بذور الأشجار أشلاء
هاذي دمـــاءٌ يا أخي تَسقِــي الثَّــرى
كي ترتوي البيــداءُ منهـــا و القــــرى
كالسّيــلِ صــارت أَمطرَت من أنفسٍ
جـــادت كأجْــوَد مـن أجــاويدِ الورى
لا حــاتمٌ أخلاقـــهُ كـــانت كمَــــــنْ
ضحَّــــى بنـفْــسٍ بسمــةٌ مــا أَضمـرا
القلبُ مغمــــورٌ بموتٍ, ضـــــــائقٌ
صــدرٌ يحــشـرجُ, لا لســانٌ عَـبَّــــرا
والعيـــنُ زاغـت من وريــدٍ مُنـفجِرْ
و الأحمـــرُ القـــاني نزيـــفٌ أنهـــرا
و الثَّـغـرُ يعلـــوهُ ابتســـامٌ قــائــــلٌ
نِعْـــمَ الرَّدى كــأسٌ شـربـتُ مُـظـفَّــرا
طفــلٌ و بنــتٌ أو عجــــوزٌ كلُّهـــمْ
أو فتيـــةٌ أو رضَّــــعٌ أو لم يُــــــــرى
ذاقــوا جميعًــا كـأسَ ظلـمِ المعتـدي
و الموتُ عُــــدَّ بِجَنْبِ ظـلـــمٍ سكَّـــرا
دمــعٌ دمــاءٌ أَشرَبـت صخـــرًا و آ
لامٌ مـــزاجٌ, كـيـف كـنـتُ مُـقـصِّــرا!
جـوفُ التُّراب المُرتوي حتَّى ثمــلْ
مــا خــانَ مُكرِمَــهُ و لا كــان ازدرى
هل كــلّ أشلائــي بأرضــي فُرِّقــت
زرعًــا بأقصــى واصــلاً أمَّ القــــرى
منهـــا الدِّماءُ الأرضُ صارت خصبةً
و الزَّرعُ أشلائـــي ارتوى و تفجَّــرا
و الدَّمعُ طـــــلٌّ للبــراعمِ يَسْقِهـــــــا
نبتٌ نَمــــا كَـبُــر استواءًا أخضــــــرا
فـي كـلِّ مقـدارٍ لأنملــةٍ شـجــــرْ
كــلُّ الدُّروبِ تَوَحَّــدَت لـن تَظهــــــرا*
يا أمَّتــــي لا كــان موضـعُ خطــوةٍ
للظَّــالم البــاغي طغــى و تجبَّــــــــرا
أشجـــــــارُنا ملأت ثرانــــا كلَّـــــهُ
مــــا تُرْبُ قـبـري وَقْفُهــــم بـل حُرِّرا
*لن تظهر الدروب للطاغي كي يجول كما يشاء
فالأرض مغطاة بالأشجار