كيف يموت المتعبون على الطريق ؟
حينما تسافر الأحلام عبر خيالات الزمن ، وتصبح ضرباً من المحال ، يبدأ المثقلون بالحلم ، يرتحلون من تلك الحقبة الرخيصة، إلى عوالم أخرى ، تشبه تلك التي لم يروها من قبل .
ثمة ظروف تجبر المرء على الخروج من صومعته ، ربما ليلتقط بعض رزقه ، أو ليزور جاراًً له ، أو يطبب فلذة كبده ، ثم يعود آخر النهار إلى بيتٍ يملؤه الحزن لألمٍ ألم في بيتهم عشية .
وحينما نسأل عن المتعبين الذين يموتون على الطريق ، نتذكر شعبنا المغترب ، فالأرصفة كانت ولا زالت مأوى لهؤلاء اللاجئين ، حتى وإن كانت أرصفة على باب الملوك ، تبقى أرصفة ..
المثقل بالهم ، والوجع ، والبؤس ن يقف على الجانب الكناني من معبر رفح ، يتابع البوابة بأسوارها العالية ، وينظر للجنود الكنانيين ببدلاتهم البيضاء الصيفية ، وهم يصرخون في أحد المنتظرين :
_ وقف هناك ولا
لا مجال للرد ، وإلا ستحل لعنة الكنانة ،
_ قال ولا قال ، في عينك يا ...........
وتستمر الأوامر ، والآذان مشنفة ، كلها تنتظر كلمة
" فتح المعبر " ، "دخلوا " ، وتبدأ الكتل البشرية الهائلة تتحرك ، وحينما يجهز الكل نفسه ، يأتي صوت يقول : الأوربيين مش جاي على بالهم يشتغلوا .
ويجلس الجميع ، يفترشون الأرض ، أو بعض الكراتين ، والألحفة ، ينتظروا كلمة أخرى ترن في آذانهم ، وتفتح بوابة الحياة والعودة للأهل ..
ولما طال المعاد ، وزاد الانتظار ، ونفدت مقومات الحياة ، عاد المتعبون يبحثون عن مأمن جديد للحياة ، ينتشرون على مفارق الطرق ، وفي المدن الكنانية القريبة من معبر الموت ، يلبسون في وجوههم أقنعة الصمود والصبر ، وهم يذبحون من الداخل ،
يتمزقون بلا أدنى ذنب سوى أنهم ؛؛
فلسطينيون ..
وهل هناك من الذنب أعظم من ذلك ؟؟
هكذا يموت المتعبون على الطريق !!