أين موقعنا الآن؟؟؟؟؟
على هامش الحضارات البائدة والسائدة..فهل نحن من الشرق؟ ام نحن تبع للغرب؟
علماء الحضارة يتحدثون عن حضارة الشرق القديمة في مقابل حضارة الغرب الحديثة، ويركزون الحضارة بنوع خاص على الحضارة العربية الاسلامية فقط!!!
وكل هذا يعني ضمنيا على الاقل الاعتراف بكيان مستقل ومميز للحضارة الشرقية وبشكل خاص للحضارة العربية الاسلامية وتلك حقيقة يتقبلها الاصدقاء والأعداء من كلا الطرفين.
تغيرت الصورة في العصر الحديث ..ولم يعد العالم العربي يمثل كيانا حضاريا يكافئ الكيانات القائمة، تدحرج من الشرق الى الجنوب فأصبح يصنف سياسيا بدول الجنوب وهي تسمية مهذبة تطلق على العالم الثالث الفقير المتخلف الذي لا يستطيع الاستقلال بأمر نفسه ويتحتم عليه ان ينحاز الى القوى العظمى بالتبعية.
ومن هنا تغير مفهوم الشرق كحضارة ثقافية في العصر الحديث واصبحت الصفة لا تطلق على هذا الشرق القديم والذي كان يمثل كيانا مستقلا آنذاك.. كيانا حضاريا معاصرا في مواجهة الكتلة الغربية.
فأين موقعنا الان؟
لقد اثير في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي سؤال مضمونه "أنحن من الشرق أم من الغرب؟؟" ولم تكن هذه الصيغة من السؤال تتضمن اي تساؤل عن امكانية الانتماء الى الحضارة الشرقية بالمعنى القديم/ بما فيها الحضارة العربية الاسلامية اذ يبدو ان الظروف لم تعد تسمح بمثل هذا التساؤل!!!!
كانت تلك الصيغة من السؤال بتحليلها الاخير دعوة للانضمام الى الثقافةالغربية والسؤال ينجلي بشكل واضح الى:
" هل بقيت ثقافة الشرق كما كانت ام تأثرت بالتكنولوجيا الحديثة؟
ان الصيغة كادت تحتم احد الخيارين وتوقع في شراك اجابة واحدة..
قد تكون الاجابة نحن في صف التكنولوجيا الحديثة وقد نكون نحن في الوقت نفسه تابعين للثقافة الغربية ولا شئ سوى هذين الخيارين...
ولم تعد الظروف تسمح بصيفة اخرى تتضمن خيارا ثالثا..
فالواقع العربي واقع فرقة ، وبصمات الانسان العربي على الخريطة العربية تكاد لا تبين..انه يحس بالضآلة ازاء الكيان الحضاري المتفوق سواء الامريكي ام في الغرب الاوربي ام في الكيان العملاق الصناعي الشرق آسيوي. ومن طرح السؤال بهذه الصيغة اصبح حتما ان يبحث عن نفسه في بحر عظيم تشكله شبكة اليكترونية تكاد تكون كونية وان يحاول الاختيار بين ان ينتمي الى هذه او تلك الحضارة التي ستورث لاجيال كما كانت في السابق..
وخرجت اجابات لدي هنا لهذا السؤال توحي بالبحث عن خيار ثالث.." هي صيغة مبهمة فما عدنا نرى الا هذا الجهاز الساحر الذي قام بنشر ثقافة اثيرية تنتهي كما تنتهي مقالات الصحف الورقية تلك الى لفائف ورقية تباع بها البضائع او تلف بها الحاجيات او ان يكون مصيرها الى غطاء ارضي لوجبة طعام..اذن اين الارث الذي سيتركه الكاتب السياسي او الكاتب الادبي او مقالات المفكرين وابحاثهم؟
هكذا انتسبنا الى الغرب من حيث لا ندري بحكم اللحاق بالتكنولوجيا الحديثة..اين مستقبل هذه الثقافات التي تنتشر على هامش التفاعل ولا تبقى الا ذكرى وذكرى هامشية مهترئة بدليل ان بعض اصحاب الاقلام الابداعية يتهربون من نشر اسماءهم الصريحة ويستبدلونها بأسماء مقنعة...فمن سيتعرف على صاحب النص بهذا الشكل؟
يجوز ان احتمالات مبررات الإجابة لدي تحمل في طياتها عناصر الاحساس بالضعف فالانتساب الى عالم النشر الاليكتروني سيجعلنا في رأيي نبدو مثل الاوربيين وان لنا عقولا مثل عقولهم وقد يكون في هذا تخلصنا من احساس التبعية!!
