|
تفتّـحَ الشـوقُ أزهـاراً بوارفِـهِ |
فبوتقَ الحبُ بعضـاً مـن لطائفِـهِ ! |
وأرسلَ الوِدَّ والإكبـارَ فـي خَفَـرٍ |
ومـا اكتفـى بأثيـرٍ مـن هواتفِـهِ |
لصاحـبٍ لسـتُ أوفيـهِ مدائحَـهُ |
ولستُ اقبـلُ قـولاً مـن مجانفِـهِ |
وقد خبرتُ وِدادَ الصحـبِ كلَّهـمُ |
في عُمرِ أُنسي وفـي أحقـابِ تالفِـهِ |
فلم أجـد كأبـي حفـصٍ مقاربَـهُ |
ولستُ من يبـدلُ الأسمـى بزائفِـهِ |
وقد عهدتُ كِرامَ الصحبِ من قِدمٍ |
وكم تدفّقَ دهري في صوادفِهِ |
وكم شدوتُ لهـم حبّـاً ومكرمـةً |
وكـم ترنّـمتُ شِعراً من طرائفِـهِ |
فجئتَ يا عمرُ من صِرفِ النقاءِ ضُحىً |
تِبراً وأصبحتَ كنـزاً فـي مصارِفِـهِ |
علمـاً وفضـلاً وأخلاقـاً ومعرفـةً |
وكم ضللتُ بفتوىً مـن معارِفِـهِ |
فَطِب بما نِلتَ من قَدرٍ ومن شـرفٍ |
ولْتَعلموا عنـهُ شيئـاً غيـرَ آنفِـهِ |
فما صريعُ الغواني عنـدَ صاحبِنـا ؟ |
بمـا تراكـمَ عِشقـاً فـي صحائفـهِ |
فكم يُكـدّسَ فـي حُجراتِـهِ جُثثـاً |
وكـم تـلألأ دُرّاً فـي متاحـفِـهِ |
وكم ينمّـقُ مـن أشعـارِهِ شَرَكـاً |
وكم يُباهي بمكـرٍ مـن زخارِفِـهِ |
وكم يُنادي هَلُمّوا نحوَ فلسفتي |
وكم تراهُ خطيباً في طوائفِهِ |
وكم لهُ من قوانينٍ محرّفةٍ |
وكم يخبّئُ زوراً في معاطِفِهِ |
من مُجرمي الحبِ سفّاحٌ ملطّخةٌ |
يداهُ وَلْتقرأوا تاريخَ سالِفِهِ |
فعندهُ من ريـاضِ الحُسـنِ أنفسُهـا |
وما اجتنى الدونَ يوماً من وصائفِـهِ |
ومـا لِمعبـدَ مـن أوتـارِهِ نَغمٌ |
وليس لابـنِ سُريـجٍ مـن معازفِـهِ |
ولا ابنِ هانـئَ ظُرفٌ من طرافتِهِِ |
وليـس للمتنبّـي مــن نفانـفِـهِ |
إذا رأيـتَ بشوشـاً فـي تهلّـلِـهِ |
وإن أطلـتَ هلوعاً في مخاوفِهِ |
وإن سألـتَ كريمـاً بـاذلاً دمَــهُ |
وإن نزلـتَ فَـ نـارٌ مـن قذائِـفِـهِ |
إذا اُستثيـرَ لـدوداً فـي ضراوتِـهِ |
وإن أرادَ حبيـبـاً فــي تآلِـفِـه |
أراهُ يبـحـرُ رُبّاناً كصاحبِهِ |
مع ما أُكسِّرُ (حُبّـاً ) مـن مجادفِـهِ |
فبيـنَ أمــواجِ وِدّي إذ تقـاذفـهُ |
وبين أنواءِ مكـري فـي عواصفِـهِ |
أوليتَهُ من وفائي ما استحـقَ وكـم |
كسرتُ ما استيبست نفسي بوارِفهِ ! |