إلى أي المهالك يا غريبُ
يناديكَ الفؤادُ فتستجيبُ
تسافرُ في دروبك يا صديقي
ولا تدري بما حَـوَتِ الدروبُ
وتجلدك ابتلاءاتُ الليالي
فلا ذنباً تُـقِـرُّ ولا تتـوبُ
وتبسِمُ إن وَرَدتَ العيشَ صفواً
وإن نزلَـت بساحتكَ الخطوبُ
فإن ضاقت فأنتَ أخو اصطبارٍ
تُـفَـرَّجُ من عزيمتهِ الكُروبُ
وإن أرخت أعنتَّهَا زماناً
فأنت لكلِّ مَـكرُمَـةٍ نسيبُ
فما لي اليومَ إذ ألقاكَ ألقى
مريضاً ليس يُبرئُهُ طبيبُ
سَبَتهُ الحادثاتُ بريقَ عينٍ
وأطفأَ نورَ غُرَّتـهِ الشُّحوبُ
وهاجمَـهُ المشيبُ فتىً نديَّـاً
فلم يرحم نضارَتَهُ المشيبُ
كنهرٍ مشرقِ الأمواجِ ثارتْ
عليه الريحُ والبحرُ الغَضُوبُ
تقاسمتِ المصائبُ شاطئيهِ ..
ففيهِ لكلِّ نازلةٍ نصيبُ
---------------------------
فحرَّكَ من سكونٍ ناظرَيْـهِ
إليَّ .. وقالَ: " حسبكَ يا أديبُ
فهذا اللومُ من شفتيكَ سيفٌ
لهُ في القلبِ مُعـتركٌ رهيبُ
أتجهلُ ما جناهُ عليَّ قلبي
وأنتَ الشاعرُ الفَطِنُ اللبيبُ ؟!
أبعد رحيلِ من نهوى حياةٌ ..
وعيشٌ في مرابعنا يطيبُ ؟!
أشمسُ العاشقينَ لها شروقٌ
إذا رحَلَتْ وواراها الغُروبُ ؟!
أما والله إن عـزَّ التلاقي
وأخلفَ وعدَنا حُلُمٌ كَذوبُ
وغابت شمسُ روحي عن سماها
فذكراها بقلبي لا تغيبُ
إذا ذُكِـرَتْ جَـرَتْ عينٌ بعيني
وأتلفَ ساكنَ الصَّدرِ الوَجيبُ
ولولا الدمعُ يطفئُ نـارَ قلبي
لأحرَقَـهُ من الشوقِ اللهيبُ "
--------------------------------
فقلتُ :" عرفتُ داءكَ يا صديقي ..
وداءُ العشـق – يا هذا – عجيبُ
فؤادٌ بـرَّحَ التَّحْـنـانُ فيهِ
وأرَّقَـهُ – على البعدِ – الحبيبُ
غريرٌ خدَّرَتْهُ يدُ الأماني
وتلكَ يـدٌ مماطلةٌ لَـعـوبُ
تذيقُـكَ من صِحافِ الوهمِ شهداً
وواقعُـكَ المـريـرُ بهِ يذوبُ
فصبراً يا أسيرَ الشوقِ صبراً ..
عسى صبحٌ تُـضاءُ به القلوبُ
وثِـقْ في رحمةِ الرحمن دومـاً ..
وأنَّ مجيبَ دعوتنا قريبُ "
-----------------------------
-----------------------------