هذه قصة كنت قد كتبتها مسلسلة إذاعية في حلقات ولكنني آثرت أن أبقيها في درج مكتبي حتى يأذن الله لها بالظهور إلى الناس
وكنت قد كتبتها باللغة المحكية وسأحاول هنا جعلها بلغة مبسطة كي يفهمها الجميع وقد نقلت منها الحلقة الأولى إلى اللغة الفصحى وسأتابع نقل بقية الحلقات ولكن أريد رأيكم بهذه الطريقة بنشر القصة كسيناريو عبر الانترنيت أو طباعتها ورقيًا مع الشكر لكم
المشهدالأول
حوار بين زوجين في المنزل وهما يشاهدان التلفاز (مبارة كرة قدم)
عائدة: حازم يجب أن تهتم ببيتك وأولادك بعض الشيء..إنني
يقاطعها قائلاً: إنك تقومين بهذا الواجب وزيادة .
عائدة:حرام عليك يارجل. اتق الله لم أعد قادرة على العمل كما كنت سابقاً
خمسة وعشرون عاماً وأنا أعيش بعذاب في تربية الأولاد ,وأنت كأنَّك غير موجود بيننا.. لقد تخليت عن مسؤوليتك تجاه الجميع وتركت لي مهمة الأم والأب معاً..تعبت ياحازم ...هدَّ الزَّمن قوتي...
حازم( ساخراً دون أن يعيرها التفاتة):هه وهل مثلك تتعب؟!
عائدة: طبعاً أتعب أنا بشر...من لحم ودم وأحاسيس..في السابق كان لدي قدرة على المجاهدة أمَّا الآن فقد انتهى كلُّ شي ... إنَّني بت أعرج من ألم قدمي , والديسك يلتهم عمودي الفقري في ظهري ورقبتي...أرجوك ارحمني يرحمك الله..
حازم(ضجراً):خذي إجازة وارتاحي بعض الوقت.
عائدة:لم يعد لدي ولا يوم إجازة لقد استنفذتها كاملة
حازم ( بضجرأكبر): خذي إجازة طبية فالأمراض كثيرة
عائدة:بدأت أحس بالحرج والخجل من طبيب الصحة المدرسية ..
حازم (بكثير من الضيق):خذي إجازة بلا راتب وخلِّصيني من النَّق والكلام االفارغ.
عائدة:ومن سيصرف على البيت والأولاد؟
حازم (بمكر): من ثمن إحدى الأساور التي تضعينها عند الجيران بيعي إحداها .
عائدة: قلت لك أكثر من مئة مرَّة :إنَّني أخبِّيء الصيغة لوقت حاجة,ولاتنسى ما أقدمه من ثمنها لكسوة بيتنا الذي مازال على العظم رغم مرور عشر سنوات على بنائه .
إنني أريد أن أنتقل إليه بأسرع وقت ممكن , فأصحاب الشقة هنا يطلبون مني أن أخليها لهم .
حازم: ليس لدي حلٌّ رابع
عائدة : الحلُّ عندي إن لم يكن لديك مانع
حازم( ساخراً ):حقاً ؟ ! ولماذا لم تنطقي به منذ بداية الحديث؟
عائدة: اسمعني جيداً يا حازم
حازم متحمساً للمباراة: حلوة ضربة جزاء
عائدة : حازم يجب أن تدفع منك مصاريف البيت كي أطلب إجازة بلا راتب وإلا أصابني العجز وأصاب أولادك الجوع.
حازم(غاضباً): ارفعي عينيك عن راتبي,إنه لايكفي مصاريفي الشخصية إلا بصعوبة, إضافة لأجرة البيت التي ادفعها لكم,ثم ان هذا الأمر ليس بالجديد عليك.
لقد أضعت علي مشاهدة ضربة الجزاء ..هادمة اللذات
عائدة بحزن :صحيح ماتقول هذا الأمر ليس بالجديد علينا ولكن هل برأيك الدخان والخمرة والسَّهرأهم من أولادك وبيتك يا صاحب المروءة والشهامة؟
حازم: رجاءً لاتبدئي بالتَّجريح ..عندما تزوَّجت منك كنت على علم بكلِّ شيء ولاأسمح لك بالحديث في هذا الموضوع مرَّة أخرى..
