جد مسرورة بوجود هذا النقل للأفكار وليس سرقتها، لأن سرقة الأفكار مفهوم يتحدد معناه بقراءة فلسفة "جيل دولوز" عن الإبداع والفن.
أنقل أنا بدوري مقاطع أخذتها من المنقول مثل قول دولوز:
" لا يكمن الهدف في الإجابة على الأسئلة، بل في الخروج منها.وكثيرون يعتقدون بأننا نخرج من الأسئلة بتكرارنا إياها".
إذا كان جيل دولوز في فترة من فترات إعجابه بالفيلسوف الوجودي الفرنسي جان بول ساتر، قد اعتبره خرج من الاسئلة الصعبة، فهل هذا يعني أن سارتر أجاب عن تلك الأسئلة، وهل يمكن اعتبار هذا الخروج لساتر من تلك الأسئلة تكرارا لها؟
من بين تلك الأسئلة الصعبة التي طرحها فلاسفة معاصرون سابقون على دولوز: مستقبل الثورة /مستقبل الفلسفة/ مستقبل المرأة..
كيف نتصور إجابة جيل دولوز عن مثل هذه الأسئلة؟
منقول آخر: يقول جيل دولوز:
"إن الكتب الجميلة مكتوبة في ضرب من لغة أجنبية.تحت كل كلمة يضع كل منا معناه أو على الأقل صورته التي هي في الغالب معنى خاطئ. لكن في الكتب الجميلة تظل جميع الاخطاء التي نرتكب جميلة".
إذا كانت الكتابة الجميلة في تقدير جيل دولوز هي مجرد معاني خاطئة تضعها الذات لصورتها، فهل المعاني الخاطئة تنقص من جمال الكتابة؟
منقول أخير: يقول جيل دولوز:
" تجد الكتابة غايتها الوحيدة في الحياةعبر التركبات التي تسحبها منها، بعكس العصاب -Nevrose - الذي لا تكف الحياة فيه بالضبط عن ان تجد نفسها مشوهة، محقرة، مشخصنة ومماتة والكتابة عن ان تتخذ نفسها غاية. إن نيتشه الذي كان- بعكس العصابي- هائل الحيوية ومعتل الصحة، قد كتب " يبدو احيانا ان الفنان، وخصوصا الفيلسوف ليس سوى مصادفة في حقبته..إن الطبيعة التي لاتثب أبدا، تقوم لدى ظهوره بوثبتها الوحيدة، وإنها لوثبة فرح، ذلك أنها تشعر أنها بلغت (هنا) مرامها لاول مرة، هناك حيث تدرن أنفا باللعب مع الحياة والصيرورة، كانت مدفوعة إلى رهان كبير.وهذا الاكتشاف يجعلها تتضوأ وينطرح على محياها تعب المساء العذب، هذا الشيء الذي يدعوه البشر بالسحر".
إذا كان العصابي يحيا حياة مشوهة، ومحقرة، ومشخصنة، ومماتة،وإذا كان الفنان يحيا حياة توازن، فهل هذا التوازن يستمده من وثبة الحياة الوحيدة التي تثب أبدا،وهل الحياة تملك ما تقدمه للفنان من سحر لتخرج به إلى عالم لا يجد فيه العصاب مرتعا له؟
واضح أن جيل دولوز في تمييزه بين العصابي والفنان والكتابة يسعى إلى الرد على من سرق منهم أفكارهم.. من هؤلاء الذين سرقوا أفكار غيرهم، وسرق منهم دولوز تلك الافكار؟