المثقفون يطالبون بتعدد مسئوليات أمين المجلس الأعلي للثقافة
د. حسين علي محمد: الملاحظة السلبية الوحيدة أن د.عصفور كان يمسك كل الخيوط في يده
د.عتمان : تنفيذ توصيات اللجان .. واجب
د.عبدالمطلب : القاهرة عاصمة دائمة .. للثقافة العربية
الحديدي : التقليل من المؤتمرات
حسني سيد لبيب : المزاوجة بين تراثنا .. والغرب
حوار: د. زينب العسال
بعد أن تولي د.جابر عصفور مسئولية المشروع القومي للترجمة. أصبح علي أبوشادي أميناً عاماً للمجلس الأعلي للثقافة. ولقد كانت الفترة الطويلة التي تولي فيها د.عصفور أمانة المجلس إيجابية في مجموعها. وأثرت الحياة الثقافية بالكثير من الأنشطة والإنجازات المهمة. وفي المرحلة بين مسئولية قيادتين يناقش المثقفون دور المجلس الأعلي للثقافة. ما له. وما عليه. وإمكانات تطويره.
في تقدير د.عبدالمنعم تليمة أن أصحاب الفكر المسئول يسعون دائماً إلي تحديد دور الدولة في المجال الثقافي. حتي تتيسر للناس سبل الاستفادة. وحتي يسهل علي المهتمين المشاركة والمتابعة والمساءلة. ولاشك أن المجلس الأعلي للثقافة أهم أدوات الدولة في أدواء دورها الثقافي. ولاشك كذلك أن تاريخ علي أبوشادي الطويل. في المواقع الثقافية القيادية التي نهض بها. يشهد له. فهو تاريخ يشرف صاحبه. ويجعلنا لانرجو منه. ولا نتمني عليه. وإنما نتوقع منه : صياغة مباديء محددة ومعلنة لعمل المجلس. وضع خطة تفصيلية لأنشطة المجلس شهرياً وسنوياً. جعل الأساس في عمل المجلس في مجال النشر قائماً علي الأصول والأمهات التي لايستطيع الناشر الخاص النهوض بتكلفتها. عقد اتفاقات تؤسس التآخي بين المجلس وكل جهات النشر والتعليم والإعلام والعلم.. كل هذا وما يراه غيرنا إنما يمكن ضبطه بإدارة جديدة في المجلس. يسميها إدارة المتابعة. تكون عضويتها لأهل الاختصاص من المفكرين والعلماء المستقلين. ويكون دستورها التقويم الدائم لعمل المجلس من جهة المسئولية الفكرية والعلمية والأداء الديمقراطي. وضمان حرية التعبير والتفكير والاجتهاد والبحث.
أعباء ثقيلة
ويؤكد الشاعر والناقد الدكتور حسين علي محمد أن المجلس أثناء تولي د.جابر عصفور أمانته العامة قد أدي دوراً يصعب إنكاره. بل إنه في أنشطته المختلفة مثل وزارة ثقافة مصغرة. وأربك هيئات الوزارة الأخري. والمثل نجده في المطبوعات التي يصدرها مقابلاً لما تصدره هيئة الكتاب. والندوات التي تمثل النشاط الثقافي الأهم في كل القضايا. وفي كل ألوان المعرفة الإنسانية. وفي المسابقات التي يتوفر فيها حد معقول من الشفافية والموضوعية إلخ.. ولعل الملاحظة السلبية الوحيدة أن د.عصفور كان يمسك كل الخيوط في يده. ولأن الأعباء ثقيلة فقد كان يكل بعض تخصصاته إلي موظفين لاتعد تلك التخصصات من صميم عملهم. ليكن الأمين العام للمجلس مخططاً ومشرفاً ومتابعاً. علي أن تحدد أعمال الإدارات المختلفة بما يدفع العجلة إلي السير دون تسرع. وبلا إبطاء. لا أتصور مثلاً أن يتولي المشرف علي اللجان مسئولية النشر. ولا أن تقترب مواعيد المؤتمرات والمحاضرات والندوات وتتباعد دون خطة واضحة ومعلنة. علي كل مسئول في إطار النشاط الكلي للمجلس أن يؤدي دوره المحدد. بحيث لا تختلط الأوراق. وينتظم الأداء.
