشريرة تحاول سلب الجسد مني لتسكنها .. تصارعني .. تمتد أياديها إلى جسدي .. اتخبط .. أركض في دهاليز مجهولة .. تمتد .. تضيق .. تختنق الأنفاس .. رعد يدوي .. أصداءة تصم أذني .. برق خاطف .. صعق الأرض تحت خطاي المتعثرة أسقط في مستنقع نتن .. لزج .. بنحيب أصرخ .. استسلم .. خارت مني قواي .. يبتلعني .. أغوص إلى الأعماق .. لا أحد ينقذني .. أتراه أخر أنفاسي الداخل إلى رئتي .. أختنق .. أختنق ..
أجاهد بجسدي الواهن .. أحاول مد يدي .. أتشبث باللا شيء .. لا أدري .. لكن .. أحس يدا تمتد .. تنتزع الغفوة من عيني .. أستيقظ .. جسد مرتعد .. نظرات زاغت من هلع .. أنظر من حولي .. في دهش .. أتحسس جسدي .. أنظر في عين من أيقظني .. أجد عيناها تنظرني .. بحنان غامر تأخذني .. لحضن دافىء ضمتني .. ببكاء مر أجهشت .. أفرغ من ألمي ومن شجني .
أه يا أمي .. لو تدرين .. أي الأحلام راودني ..