عائدة (بجدية أكبر): لقد اختلف الوضع عما كان عليه سابقاً , لقد كبر الأولاد ,وكبر معهم المصروف,وراتبي لايكفي لآخر الشهر ..ساعدني بمصروف البيت بثمن الخمرة التي تدفع ثمنها باهظاً, أرجوك من أجلنا ومن أجل صحتك..
حازم (بعصبية): لاتخافي على صحَّتي ..اهتمي بصحتك وأسرعي ببيع الإسورة.
لم يعد بإمكاني مشاهدة مباراة واحدة دون القيل والقال أوفففففف..
فاصل
المشهد الثاني
في غرفة إدارة المدرسة يدور حديث بين معلمتين
رحاب:والله ياآنسة نوال إن قلبي يتقطَّع على عائدة وما وصلت إليه من سوء حال..
لاأدري كيف تستطيع الوقوف أمام السبورة و تشرح الدرس للطالبات وهي مضطرة للكتابة أثناء ذلك أيضاً.
نوال:على نفسها جنت براقش..لوأنَّها عرفت منذ البداية كيف تتعامل مع حازم لما وصلت إلى ماهي عليه الآن.. فات آوان الثورة يارحاب. فات
رحاب:وبرأيك هل يجب عليه أن يبقى متجاهلا لمسؤولياته مستخفاً بها وبأولاده؟
الجميع هنا يشفقون عليها ويتألمون لحالها.. لقد بدأت بعض الطالبات بتقليد مشيتها وهي تعرج أثناء إلقاء الدرس,وهي تعلم ذلك ,ولكنَّها تعمَّدت تجاهل الأمر أكثر من مرة.. بينما داخلها يغلي بالحزن والألم.
نوال: كان الله في عونها (تتنهد ) أوفٍ له.. سأتولى عنها درس الحصة القادمة وأدعوها للذّهاب إلى البيت للرَّاحة.
رحاب: وغداً من سيأخذ مكانها في شرح الدروس وبعد غد وبعده؟
المفروض إيجاد حلِّ جذري لمشكلتها مع زوجها.
نوال : صدقتِ .. سأساعدها اليوم وغداً له ترتيب آخر بعلم الله.
فاصل
المشهد الثالث
في السوق عند اللحام
عائدة : أريد نصف كيلو من اللحم أخي أبي خلدون.
أبو خلدون:من عيوني أختي أم فادي(( يزن لها اللحم)
عائدة : سلمت عيونك أخي الكريم
أبو خلدون: كيف حال أبي فادي؟ لم أره منذ زمن بعيد
عائدة : إنَّه بخير والحمد لله.
أبو خلدون: سبحان من خلقه .إنَّه رجل لطيف المعشر ,دمث الأخلاق , الجميع هنا في الحارة يشكرون منه.
عائدة: هذا من كرم أخلاقك أخي وأخلاقهم..
أبو خلدون : تفضلي خذي اللحمة ..مأكول الهناء بإذن الله..
عائدة: سلمت يداك أخي
أبو خلدون: وهذه فاتورة الحساب أختي الكريمة.. لقد سجلت عليها كل ماأخذتموه من لحم خلال الشهرين الماضيين..
عائدة(بارتباك):هاتها أخي هات ..
أبو خلدون(مستدركاً): إذا كنت لاتحملين نقوداً الآن لايهم . غداً أو بعد غد تسددون الحساب لافرق أختي أم فادي.
عائدة: قد يمر بك أبو فادي ويعطيك النقود خلال يومين أو ثلاثة.
أبو خلدون: حسناً ..بلِّغيه سلامي وأوصيه با بني محسن فهو طالب عنده في المدرسة ويقولون بأنَّه مقصِّرٌ باجتهاده..
عائدة بخجل: إن شاء الله . السلام عليكم .
تسرع بالإبتعاد عن دكان اللحام بينما يقول أبو خلدون محدِّثاً نفسه:أعانك الله على هذا الرجل.مسكينة وتستحقين الصَّدقة ..ولكن ماالعمل العين بصيرة واليد قصيرة.. كان الله في عون الجميع
فاصل
المشهد الرابع
عند البقال وهو يزن لها الخضار
البقال: وهذه باقة بقدونس و كيلو ونصف بطاطا أتريدين شيئاً آخر؟
عائدة وهي (تتناول الكيس منه): لا.شكراً لك ..كم هوالثَّمن؟
البقال : خمس وعشرون ليرة .
عائدة : تفضَّل أخي وهذه خمس وعشرون ليرة
البقال:ماهذا؟!
