صرخة رقيقة
تتجهم الأجواء..تكثر المنعطفات..تتهادى أحلام عريضة..وتعلو الهمهمات الآملة ..تتقاطع كلها في كائن واحد..تتفتت حواسه الخمس إلى حواس كثيرة, ويوزع ذاته عند المفترقات, وينمو في كل جزء منها كائن جديد,ما إن يبدأ خطوه حتى تستوقفه صراخات أخرى..ليس الآن...ليس هنا.... ومرة أخرى يعيد ترتيب أجزائه ويعيد توزيعها في نمط آخر...تتهالك الجزيئات من التكرار اللامجدي في كل مرة ...ويتمطى أنين هادئ...ولا تتهالك المسؤوليات بل يمتد قطرها في اتساع جنوني.
وفي كل حين تهتز مطرقة النصح من كل حدب..نصح يحمل في طياته العتاب الكبير..فتدك الأوتار الدقيقة للرضى وتحال هما وضعفا..
ما هذا بغينا ولا ذاك...صراخ يقتل بهدوء..
وهن جلي يهيمن على الأداء الحائر..وآمال كبيرة تذوي...وتتسع في الأفق مليون علامة استنكار تعلو الجباه المقطبة..يذوب الجسد حياء..يجرجر أشلاءه المتناثرة من مساحاتها..ويستأذن وقتا قضمته الأضراس في غفلة منه فما شعر له لذة ولا شبعا..يتوسل إليه في فسحة منه ليعيد ترتيب الخطة من جديد..متناسيا أنينا يتململ في شرايينه منذ أمد...ولم يعر انتباها أمام لجة المشهد الطويل.
يتصاعد الأنين..يكبر ويكبر...يطغى...تتلاشى أمامه كل الوجوه...وتتراجع كل الاستناكارات الرافضة ..يقترب بعض الجسد من بعضه..يتشكل كائن جديد رقيق...تنتصب "الأنثى" في كل ذراته..ينساب الصوت رقراقا: أين أنا من هذا كله؟
أمام هذا الهزيم ..أدرك الآن فقط ألما خفيا يدغدغني...وبدأت أعيد ترتيب خطتي من جديد.