جبل الثوار
قصة من فصول
الفصل الأول
أشرقت الشمس وأرسلت أشعتها إلى الوجوه فتفتحت عيونها ، وقامت صاحبة ذلك الوجه الجميل من فراشها ملقيةً تحية الصباح على والدها، فتطلع إليها ذلك الرجل الوقور بنظرة ملؤها الحب والحنان وقال : صباح الخير يا زهرة.
كانت تلك زهرة بنت الشيخ سالم المقدسي، ذلك الشيخ الذي لم تسلم له من حياته المديدة إلا ابنته زهرة، فابنه عصام كان قد قضى نحبه في معركة بين الفلسطينين والإنجليز.
كان الشيخ من أعيان مدينة القدس، معروفاً بتقواه وعلمه وجهاده، وكان المعلم لكثير من المجاهدين المعتصمين بجبل من جبال فلسطين.
أما الثوار فهم مجموعة من الشباب المجاهد ممن ثار على الإنتداب البريطاني، وكان قائدهم شاب جسور هو ابن أخ الشيخ سالم وخطيب زهرة واسمه عز الدين.
في ذلك الصباح قدم إلى بيت الشيخ شاب وقال للشيخ بعد أن أدخله إلى البيت: الشباب تريد رؤيتك، فرد الشيخ : حسناً سأحاول المجيء إن شاء الله.
بعد صلاة الظهر خرج الشيخ من المسجد متجهاً إلى الجبل، لكنه انتبه أن أحداً ما يتبعه، ظل الشيخ مستمراً في مشيه بعد أن غير وجهته وظل يتجول في أحياء مدينة القدس، حتى رفع آذان العصر فاتجه الشيخ إلى المسجد، وفجأة توقف وأستدار قائلاً للذي يتبعه : أتريد شيئاً يا بني ؟ أرتبك الرجل وقال : أنا لا لا شيء ، فقال له الشيخ : إذاً لا تتعب قدميك وأنت تتبعني.
دخل الشيخ المسجد الأقصى وصلى العصر، ثم جلس إلى حلقة درس تفسير يعلم الناس فيها، وبعد حوالي ساعة انفض المجلس إلا من الشيخ وشاب ملتحي، كان ذلك الشاب عماد الدين الحسيني أحد شباب المجموعة، أسر له الشيخ بمعلومات مهمة ثم أوصاه إن يذهب إلى الجبل.
تحرك الشاب إلى الجبل، ولكنه رأى حاجزاً بريطانيا يعترض الطريق، فحاول أن أن يسلك طريقاً آخر ولكنه أحس بشعلة نار تخترق كتفه لتستقر فيه.
تحرك عماد بسرعة لا تتناسب مع إصابته، محاولاً الإبتعاد، لكن جنود الإحتلال أمسكوا به وتم نقله إلى المشفى ومن ثم إلى التحقيق ، ولم يعترف بشيء ، فقضي عليه بالحبس الإحترازي لمدة غير محددة.
عندما قبض على عماد كانت المجموعة تخطط للهجوم على قافلة تضم مهاجرين يهود، ولكنها قررت تأجيل العملية إلى أن تهدأ الأوضاع وتمر قافلة آخرى