ويري د.أحمد عتمان أن الدكتور جابر عصفور بعث الحياة في المجلس الأعلي للثقافة. وجعله شعلة نشاط متعددة الجوانب. وأصبح الناس يشعرون به. ليس فقط داخل مصر. وإنما علي امتداد الوطن العربي. وصارت لأنشطته أصداء في أنحاء العالم. هناك مؤتمرات عدة رصدت جوائز كبيرة للشعر والرواية. هذا الدور كان له تقديره من الأدباء والمثقفين. فقد استطاع جابر أن يفعل هذا بهؤلاء المثقفين الذين التفوا حوله. أما الأمين الجديد وهو الصديق العزيز فقد سعدت بوجوده في المجلس لعدة أسباب. إنه صاحب تجربة واسعة في مجال العمل الثقافي بعد توليه عدة مناصب في الثقافة الجماهيرية والمصنفات الفنية. إضافة إلي صدقه الفني وصراحته وطموحه. وبالتالي فنحن نأمل أن يسير علي هذا الدرب. ويعمق التجربة. وتكون له سياسة. ونحن واثقون أن طموحاته سيقدرها الجميع. ونشهد له بالأمانة والصدق في كل المواقع التي شغلها. ولن نجد من هو أفضل منه. وأنا واثق أن المثقفين سيلتفون حوله كما التفوا حول جابر عصفور. وهو بخلقه ودماثة أخلاقه قادر علي أن يحتوي كل الأدباء والمثقفين. ولي أمنية أتمناها علي الأمين الجديد. أن يجعل قرارات وتوصيات اللجان قابلة للتنفيذ. بمعني أن يكون هناك ارتباط وثيق بين مناقشات اللجان. وما يجري علي الساحة في مجالات العمل في وزارة الثقافة. وأن يكون للجان الثقافية فيها نتاج ثقافي. فتصدر مجلات. ويكون لها مؤتمراتها الخاصة. كل في مجال تخصصه. كي تقود الحياة الثقافية بالفعل. فمن خلال معايشتي ألحظ أن هناك مناقشات تدور وأفكاراً تطرح. وما يطرح علي الساحة مخالف لذلك تماماً. أرجو أن يتم سد هذه الفجوة.
منجزات
ويطالب د.محمد عبدالمطلب الأمين العام الجديد للمجلس أن يحافظ علي المنجزات التي حققها جابر عصفور. وأن يجعل القاهرة عاصمة دائمة للثقافة العربية. علي أن يقلل بعض الشيء من المهرجانات والمؤتمرات التي تتطلب أموالاً باهظة دون أن يكون لها عائد حقيقي في الثقافة المصرية. وأن تنفق في نواح تساعد علي تنشيط الحركة الثقافية. وتشجع الأدباء والمثقفين. وتيسر وسائل النشر. ونأمل من علي أبوشادي أن يركز علي ارتباط الثقافة المصرية بالثقافة العربية. ويربطها بالثقافة الإنسانية كلها. وأن يعمل علي زيادة المبالغ المخصصة لمجال التفرغ. والمخصصة لمجال نشر الكتاب الأول. وأن يتعاون مع المشروع القومي للترجمة لكي يحقق نهضة ثقافية كاملة.
أما الروائي حسني سيد لبيب فهو يحدد في نقاط ما يراه جديراً باهتمام الأمين العام الجديد للمجلس الأعلي للثقافة : إلقاء الضوء علي الثقافة العربية قديمها وحديثها. مع الاهتمام بنشر الثقافة الغربية. عدم الاكتفاء بنشر كتب لرافد ثقافي معين وإلقاء الضوء علي مؤلفات قيمة في التراث العربي. أو إعادة طباعتها والحرص علي طرح مطبوعات المجلس بسعر يتناسب مع كل القدرات. الاهتمام بنشر الموسوعات والمعاجم وتشجيع الكتاب بشراء نسخ من مؤلفاتهم ورعاية المواهب الأدبية الشابة والعمل علي نشر مؤلفاتهم وإصدار مجلة شهرية تكون منفذا جديداً للنشر وألا يكون نشر شعر العامية بديلاً لشعر الفصحي وأن تصدر لجنة القصة سرداً زمنياً للرواية المصرية. يتضمن اسم الرواية ومؤلفها وسنة الصدور ودار النشر وملخص للرواية.
ويذهب الروائي والمترجم محمد الحديدي إلي أن وظيفة المجلس الأعلي للثقافة يجب أن تكون معنوية أكثر منها مادية. أي ينشر الوعي بالأدب والفنون للإنسان العادي. أما بالنسبة للجان فإن لها في الأغلب أهدافها وأغراضها وعلي الأمين العام أن يقلص الجانب المادي. وينظم المؤتمرات لأغراض محددة. ويكون المؤتمر كالمنتدي لكل الأدباء والفنانين. لقد دخلت الدولة في الستينيات بثقلها في كل شيء. ولأن الحكومة لها حدودها. فقد أفسدت أشياء كثيرة. ولعلي أتمني عودة عصر الحكيم والمازني. حيث المبدع لايهمه أن يكسب مما يتم بيعه من كتبه. لا أريد أن تتدخل الدولة. والحكومة الآن تتجه إلي الخصخصة. فنحن نعود لاقتصاديات السوق. ونريد أن تحيا الفنون والآداب علي رجلين. دون تدخل من مؤسسات الدولة.
....................
*المساء الأسبوعية ـ في 31/3/2007م ـ صفحة: قضايا أدبية.