عائدة:ثمن البطاطا والبقدونس
البقال:ولكن هناك فاتورة أخرى ألن تسدِّدي قيمتها الآن؟
عائدة : في أول الشهر بإذن الله أسددها لك
البقال بمروءة: على راحتك أختي أم فادي ,خذي الخمس والعشرين ليرة وفي أول الشهر ترسلين لي الحساب كاملاً
أمُّ فادي : كثَّر الله خيرك أخي , السلام عليكم.
أبو فادي : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. مع السلامة جارتنا.
فاصل
========
المشهد الخامس
أم فادي تصعد الدرج إلى بيتها في الطابق الثالث
عائده بتعب: أه .. كُسر ظهري ..أوف...مازال أمامي طابق آخر للوصول إلى البيت
يارب ساعدني ... هدَّ ني التعب ..
تصل إلى باب منزلها وتفتح القفل بالمفتاح بينما تخرج جارتها سهام من بيتها
عائدة: السلام عليكم
سهام: وعليكم السلام ..خير جارتنا ..أراك تعودين باكراً هذا اليوم من المدرسة؟
سهام(بتعب):أخذت إجازة طبية ..
سهام:يبدو أنك متعبة ..
عائدة : أجل أكاد أسقط فوق الأرض أرجو عدم المؤاخذة
سهام : لابأس عليك
عائدة : عن إذنك سهام
سهام : هل أستطيع مساعدتك في شيء؟
عائدة : شكراً لك سأعد الطعام على مهلٍ , مازال أمامي متسع من الوقت قبل أن يعود حازم والأولا دمن المدرسة.
سهام: حسناً ولكن أمي تنوي زيارتك لانها كما أخبرتني مشتاقة لك .
عائدة : قد أزورها بعد العصر بلغيها سلامي
سهام : يصل إن شاء الله.
فاصل
المشهد السادس
في بيت عائدة تنادي ابنتها ولاء
عائدة:ولاء..ولاء...(تسير في البيت المتواضع الأثاث المؤلف من غرفة نوم للزوجين وغرفة نوم للأولاد الأربعة( ولدان وابنتان)وغرفة صغيرة للجلوس والمطبخ والمنتفعات ويلف البيت بلكون خارجي من جهتيه الغربية والشمالية) لاتسمع رد ولاء
عائدة : تتحدث نفسها: أين هي ولاء؟ مازال البيت على حاله دون ترتيب ولا تنظيف..
ربما كانت نائمة أوهي عند جارتنا سها.. تعود للنداء وتدخل غرفة الأولاد
عائدة : ولاء..ولاء
تستيقظ ولاء وترد وهي تتثاءب: هل رجعت من المدرسة ؟
عائدة : وماذا ترين هل أنا هناك؟
ولاء: ظننت ذلك
عائدة: لماذا لم تستيقظي باكراً ؟
ولاء: أحس بشيء من الكسل
عائدة: الساعة الآن العاشرة والنصف هيا انهضي و ليِّني جسدك ببعض التمارين الرياضية..
ولاء: حسناًسأفعل , ولكن لماذا رجعت باكراً هذا اليوم؟
عائدة : أشفقت عليَّ المعلمة نوال جزاها الله خيراً وأخذت عني الحصة كي أعود إلى البيت للراحة..آه..من أين ستأتيني الراحة ياحسرة؟
ولاء: ارتاحي أنت وأنا سأتولى القيام بمهامك المنزلية
عائدة (بسخرية): ماشاء الله ..من أين لك هذا النشاط؟
ولاء : فلنحمد الله عليه
عائدة : الحمد لله على كل حال..هيا إلى عملك ريثما أعد لكم الطعام
ولاء: وماهو طعامنا لهذا اليوم ياأم فادي؟
عائدة:بطاطا ولحمة وسلطة فجل مع البقدونس والبصل
ولاء: أوفٍ للبطاطا..لقد كرهتها من كثرة طبخها ..يوم بطاطا مقلية وفي اليوم التالي مسلوقة وفي الثالث مشوية,نريد طعام مثل الذي يأكله الناس ..اشتقنا للدسم وبتنا نشتهته.
عائدة:ليس معنا ثمن الطعام الدَّسِم هذا.الحمد لله علىأننا نستطيع أن ندبر أمورنا بالنواشف والفول والبطاطا والفلافل.
