|
مَنْ يَدَّعِ الحُبَّ لا يُؤْذِ المُحِبِّينَا |
وَلا يُبَدِّلْ بِشَهْدِ الوُدِّ غِسْلِينَا |
وَلا يُقَدِّمْ يَدًا بِالعَهْدِ وَاهِيَةً |
بِهَا يُقَدِّمُ لِلأَعْدَاءِ سِكِّينَا |
مَاذَا اعْتِبَارُ أَخٍ دَسَّ الفِرَاقُ لَنَا |
يَأْتِي التَّخَاتُلَ حِينًا وَالأَذَى حِينَا؟ |
لَمْ يَأْلُ عَهْدُ صَحِيحِ الوُدِّ مُنْتَهَكًا |
حَتَّى تَرَدَّى بِكَفِّ العَفْوِ مَطْعُونَا |
تَزَوَّجَتْ مِنْ إِنَاثِ الغَدْرِ نَزْوَتُهُ |
فَأَنْجَبَتْ مِنْ ذُكُورِ الكِبْرِ قَارُونَا |
كَأَنَّ حَافِيَةَ الأَخْلاقِ مَا بَسَطَتْ |
لَهَا العَجَائِبُ إِلا الدَّرْبَ سِجِّينَا |
تَدْنُو بِهَا مِنْ لَبُونِ الكِيسِ غَايَتُهَا |
قَابَ احْتِمَالٍ وَتَنْأَى بِالذِي شِينَا |
أَمَّنْ تَوَضَّأَ طُهْرَ القَولِ مِنْ نَجَسٍ |
وَقَالَ إِنِّي إِمَامٌ لِلمُصَلِّينَا |
أَمَّنْ يَغَارُ عَلَى لَيلَى فَيُغْرِقُهَا |
وَيُهْلِكُ البَحْرَ كَي يَسْتَنْقِذَ المِينَا |
أَمَّنْ يَظُنُّ بِأَنَّ المَجْدَ صَهْوَتُهُ |
إِنْ قَالَ بَيتًا مِنَ الأَشْعَارِ مَوزُونَا |
أَمَّنْ تَمَلَّكَ عَرْشًا غَيرَ مُنْتَخَبٍ |
حَتَّى تَمَلَّكَ مِنْهُ الوَهْمُ مَفْتُونَا |
يُفَاخِرُ الدَّهْرَ فِي تِيهٍ وَفِي صَلَفٍ |
وَقَدْ أَذَلَّ لَهُ الإِسْفَافُ عِرْنِينَا |
أَمَّنْ يُهَدِّدُ سَاقَ العِزِّ فِي رَفَحٍ |
وَيَقْبَلُ الذُّلَّ فِي طَابَا وَفِي سِينَا |
أَمَّنْ يَقُولُ: أَنَا حُرٌّ فَدَعْكَ وَمَا |
عَذَلْتَ مِنِّي مُوَالاةَ المُعَادِينَا |
وَمَنْ يَقُولُ: وَلِي أُمٌّ أَبِرُّ بِهَا |
وَلا أُعَادِي الذِي فِيهَا يُعَادِينَا |
وَلا أُعَانِقُ مَنْ بِالسُّوءِ يَبْهَتُهَا |
إِلا لأَنِّي أَبَيْتُ الرَّأْيَ مَرْهُونَا |
فَقَدْرُ أُمِّي وَقَدْرِي غَيرُ مُتَّصِلٍ |
وَأَمْرُ أُمِّي وَأَمْرِي لَيسَ مَقْرُونَا |
يَا مَنْ يُبَرِّرُ بِالأَسْبَابِ كَيفَ تَرَى |
عَذْلَ الزَّبَرْجَدِ صَلبًا وَالنَّدَى لِينَا؟ |
المَرْءُ يَمْضِي عَلَى دِينِ الخَلِيلِ وَهَلْ |
بَرٌّ يُصَاحِبُ فِي عُرْفِ الهُدَى دُونَا؟ |
وَالحُرُّ يَأْنَفُ إِنْ يُعْرَفْ بِمَنْقَصَةٍ |
فَكَيفَ يُنْقِصُ فِي العُرْفِ المَوَازِينَا؟ |
وَكَيفَ يَقْضِي مِنَ الأَوطَارِ مَا ابْتَذَلَتْ |
وَكَيفَ يُفْضِي إِلَى الأَعْذَارِ تَسْكِينَا؟ |
حَقُّ المَبَادِئِ فِي الأَحْرَارِ رَاسِخَةً |
