البحث عن مأوى
-1-
ذات عامٍ مضى وفي ليلة العيد، وقفت أمام القاضي بعينين تلمعان مثل جمرٍ فوق رماد لم يعرف الانطفاء .
سألها القاضي:
- هل قبضت حقك ؟
ابتلعت سني القهر في متاهات الحزن والشقاء، ومن جراح الدفن على قيد الحياة، هزت برأسها ثم قالت :
- نعم .
كرر القاضي السؤال ثلاثاً ثم قذف بالمعاملة جانباً فوجدت نفسها في الشارع تكفكف صهيل الدموع المدرار بشيء من الَّلوْب على عمرها الذي كان بيمينها وما عادت تملكه حتى يسراها !
لما تكررت أوجاع الغربة بلا انسجامٍ قالت بلا خوفٍ ولا وجلٍ :
- طلقني .
- ومهرك المؤجل ... تتنازلين عنه ؟
- هو لك .
- ونفقة العدة ؟
- هي لك .
- سيقال عنك / ناشز/.
-2-
ذات عامٍ مضى وفي ليلة العيد،وقفت أمام النائب العام ويدها تضغط على ارتجافات قلبها كي لا يسقط من بين أعمدته فأجنحة الصبر تهاوت مثل صخرٍ تكسر ... .
سألها النائب العام:
- هل يضربك ويسيء في الكلام ؟ .
دقت طبول الإعدام وتراقصت على الخدين دموع كانت محتبسة،لا تصدق أن جنين البطن الذي رعته لابدّ أن يضربها،كي يضعه القاضي في قفص الاتهام .
-3-
ذات عامٍ مضى وفي وقفة العيد، وبعد أن طالت أظافر النمر المتمرد العنيد وبعواء أقرب ما يكون إلى عواء الذئاب، صرخ في وجهها المقهور:
- اذهبي من وجهي وإلا أوسعتك ضرباً .
خبطت بيدها على صدرها بجنونٍ وسحابات من دموع طفرت على الخدين والعنق والثدي الذي أرضع! وخرجت في سواد الليل تبحث عن مأوى، وعن وجه النائب العام، فالبت بالدعوى السابقة صار مضموناً .