ولاء :ولماذا أنجبتمانا إذا كنتما لاتستطيعان إطعامنا مانشتهيه؟
عائدة:حياتنا والحمد لله أفضل من حياة الكثير من الناس. هناك من لايجد رغيفاً يسد به جوعه
ولاء( بغيظ):وماشأني أنا بالآخرين؟ لم أعد أطيق هذه الحياة بهذه الطريقة الممللة
عائدة:لاتجحدي النعمة يا فتاة ,عليك بشكر الله كي لاتـُسلبيها
ولاء: أتصدقين أنني عندما أشم رائحةالطعام تخرج من نوافذ مطابخ الجيران أتحسر ويسيل لعابي وأتمنى أن آكل كما يأكلون
عائدة: أتقولين هذا الكلام وأنت كل يوم تذهبين إلى منزل جارتنا سها وتأكلين عندهاما لذّ وطاب من المأكولات؟أما نحن فإنَّنا لا نذوق مثلها إلا عندما ترسل لنا إحدى الجارات صحناً مما يطبخون.
ولاء بغيرة): سها في بيتهم يأكلون أفخر أنواع الطعام وألذه عدا الحلويات والفاكهة ,ورغم أنني أشاركهم في معظم طعامهم إلا أنني أحس بأنني متطفلة عليهم رغم أن سها لاتشعرني بذلك..أمي .. لماذا لم نكن مثلهم بل بماذا نختلف عنهم أنت ووالدي من خريجي الجامعات أما هي وزوجها فلم يحصلا الشهادة الإعدادية؟
عائدة (بحزن): الجواب عند أبيك
ولاء بخبث): وأنا أيضاًأعرفه ..أبي لايهمُّه إلا الخمر.. أليس كذلك ؟ لاأظن هناك أباُ مهملا لبيته وأولاده مثل أبي.. أحياناً أفكر بأن أقسو عليه كما هو يعاملنا ولكنَّني لاأستطيع التَّنفيذ لأنَّني أحبه.
عائدة : أما هو فالقسوة في دمه ولا يشعر بها لأنهما مجبولان معاً,ونتائجها هو من يجني ثمارها بصحة جسده وتعاسة أولاده
ولاء:وحتى متى سيظلُّ على هذه الحال ؟إننا بحاجة لعطفه وحنانه
عائدة : العلم عند الله ..هيا إلى أشغالك قبل أن يأتي ويعيد نهارنا ليلا ..إنَّه عصبي المزاج ووضعه النفسي ليس بالغريب عنك
ولاء: أمرٌ عجيب والله
عائدة : أ ي أمر هذا ؟
ولاء: أن يكون حال أبي على ماهو عليه مع أنَّه رجل مثقف ,.فكيف هو حال من هوأقل منه حظاً بالعلم والثقافة؟
عائدة :ومن أخبرك بأن كل متعلم يفهم الحياة جيداً . الفهم ياابنتي فضَّله الكثيرون عن العلم.
ولاء: أحياناً أجده من أكثر الناس فهماً ولكنه فجأة يتراجع إلى الوراء بسرعة مذهلة
إنني أشفق لحاله .. يجب عليه أن يكون لنا ولتلاميذه في المدرسة قدوة خير لاقدوة سوء. لقد ضيَّع نفسه بالخمرة وأخشى أن يضيعنا يوماً.
عائدة: ستتزوجين وتغادرين هذا الواقع المرير الذي نعيشه وكذلك أختك وأخواك
ولاء: وإذا لاقدَّر الله لم يأتني عريسٌ ,هل سنبقى مدى العمر على هذا المنوال من التعاسة والحرمان؟
عائدة بضيق: لاأدري والله ماذا سأقول لك ..إنّ َوالدك تربى هو وأخوته على تناول الخمرة في بيت جدك الذي هوالآخر لم يفارقها أبداً حتى مات..الخمرة عادة وراثية في عائلتكم ولكم أخشى أن تنتقل إلى أخوَيكِ في المستقبل رغم حرصي على إبعادهم عنها.
ولاء: ولماذا قبلت به زوجاً؟
سؤال مفاجىء لم تتوقعه عائدة فحاولت إنهاء الحديث بأي شكل فقالت
عائدة:قسمة ونصيب..هيا إلى أعمال البيت ولا تحشري نفسك فيما لايعنيكِ
ولاء(تنظر إلى أمها التي اتجهت نحو المطبخ وتحدث نفسها):كلما سألتها هذا السُّؤال تتهرب من الإجابة عليه ..يجب أن أعرف السبب.. ولو بعد حين
فاصل
----------
المشهدالسابع
في غرفة نوم حازم ينادي ابنته الكبرى وهي في الثالثة والعشرين تكبراختهاولاء بعامين بعدها يأتي فادي ثم الولد الأصغر وهي حائزة على شهادة معهد فنون تشكيلية وتمتلك قسطاً من الجمال.