كَمَا العَقِيدَةُ فِي الأَحْشَاءِ تَمْكِينَا |
وَلِلعَدَالَةِ عَينٌ غَيرَ مُبْصِرَةٍ |
لَيْسَتْ تُمَيِّزُ ذَا سَطْوٍ وَمِسْكِينَا |
وَمَا الأَمَانُ اجْتِنَابُ البَأْسِ مِنْ وَجَلٍ |
وَلا الأَمَانَةُ غَمْطُ الحَقِّ تَزْيِينَا |
أَلَيسَ مِنْ تُرَّهَاتِ الحَالِ أَلْسِنَةٌ |
رَعْنَاءُ تَلْحَنُ فِي قَدْرِ المُجِلِّينَا؟ |
وَخَائِنٌ يَشْتَكِي مِنْ غَدْرِ أَهْلِ وَفَا |
لَمَّا تَسَمَّى بِأَوصَافِ الوَفِيِّينَا؟ |
قَدْ مَلَّتِ الرُّوحُ لَمْ تُدْرِكْ غَلالَتَهَا |
مِمَّا اسْتَقَرَّ لَهَا فِي الصَّدْرِ مَكْنُونَا |
وَضَجَّتِ النَّفْسُ مِنْ حَالٍ تَكَادُ تَشِي |
بِمَنْ يَسُلُّ لِسَانَ الوُدِّ تَلْقِينَا |
لَهُمْ إِهَابُ ثَعَابِينٍ مُرَقَّطَةٍ |
يَفُوقُ مَرْتَبَةَ الحِرْبَاءِ تَلْوِينَا |
يَبْقَى الغُرَابُ غُرَابًا لا يَطِيبُ لَهُ |
إِلا الخَرَابَ وَإِنْ سَمَّوهُ شَاهِينَا |
نَفْسِي فِدَاءُ فِلِسْطِين التِي نَزَفَتْ |
منِهْاَ الكَرَامَةُ مَقْتُولا وَمَسْجُونَا |
تَكَادُ تَنْخَلِعُ الأَنْفَاسُ مِنْ فِتَنٍ |
عَزَّتْ عَلَى العَقْلِ تَدْوِينَا وَتَأْبِينَا |
قَدْ خَضَّبَتْ مِنْ دَمِ الأَعْرَافِ شِرْذِمَةً |
وَخَضَّبَتْ مِنْ دَمِ العِزِّ المَلايِينَا |
وَبَاتَ يَعْرِفُ أَهْلُوهَا إِذِ انْقَسَمَتْ |
مَنْ يَعْشَقُ الفِلْسَ مِمَّنْ يَعْشَقُ الطِّينَا |
يَا لَيتَ شِعْرِي أَلَمْ يَأْنِ اجْتِبَاءُ خُطَى |
نَهْجِ الأُبَاةِ وَإِقْدَامِ المُلَبِّينَا؟ |
وَسطْوَةٌ مِنْ صَهِيلِ السَّابِحَاتِ عَلَى |
وَقْعِ الحَوَافِرِ تَأْمِيلا وَتَأْمِينَا؟ |
مَا قِيمَةُ السَّيفِ فِي غِمْدَينَ مِنْ ذَهَبٍ |
حَتَّى نُجَنْدِلُ مَنْ بِالذُّلِّ يَرْمِينَا؟ |
وَمَا صَلاحُ إِذَا ارْتَدَّتْ فَوَارِسُهُ |
عَنِ البُطُولَةِ فِي إِدْرَاكِ حِطِّينَا؟ |
كُنَّا وَكَانَتْ بِلادُ العُرْبِ صَرْحَ عُلا |
وَدَارَ قَومٍ إِلَى الآدَابِ دَاعِينَا |
أَيَّامَ كَانَتْ خُيُولُ النَّصْرِ مُسْرَجَةً |
وَكَانَ مَنْبَعُ صَافِي الدِّينِ يَرْوِينَا |
حَتَّى دَهَتْنَا القُرَى مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ |
وَكَشَّرَتْ عَنْ نُيُوبِ القَهْرِ تُرْدِينَا |
مَاذَا اصْطِبَارُكِ يَا دَارِي وَقَدْ عَصَفَتْ |
فِيكِ النَّوَائِبُ مِمَّنْ قِيلَ: أَهْلُونَا؟ |
كَأَنَّ لَمْ يَكْفِ مِنْ صُهْيُونَ مَا هَتَكَتْ |