ولكني اعود وأتساءل هل البث الاليكتروني ينفي ان يكون هناك جوهر للفكر العربي ..وان فكرة النشر الاليكتروني ما هي الا مضيعة للوقت والتسلية وحب الظهور والانتشار ..حتى ولو بأسماء مستعارة؟
يجوز ان تختلف اراء الكثيرين معي في مساري الاعتقداي بوجوب النشر الورقي كما وكيفا كميراث ادبي سيبقى للاجيال القادمة وقد يرون انني اجرد الحضارة الحديثة ونهضتها الاسرع من سرعة البرق قياسا بحضارات سادت ثم بادت.. اجردها من المضي قدما في تقدمها بما تحمل لنا من خصائصها الثقافية والمعرفية وقد ينفون ان تكون مضيعة لجوهر للفكر العربي الذي يهمني هنا في المقام الاول وان فكرة ترويج النشر الاليكتروني الشاسع الانتشار والتي أخذ يسري في الفكر العربي لجيل اليوم وكتاب لم يرى النور ابداعاتهم الا عن طريق هذه الشبكة العنكبوتية الخطيرة قديما هي فكرة رائجة استجاب لها الكثيرين من اصحاب الفكر والاقلام الواعية الذين لم يجدوا الفرصة المادية والمعنوية لنشر اعمالهم حديثا –وأنا منهم – وقد يرون اني اخفي وراء اهمية مظهر الميراث الثقافي الورقي تخلف حضاري..
وقد ينصحونني بسرعة التخلص من فكرتي هذه وقد يقولون على ان ما اسلفت مجرد قضية منحازة لمصالح من لا يتعامل مع الشبكة الاليكترونية وبانني من فئات اجتماعية تفرز وتغذي تلك الفكرة الكلاسيكية فيرون في اسلوب حاسم ضرورة التخلص من هذه الفكرة تكريسا لمصالحهم ودعما لفكرهم ورؤاهم التطويرية.
.. إن افضل الحلول دائما هي الحلول الوسط ففكرة بالابقاء على الميراث الثقافي الفكري العربي الورقي والاليكتروني بنفس الوقت لن يتحقق الا بثورة ثقافية شاملة لا سبيل اليها بغير سلطة علمية ذات مسئولية واعية فعالة..لتشمل الجهتين ..النشر الورقي والنشر الاليكتروني حفاظا على مسايرة الحضارة!!!
هذا على الصعيد الفكري ، أما الممارسة السياسية فقد جربنا عمليا كلا الخيارين ..تمسكنا بالنشر الورقي (الجرائد والمجلات والكتب الثقافية السياسية بجميع اشكالها ) فترة طويلة واخذت المؤسسات الحكومية والثقافية والاعلامية تروج لهذا الاتجاه وتراوح الخلاص من عنق الزجاجة الذي بدأ يخنق النشر الورقي -..عن طريق النشر عبر المؤثرات الاثيرية حتى تضمن قراءة محتوياتها..وتذكر اسماء لامعة في عالم الصحافة والسياسية وهنا يشارك البث التلفزي التوأم الحبيب للشبكة العنكبوتية – بتشجيع البث الاليكتروني مع نشر مواقع اليكترونية مع العلم ان الخاسر هنا هي مؤسسات النشر الورقي للجرائد والمجلات..فقد انطلقت الجرائد المحلية والعالمية تروج قراءة الاخبار عبرمواقع البث المباشر من خلال النت لمن لا يسعه الوقت ان يقلب صفحاتها بان يقرأها براحة وفي اي وقت اثناء العمل او الدراسة وفنجان قهوة سوداء..على صفحات هذه الشبكة العنكبوتية..
وما زال السؤال يتكرر والعربي يدفع الثمن لسؤاله المطروح أين موقع الفكر العربي الآن..من التوسعة والنشر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ولم ولن يجد كل هذا اجابة لا على الصعيد الفكري ولا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد المعرفي طالما ان هناك وجهات تروج لهذه التكنولوجيا الآخذه بغزوها الاسواق المبشرة بمستقبل مضيئ.وليستمر الفرد العربي الكلاسيكي يسبح في عنق الزجاجة دافعا ثمن فكره دونما اجابة مغيبا لا يستطيع ان يتجاوز لحظته الآتية للبحث عن فكره الذي اوشك على الاندثار.. لم ؟
لانه لم يتمكن من تعلم استخدام الصندوق الاليكتروني المكشوف ا وطريقة النشر عبره لكتبه وموسوعاته الفكرية..جراء ومنجزات حضارة أمريكية اوروبية آسيوية ضاغطة.. إنها لحظات تاريخية علمية ادبية متصارعة..... ويبقى سؤاله معلقا بين السماء والارض إذا كنا لسنا من الغرب فمن نحن اذن؟؟؟
وبرأيي المتواضع اقول : ملخص الإجابه لقد اختارنا الله لكي نكون امة وسطا وهذه الوسطية ستكون الطريق المعاصر نحو حل تلك الازمة وردا على ذلك السؤال.... وعليه ، فعلى الآقل إن لم نصل الى حد العدم الذي يعني هدم الموروثات الثقافية التي وإن لم تعد كسابق عهدها مثل خرائب الحروب المتهدمة تبقى تباشير بأن هناك جيلا جديدا سيولد خلال الحطام لن يكرر مرة اخرى خطأ فهم النهضات الحضارية السائدة اليوم ..ومهما تمادت الامور فان فترة مستقبل الاضمحلال الثقافي الورقي التائهة او المقنعة التي تحمل داخلها عناصر هزيمتها – ستعود للظهور مرة اخرى بثوب جديد وسيبدأ الجيل الجديد من خلال حطام نشر الثقافات الفكرية والعلمية الورقي بثها اليكترونيا فهي وان كانت حطاما - الا انها ملكية خاصة وستبقى خاصة يستطيع ان يبني فيها وبها شيئا جديدا يسعه وأولاده.
لميس الامام