حازم: أمل .. ياأمل
تأتي إليه أمل وتسأله:نعم بابا أتريد شيئاً
حازم :أحضري الطعام إلى هنا أريد أن آكل بسرعة وأنام
أمل: بابا لماذا لاتأكل معنا ؟ إنني أتشوق للطعام بصحبتك
حازم: أتريدين أن أغير عادتي في آخر العمر؟
أمل : أبعد الله عنك الشر ياأبي إنك مازلت شاباً وجميلاً أيضاً
حازم:أبداً يا أمل أحس بأن الموت قريب مني
أمل :هذا بسبب المشروب الذي تتناوله كل يوم
حازم: اعتدتُ عليه وسيموت معي
أمل:إنك تقتل نفسك به ياأبي ..هذا انتحار يعاقب الله عليه فاعله بالعذاب,إن كبدك أصيب بالتشمع ودواؤك هوفي ترك الخمرة ..
حازم: لقد مات عمك كامل بهذا المرض وكذلك جدك وسألحق بهما عما قريب ولا ندري من سيصاب به من أعمامك بعد ذلك..
أمل : لعنة الله على الخمر وعلى من أخترعه
حازم( متذمِّراً): وعلى شاربه أيضاً أعرف ذلك كفى لاأريد أن أسمع شيئاً أحضري الطعام قبل أن أنام دونه
أمل: أتريدني أن أرى سراجك ينطفيء أمام ناظريَّ وأظل ساكتة؟
يجب أن تعالج من الخمرة ومن تشمع الكبد
حازم : أصبح الوقت متأخراً للعلاج أغلقي الباب وراءك سأنام لم أعد أحس بشهية للطعام
تدخل عائدة وهي تحمل صينية عليها أطباق الطعام
عائدة : لقد أحضرت لك الغداء .. سم بالله وكل
حازم: وما هو طعامك اليوم ؟
عائدة :مفركة بطاطا باللحمة وسلطة فجل
حازم(متأفِّفاً): أوف بطاطا ..بطاطا..ألا ينتابك الملل من تقشير البطاطا؟ألم تؤلمك يداك من هذا التقشير ؟
عائدة: طبعاً لقد تعبت ومللت منها .. أحضر أنت ماتشاء من الطعام وسوف أطبخه لكم .
حازم: لاأريد أن آكل ولا أن أسمع منك منَّا
عائدة:لاأقصد منَّاً ولا أذى وإنما لتعلم أنني أطبخ لكم ماأقدر عليه
حازم: ماشي الحال: ضعي الطعام فوق المنضدة واخرجا من الغرفة
عائدة : حسناً كما تشاء.. أمل اذهبي وكلي مع اخوتك
أمل : وأنت ألن تأكلي معنا؟
عائدة : أكلت بضع لقيمات أثناء اعداد الطعام أما الآن فسأحضر دروس غد للطالبات.
حازم : لم تخبريني بشأن ابنة أبي رامز , هل قررت إعطائها بعض الدروس الخاصة هنا في البيت,مازال والدها ينتظر الجواب؟
عائدة:وهل ترى ظروف بيتناتسمح بذلك؟
حازم: فكري جيداً فالرجل سيدفع لك ماتطلبين من الأجرة لأنَّ ابنته تحبك وهي مصرة على أن تكوني أنت مدرستها الخاصة لمادة اللغة العربية
عائدة : لقد تعبت معها في المدرسةوتريدني أن أحضرها إلى البيت.إنها لاتفهم شيئاً من اللغة
حازم: اعطها الدرس وهي حرة فهمت أم لم تفهم المهم أن تأخذي أجرة الحصة
عائدة : ولكن ضميري لايرضى بما تقول ولن أدعها تخرج من بيتي دون أن تفهم الدرس جيداًولو أرهقتُ بها
حازم:إذن اكسبي بها حسنة ولاتتركيها تخرج من البيت قبل حفظ الدرس
عائدة (_ساخرة): سبحان الله ماأجملك وأنت تتكلم عن الحسنات ,اقشعر بدي, انظر(تمد إليه يديها)
حازم(محتدَّاً): ماذا تقصدين ؟
عائدة: اقصد ياأستاذ أن ترحم نفسك وأولادك وترحمني .. كفى اهمالاً يارجل .. ..كل يوم تعيد نفس البرنامج .. تعود من المدرسة .. تأكل وتنام وفي الليل تذهب للسهر مع اصدقاءالمشروب وتعود مسطولاً للنوم.. يجب أن تخجل من هذه الأعمال السيئة فأنا أيضًا.