حَتَّى سَقَوكِ الرَّدَى عَونًا لِصُهْيُونَا |
قَالُوا الإِخُوَّةُ فِي الأَوْطَانِ مُلْزِمَةٌ |
وَلا خِلافَ وَإِنْ هُمْ خَالَفُوا الدِّينَا |
وَمَا الإِخُوَّةُ إِلا النَّهْجَ مَا حَفَظَتْ |
فَإِنْ تَوَلَّتْ فَإِنَّ اللهَ يِكْفِينَا |
إِذْ قَالَ نُوحٌ فَقَالَ اللهُ فَانْطَلَقَتْ |
تَحْكِي السَّفِينَةُ مَنْ مِنَّا وَمَنْ فِينَا |
يَا مَنْ يُحَاوِرُ مَنْ يَخْتَالُ يَخْصفُ مِنْ |
صَبْرِ الحَرِيصِ يُوَارِي القَومَ مَا شِينَا |
كَيفَ الْتِقَاءُ نَدِيمِ الكَأْسِ مُفْتَخِرًا |
بِمَا أَصَابَ وَأَتْبَاعِ النَّبِيِّينَا؟ |
أَطَلْتَ صَبْرَكَ عَنْ جَورٍ وَعَنْ جَنَفٍ |
حَتَّى كَأَنَّا نَرَى فِي الدَّهْرِ صِفِّينَا |
لَمْ يَرْدَعِ الحِلْمُ أَشْرَارًا وَلا اجْتَرَأَتْ |
كَفُّ الفَسَادِ سِوَى مَا كَانَ تَهْوِينَا |
وَمَا القَوَانِينُ فِي عَهْدٍ بَغَى زَمَنًا |
وَلا يَرَى غَيرَ عَضْلِ العَدْلِ قَانُونَا؟ |
وَفِي البَوَائِقِ جِلْدِي خَلفَ أَوْرِدَتِي |
أَقَلُّ رِيحٍ مِنَ الإِنْكَارِ تُدْمِينَا |
إِنَّ الحِوَارَ أَرَاجِيفٌ يُرَادُ بِهَا |
سَفْكَ الحَقِيقَةِ بِالنَّجْوَى قَرَابِينَا |
وَمَا الحِصَارُ سِوَى بُرْهَانِ مَا اقْتَرَفُوا |
فَكَيفَ نُلْجِمُ بِالرَّأْيِ البَرَاهِينَا؟ |
لَنَا القَتَادَةُ مِنْ أَبْنَاءِ جِلْدَتِنَا |
وَلِلغَرِيبِ أَطَابُوا الوَصْلَ نِسْرِينَا |
مَا انْفَكَّ يَرْعَى مَعِ البَاغِي وَلاؤُهُمُ |
حَتَّى اسْتَقَرَّ بِوَادٍ غَيرَ وَادِينَا |
يَظَلُّ مِنْ سَرَفٍ يَسْعَى إِلَى سَرَفٍ |
وَجْهًا وَيَطْعَنُ ظَهْرَ الصِّدْقِ تَخْوِينَا |
لَمْ يَجْزِ غَزَّةَ فِي الحَالَينِ غَيرَ دَمٍ |
أَجْرَوهُ خَنْقًا وَتَجْوِيعًا وَتَوهِينَا |
فَلا وَرَبِّكَ لا صُلْحٌ عَلَى ضَغَنٍ |
وَلا ابْتِسَامٌ يَرَى التَّقْطِيبِ مَدْفُونَا |
وَلا تَنَازُلَ لا تَفْرِيطَ فِي وَطَنٍ |
سَمَا عَلَى الدَّهْرِ تَقْدِيسًا وَتَثْمِينَا |
نُرِيدُ كُلَّ أَرَاضِينَا التِي انْتُهِبَتْ |
النَّهْرَ وَالبَحْرَ وَالزَّيتُونَ وَالتِّينَا |
وَحَقَّ عَودَةِ شَعْبٍ مَلَّ غُرْبَتَهُ |
وَحَقَّ دَمْعَةِ أُمٍّ أُهْرِقَتْ هُونَا |
هَذَا نِدَاءٌ لِمَنْ يَأْتِي الحِوَارَ سُدَى |
بِصَوتِ كُلِّ مُصَلٍّ قَالَ آمِينَا |
يَا مَنْ جَعَلْتُمْ إِلَى الكُرْسِيِّ هِمَّتَكُمْ |
خُذُوا الكَرَاسِي وَأَعْطُونَا فِلِسْطِينَا |