|
طاوي الديار |
مَـدَّتْ لمحزون ٍ يَـدا ً .. فاسْـتـَرْجَعا |
يمشي بـه ِ غـَدُهُ .. ويـركضُ خـلفـَهُ |
ماض ٍ تحَـسَّـرَ إذ رآك ِ فـــأَدْمَـعـا |
فـَوَدَدْتُ لو مَـدَّتْ لذي عَطـَش ٍ فـَما ً |
ليـَبُـلَّ منهُ الأصغرين ِ .. وأضـلـُعا(1) |
قد كان عادَ إلى الديار ِ ... فـَراعَـهُ |
أنْ قدْ رأى حقلَ المُـنى مُـسْـتـَنقـعـا |
فأتـاك ِ يـلتمِــسُ الـملاذ َ لــروحـِه ِ |
أوَلـيسَ ( للإنسان ِ إلآ ما سـعى )؟ |
حُلـُمٌ ولا أحلى .. فَـَمَـنْ لِـمُـشــَيِّع ٍ |
في الغـُرْبتين ِ شـَبابَـه ُ لو شـُيِّعـا ؟ |
هل يارعاك ِاللهُ مثلي في الهـوى |
صَـبٌّ توَسَّـلَ في هواهُ المَصْرَعا ؟ |
عَـفُّ السَريرة ِ والسرير ِ فـَقلبُـهُ |
لم يَتـَّخِذ غـيرَ المـوَدَّة ِ مـَنـْزَعـا(2) |
هَتَفَتْ لهُ شـَفة ُ المجون ِوأوْمأتْ |
مُـقـَلٌ لكأسِ خـطيئَـة ٍ فـَتـَـرَفـَّعـا |
نكثتْ به ِ " ليلاه ُ" حين تمَكـَّنتْ |
من قـلبـِه ِ كيما يفيض تـَضـَرُّعـا |
خبَزَتْ له السلوى رغيفا ً فارتدى |
من دِفئِها ثوبـا ً وقـدْ رَجَـفا مَـعا |
فـَغـَفـا يُـدَثـِّرُهُ حـريـرُ جـديـلــة ٍ |
طفلا ً يُناغي مُسْـتبيه ِالمُرْضِعا |
نسَجَتْ لهُ من أقحوان ِ هَـديلِـها |
ثوبا ً وألـْبَسَها القصائدَ بُـرْقـعـا |
وَعَدَتْ دُجاهُ بصُبحِـها وحقولـَهُ |
بقِـراح ِ عـَذبِ نميرِها فتطلـَّعـا |
حتى إذا بلغَ الفِطامَ مـن الأسى |
وحَبا على دربِ الهيام ِ مُمَتـَّعا |
واختارَها دون الحِسان ِ لـقلبـِه ِ |
قلبا ً وللمُقل ِ السَـنا والمَطمَـعـا |
كفرَتْ بنبْض ِ فـؤاده ِواسْتبْدَلتْ |
بالـراحِ جمرا ًوالأزاهر مِبضَعا |
ونديمة ٍ في الغـُربتين ِ رأتْ بـه ِ |
فـَرَسا ً لمُهْرَتِها الجموح ومَرتعا |
فرَشَتْ لهُ بالوردِ دَغـْلَ فِـراشِـه ِ |
طمَعا ً بِـشَـهْـدِ لـذاذة ٍ فـَتـَمَـنـَّعـا |
بَعَـثتْ إليهِ قلائــِدَ النعمى وقــد |
كان المُقيمَ على الكفافِ فأرْجَعا |
وتـلاقيا يوما ً بـواحـة ِ خـلـوَة ٍ: |
حقلا ً من العُشبِ النديِّ وبلقعا |
ما كان ذا فحْش ٍ ولكن لم يكـنْ |
مُتَعَـبِّدا ً نبَذ الرحيقَ ولا ادَّعى |
فأبى مخافة َ أنْ يكونَ مُـوَدِّعـَا ً |
شرفَ المروءةِ أويكون مُوَدَّعا |
ولربَّما غـَمَـزَ الهديلُ لأيـْكـتي |
فأغضُّ عنهُ ربابتي والمَسْـمعا |
سبعٌ وخمسون انتهين وهـا أنـا |
أتوَسَّـلُ الندمَ الصَدوقَ ليَشـْفـَعا |
أسَفي على زهرالشباب ِطحَنتهُ |
برُحى غروري فانتهيتُ مُصَدَّعا |
أتَعَكـَّزُ الأضلاعَ خوفَ شماتتي |
بيْ لو سـقطتُ بخيبتي مُـتـَلفـِّعـا |
أغوى الشبابُ فسائلي يا ليتني |
لم أتـَّخذهُ لحقل ِأُنـس ٍ مـَوضِعا |
لو تـُعْـشِبُ الأيامُ حقلَ كهولتي |
لسقيتُ عشبَ الأمنيات الأدمعا |
بَعُدَالطريقُ فلا المكانُ يفرُّ من |
زمني ولا جمعَ الزمانُ الأرْبُعا |
إلآ الصدى والذكريات وكلـُّهــا |
زادتْ على وجَعِ الفراق ِتوَجُّعا |
ما للهموم ِأبَتْ سـوايَ لنارِهــا |
حَطـَبا وقلبي للأسى مُسْتودَعا ؟ |
ألأنني لا أشـتـكي إنْ مَــسَّـني |
ضرٌّ ولستُ بمُسْـتحِث ٍ أدمُـعا ؟ |
أمْ أنه ُ حـظـُّ ابن ِ دجلة َ يومُـهُ |
دهرٌمن البلوى يقضُّ المضجعا؟ |
ستون إلآ بضعة ً... أمـضيتها |
طاوي الديارعلى الدروب مُوَزَّعا |
مدّي ـ رعاكِ الله ـ من رفق ٍ يَـدا ً |
للمُسـتغيث ِ.. فقد أتاك ِ مُـرَوَّعـا |