د. مصطفى ..........
احيانا يتسائل المرء عن الثوابت في الكون والنفس البشرية، فتتوقف الذات نفسها عند نقاط لايمكن ان تتغير في سنن الكون ،لذا نجد بان في الكون اصل لايتغير ولايتبدل ، وما ضبط القوة وتصريفها وتوجيهها الا من شأن هذا الاصل، وفي الانسان يضا ما يلزم الضبط، الذي من شأنه ضبط معاني الانسان وتصريفها وتوجيهها على مقتضى الكمال،ولعل ما يلزمه الدين على الانسان يعد ابرز هذه الضوابط، لانها بالاجمال طرق ثابتة لتحسين صورة الانسان كونه انسانا، وتثبيتها اما بالتكرار او ادخالها في ناموس طبيعي حتى تجري في النفس مجرى العادة، وجعلها بكل ذلك قوة في باطنها.
وفي قصة عبدالحميد نجد هذه الضوابط وقد تمثلت باعتقاد ثابت لاتهادن فيه، بلا حتى عندما لاحت ساعته ظهرت على جبينه علاماتها..فكانت طريقا الى القيام بالعمل الملزم عليه دون اي تهاون،وهنا يستحضرني الشائع بين الناس وما يكرره البعض بانه شعر بنهاية ساعة فلان او فلانة، لااظنها بامور خارقة لانها في امثال عبدالحميد تعد امور تثبيتية اكثر ما هي امور خارقة، فهذه النفس التي تعودت على اداء فروضها كانها نفس انسان لايمكن ان تتجاهل ولو قليلا انها ساعية لنهايتها في اية لاحظت لذا عندما تقترب النهاية تكون هي في استعداد نفسي جيد مع ظهور علامات عليها تبرهن اشرافها على النهاية وهذا ما يلاحظه امثاله وقرنائه.
وفي قصة عبدالحميد تأكيد على ماقلناه ومعها وجدت بانها قصة تريد ايصال رسالة ليست بجديدة لكنها رسالة تذكيرية مهمة بان حلول النهاية شيء لامجال للخوض فيه لان ات بلا شك، لذا الاستمرارية في الاداء الجيد دون توقف الى النهاية التي لايعلم الا بعلامات قريبة او بلحظات حدوثها امر لابد ان لايستغني عنه الانسان اي كان.
وما توقفت عنده في هذه القصة ان هذه العلامات ظهرت على عبدالحميد منذ بداية يومه وقيامه باداء واجبه، ولكن موقف الاخت الضريرية اضفت على القصة اجواء اكثر انسانية، بالاخص قولها لقد فعلتها يا عبدالحميد، وكأن هذا الموضوع ،موضوع الموت كان قد سبق وان تحدث الاثنان فيه بحيث اتخذ كل واحد منهما موقفا منه،وكل واحد اراد ان يسبق الاخر وكأنه لايريد حمل عبء فراق الاخر، وفي قول الاخت لمحة انسانية تحمل جوانب كثيرة منها انها الضريرة كانت تشعر بانها عبء على اخيها لذا ارادت النهاية لنفسها لكنها في الوقت ذاته اثارت قولا لايمكن عده طبيعيا، فعلتها..انها تعني الكثير اذا ما فكرنا فيها وهذه تضيف على القصة الصبغة الانسانية البحتة..ولا ننسى الموقف الاجتماعي الذي ظهر في القصة من خلال اجتماع الناس وكثرة القيل والقال التي لايمكن ان يخلو اجتماع منه.
وفي كلمات عبدالرزاق رؤية واضحة لكل ما قلناه .
تقديري ومحبتي
جوتيار