من زعيم معاصر إلى "عمرَ بن ِالخطاب"(رضي الله عنه)
شعر: مصطفى عراقي
___________________
"حكمتَ ؛ فعدلتَ ، فأمنتَ ؛ فنمتَ يا عمرُ"
(رسول كسرى إلى خليفة المسلمين)
___________________
يذوبُ اليومُ في دوَّامةِ الضوضاءْ
وكفُّ الشمسِ تسْحبُ مِنْ يَدَيَّ عَباءةَ الأضواءْ
وتكشِفُ وجْهَ ما يُخْفيه ريشُ القصْرِ
تزدحمُ الظُّنونُ على فراش الريحِ
تَهْوِي بي
تطاردني أساطيري
وينشقُّ السكونُ يفجِّرُ الأوْهامَ بُرْكانا
أهاجرُ في بحارِ الليلِ ظمْآنا
لماذا؟
لماذا يهْجرُ النجمُ الشَّفيفُ مدائني ويعربدُ السهرُ ؟
لماذا بتُّ أفزعُ من وميض النظرة البكمـــاءِ..،
أسمعُ في رنين الصمت ما قد خبَّأَ القدرُ.
أمامي ألفُ قنبلةٍ تؤانس وحشتي وتهدهدُ الأشواقَ..،
حوْلي الجندُ والخفَرُ
ويرقصُ تحت أقدامي سلاحٌ ظامئٌ يعدو وينتظرُ
ألملمُهُ من الآفاقْ
وفي دِهليز قصْري أحدث الآلاتِ
تنتزعُ الخفايا، تنثرُ الأسرارَ
تقتحمُ الضمائرَ في ليالٍ ما لها قمرُ
تحطم باب قلبِ البسمةِ السوداءِ..،
تُبدي في مرايا الليلِ ما تهذي به الأوراقْ
تفتشُ بين أنقاض الصدور تقلب الأحداقَ..،
تحني ظهرَها الكلماتُ والصورُ
ولكن هل يعود النومُ يا "عُمرُ"؟
***
تغني الريحُ بين يديكْ
وتحكي عنك أسرابُ الطيورِ ويشرحُ الشجرُ
وتشكرُ ناقةٌ مهدت أنت لها الطريقَ فلم تقعْ يوما، وولى الخوفُ والخطرُ
ويأوي النومُ مشتاقا إلى عينيكْ
فكيْـفَ..،
كيفَ طويتَ جيش الظنِّ تحت بساطك الممدودِ فوق الرمْلِ..؟
كيفَ صحبتَ وجه الحلمِ
كيف أويتَ نجمَ الليلِ
هل بالعدلِ..؟!
إني – واسألِ المذياعَ – أعدلُ منكَ.
هل بالحبّْ؟!
جموعُ الناسِ تهتفُ لي فهل هتفوا بيومٍ لكْ؟!
أبالشورى؟!
فإن الناس زكَّوْني بإجماعٍ إلى الأبدِ
وساروا في مواكبنا بلا عددِ
نشيدا ينتشي نغما
ومدوا في موائدنا عيونَ الحُلْم والأيدي
وقد ذابت أكفُّهمُ من التصفيقْ
وأعينهمْ من التحديقْ
وهذي صورتي تعلو على جدرانهم علما
وفوق ديارهمْ تشهدْ
بأني الحاكمُ الأوحدْ
***
فكيفَ يَخونُني نجمٌ؟
وكيف يُهينني أرقُ؟
يحاصِرُ قصْرَنا العالي ويخترقُ!
حصوني لا تصدُّ جيوشه عني
كأن الموت يبعثه رسولا عنه - قبل قدومه - حتى يروِّعَني!
***
يذوب الليلُ في دوامة الإعياءْ
وتزحفُ نحو قصري الشمسُ
ترقصُ حولنا الأبواقْ
فأنهضُ رافلا بعباءة الأضواءْ
وأسبحُ في الغناءِ ِ، وموجَزِ الأنباءْ