حازم( بقهر) : أمل خذي الطعام قبل أن ألقي به فوق الأرض..اخرجا من الغرفة ..لاأريد أن أرى أحداً..فليغنني الله عن أمك والبطاطا.
عائدة: حسناً يابيك سنخرج من الغرفة ولكن سأترك لك الطعام لأنَّك لن تستطيع النوم وأنت جائع.
تخرج مع ابنتها من الغرفة
المشهد الثامن في غرفة الجلوس وفيها فادي الذي يقول لأمِّه
فادي: لقد أصبحت أصواتكم عالية مثل بائعي الخضار
عائدة بغضب: اسكت أنت .. وإلا أفرغت غضبي فوق رأسك..
فادي ضاحكاً: أفرغيه ماما واريحي قلبك من الهم .. والله لا يسعدنا خصامكما أبداً .
عائدة:أكاد أجن يافادي ..تصوَر إن والدك سيضيف إلى همومي الكثيرة ابنة ابي رامز(تبكي قهراً) إنَّه ينوي قتلي بها
أمل:لم يقصد أبي هذا لماذا تفهمين الأمور بغير قصدها
عائدة: بغيظ:يعني أنا لاأفهم يافهيمة؟
أمل : ماالمانع الذي يحول دون اعطائك بعض الدروس لابنة أبي رامز في الأسبوع
وذلك سيوفِّر لك دخلا إضافياً جيداً يعيننا في المصروف؟
عائدة : أه قال المثل اللي بيعرف بيعرف واللي مابيعرف بيقول كف عدس.
أمل بفرح: ياألله ماأطيب شوربة العدس. في مثل هذاالبرد القارس.. ماما أريد شوربة عدس.
عائدة:ياعيني ..كل واحد يغني على ليلاه.. طاسة ضائعة والغطاس يغرق ولا أحد يحس به.
ولاء: خرجت عن سكوتها وقالت: حرام أن يغرق الغطَّاس يجب على أمل أن تنزل إلى البحر وتنقذه أم لماذا علَّمها بابا السباحة؟
أمل :اسكتي ولاتحشري أنفك فيما لايعنيك..لم يعد ينقصك غير السخرية مني ومن والدك.
ولاء: أنت نسخة طبق الأصل عن أبيك ولهذا السبب يحبك أكثر من الجميع.
فادي :وربما لأنَّها تشبه عمَّتها سراب.
أمل:بل لأنَّني أفهمه أكثر من الجميع.
ولاء: فإذاً اسمعي كلامه وانسي سامح بيك.
أمل بارتباك: هذا موضوع آخر لاتخلطي الحابل بالنابل.
ولاء: الحابل بالنابل جميل جداً .. مارأيك بأن تساعدي ماما بمصروف البيت فأنتِ تنفقين راتبك الشهري على الملابس والمكياج وما تقديمينه من ضيافة لصديقاتك..
أمل بغضب: إنك تغارين مني لأنَّني أكملت دراستي وأنت تركت المدرسة دون أن تحصلي على الشهادةالإعدادية.. من حقك أن تغاري من مصروفي .. وما أنفقه ثمناً للمكياج والملابس معذورة حبيبتي
ولاء: أنت الصادقة إذا كان هناك مبررٌ للغيرة منك فهو لأدبك وذوقك الكبير وليس بسبب مصروفك ومكياجك وهو غير موجود فيك أصلا ..
أمل بغضب: ماما ( تصرخ) ماما أسمعت ماتقول إنها تتهمني بقلة الذوق والأدب.
عائدة بضيق شديد: كفى.. كفى لم أعد قادرة على احتمالكم ألا يكفيني ما ألاقيه من أبيكم لاتحملوني مالا أطيق.
تجهش باكية
تمت الحلقة الاأولى بعون الله
هل أتابع كتابتها بالفصحى المبسطة؟
لكم الشكر والتقدير