المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحمن الجميعان
وفي عينيك.. أعشقُ الاحتلال
قصيدة عشق في حب الوطن..القصيدة من مقاطع عدة تبلغ عدتها حسب قراءتي مقاطع خمسة، كلها تفيض عشقا يكسوها ثورة عارمة، وتكتنفها نفس أبية تواقة إلى اللقاء المرتقب..!
ولن أسير في كل جنبات القصيدة فلست لها بقادر، وذلك أيضا مما يحتاج من القارئ والمتصدي لهذا النوع من الأنماط الأدبية أدوات لا أملكها أنا، و الشعر بخاصة هو من أعلى البيان البشري، والشاعر يخفي خلال كلماته أشياء كثيرة جدا، قد لا يستطيع القارئ الإفصاح عنها، ولكن لكل قارئ وجهة هو موليها، وهذه قراءتي القاصرة، ولكنها محاولة، وأرجو أن تكون قراءة موفقة..!
في المقطع الأول يتناول الشاعر عاطفته الجياشة حول حبيبته التي لم يفصح عن اسمها،
بِعَادُكِ زَادَ أشواقي اشتِعالا
وصارَ الشوقُ في قلبي.. جِبَالا
و الأشواق هي في أصلها حارة، ولا أشواق باردة هناك، ولكن الشاعر هنا يزيدها لهيبا لأنها أشواق منتظر ومحب، فالأمر هنا أولا بعد الحبيبة عن الشاعر،
و كلمة الإشتعال فيها أيضا لهيب مستعر، وحركة النار المشتعلة، ثم يفرد الشوق في قلبه، فينعته بأنه أصبح جبالا، هنا أسقط حرف التشبيه، ليدلك على أمر لا بد أن تفطن له، وهو أن شوقه لها أصبح كبيرا جدا كالجبال الراسيات العاليات، بل شوقه هو هذه الجبال التي نراها، وهذه الجبال هي جبال الشوق والهم والحب، ويأتي بصورة أخرى من الصور البديعة، فهذا الشوق الجبال،
ويَصعَدُ فوقَ قِمّتِها غرامي..
يُنادي: إنني أرجو الوِصالا
هل رأيت هذه الصورة البديعة، فشوقه جبل يصعد على قمته غرامه، والغرام هو الهلاك، ويستخدم للحب الذي يهلك صاحبه، كناية عن عظم الحب، و غرامه ينادي ، صور الغرام كأنه عاشق ولهٌُ، يصعد الجبال ليرى الحبيبة فينادي أجواء الكون لترد عليه الصدى، وتنادي كل أرجاء هذا الكون حبيبته، أنه قمة العشق والوله..!وهو يريد الوصال، بعد الفراق...........
فلستُ أُطيقُ بُعدَكِ عن عُيوني
ولستُ أُريدُ يا شمسي زَوَالا
لهيبي.. ليسَ يهدأُ في التلاقي
وإنْ أبعُدْ.. فنِيرانٌ تَوَالى
فهو في لهفة واشتياق ورجاء إلى لقائها، فلن يطيق بعدها وفراقها....
2-
هنا في هذا المقطع يتكلم عن نفسه، ويصف حاله بعدها، فالدنيا تفعل الأفاعيل بأصحابها، وتبعد الحبيب عن حبيبه،
هي الأيامُ.. تُبعِدُ عاشقِيها
فتجعلهُمْ كأطفالٍ ثَكَالى
و الأطفال الثكالى هم الفاقدون آباءهم، فهم يكون في حالة يرثى لها، وحالهم مزرية جدا، بؤساء مساكين..!
وإني عاشقٌ.. قَدْ غَرَّبَتْني
صروفُ الدهرِ أياماً طِوالا
رأيتُ الكون مسودّاً.. كئيباً
ونُورُ الوَصْلِ في الآفاقِ زَالا
وأرجو مِن سماءِ الوَصْلِ غَيثاً
وأنتظرُ الهِلالَ.. ولا هِلالا..!
وهذه أبيات تدل على يأسه من اللقاء، فهو غريب في غربة مضنية مهلكة، وكونه مسود جراء فراقها، بل من يأسه رأى أن و صله لها ميئوس منه، فلا أثر يبدو في الأفق...وهو ينتظر الهلال كناية عن الانتظار الطويل الذي يرعى فيه النجوم والليل................!
3-
هنا يبدو الأمل في تساؤله:
متى ألقاكِ يا فِرْدَوسَ عُمْري
فتكتحِل العيونُ بِكِ اكتِحالا؟
إذا نظرَتْ عيونُكِ لي.. توارَتْ
شموسُ الحُسْنِ، يَبغِين ارتحالا
جَمَالُكِ رَدَّهُنَّ عن التَّباهِي
وأَخْجَلَهُنَّ.. والقَمَرُ استَقَالا
وقَالَ: أيا سماءَ الحُسْنِ عَفْواً
فَلَمْ أرَ في محاسِنِها مِثَالا
وعُذراً إنْ خَبَا يا لَيلُ نُورِي
فنُورِي لا يُضاهِيها جَمَالا
وصف لحبيبته وهو وصف فاق كل جمال في الكون، وهذه الأبيات تذكرني بقول النابغة للنعمان
فإنك شمس والملوك كوكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب...
-------
وفي المقطع الأخير تبدو العزة والشجاعة،
إذا الأعداءُ في حَرْبٍ أَتَوْني
يريدون احتلالاً أو قتالا
أُقَاتِلُ... لا أُسَلِّمُ قَيْدَ شِبْرٍ
وفي عينيكِ... أعشقُ الاحتِلالا
وفي هذا البيت الأخير فيه الحزن في تنغيمته، وطريقة تناوله وقوله،
فيا أنفاسَ رُوحِي لا تَغِيبي....فهو هنا يناديها وكله حزن وأسى ولوعة لفراقها، فهي أنفاس روحه، فهي غائرة في كيانه و وجدانه، وهي متداخلة فيه تماما، ثم يقول بتنهد(فراقك..) وسكتة حزينة وزفرة قوية، وبكاء يتعالى.فراقك أيتها الحبيبة الغالية....
فِرَاقُكِ... لا أُطِيقُ له احتمالا
ثم يسكت بدموع، ويقول لا أطيق...
وإنما أنا قارئ أريغ الإبانة، فإن أحسنت فذاك ما أردت، وإن تكن الثانية فهذا جهدي ومقدرتي..........!