أخي طائر الأشجان
لك مني وافر الشكر لاهتمامك بما كتبت، وقد أسعدني ذلك من حيث المبدإ بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا حوله. وأراه منك دليل احترام وتقدير. فبارك الله فيك.
أقول هذا وأنا أختزن ألما من أخ أحب وأقدر لأني عندما علقت على كلام له على نحو تعليقك هذا اعتبر ذلك مني إساءة، وخاطبني بيني وبينه باستعلاء آلمني أكثر من إساءته فهمي. وأشهد الله أني ما علقت على كلامه إلا اعترافا بقدره وتعبيرا عن احترامي له.
والآن إلى ما تفضلت به:
قصيدة رائعة أخي .. ولا شك أن شوقكم يزيد لمعرفة الهنات كما أراها من زاويتي ، ليكن ذلك .
من اللاحظ أخي سلاف أن تكرار بعض الالفاظ في مواضع متوالية قد أذهبت جزء كبير من رونق الأبيات ومن ذلك على سبيل المثال :
أدمنتُ قيدي، وجئتَ الآنَ تعتقنـي
من دونِهِ خلتُ أنّي لا أكـون أنـا
أنّى أكون أنـا مـن دون عضتـه
في الروحِ تبعث فيها الوجدَ والشّجنا
عبارة ( اني أكون أنا ) قد تكررت بصورة متتالية ظهر فيها التكلف وطابع التصنع بما لا تستسيغه الأذن .
أخي الكريم
معك أن هنا تكرارا ولكن حدته تخف نوعا ما لأن الأولى ( أنّى بالألف أي كيف ) والثانية ( أني من أنّ واسمها ،الياء ) ثم قد يخف أيضا من وطأة التكرار أنه غير متكلف، إذ يجوي مجرى الحديث المسترسل، كأن تخاطب أخاك هاتفيا وتقول له :" الله يهدي بالك " فيرد " وكيف يهدأ بالي وأنت بعيد "
وتكرر ذلك في البيت التالي :
محقّقا معجزاتٍ كـم حلمـتُ بهـا
بها أفـوق الثريـا رفعـةً وَسنـا
لفظ ( بها ) هو المعني بالتكرار هنا .
وهنا أيضا قد يخفف من التكرار أن اختلاف متعلق (بها) الأولى فهمي متعلقة ب(حلمت) و( بها الثانية متعلقة ب ( أفوق)، وأحسبني أجد بتشابه الصياغة بين آخر الصدر وأول العجز نوعا من الربط المناسب بينهما. وفي البيت التالي نلاحظ تواتر لفظ ( بهِ ) فيما لا يُحبذ كما ترى .
حتى غدا الهمّ سلوانا بـه شُغِفـت
نفسي به تلتقي الترويـح والدّدنـا
ولنلقي نظرةً على البيت التالي :
مضى بيَ العمرُ أعوامـاً تقطّعنـي
كما يقطّعهـا قولـي: اللقـاء دَنـا
لا أظن العجز بخير ، وأقترح (قولُ ) عوضاً عن (قولي ) .
أما هذه فالعجز فيها بخير
كما يقط طِ عها قو لِلْ لقا ءُ دنا = 3 3 1 3 4 3 1 3
يقول الشاعر : http://www.nizwa.com/volume3/p248_251.html
نفسي الفداء لقبر انت ساكنه فيه العفاف وفيه الطهر والكرم
نفسي الفداء صحيحة وصحيحة أيضا نفسُ الفداء
ولأبي فراس الحمداني:
وقال أصيحابي الفرار أو الردى فقلت هما أمران أحلاهما مرّ
أصيحابي وأصيحابُ كلاهما صحيح
ورد لفظ (الددنا ) في عجز أحد الابيات ، حبذا لو نستقي المعنى منه على سبيل الاستزادة بالمعرفة .
جاء في القاموس المحيط : الدَّدَنُ: محركةً اللَّهْوُ اللَّعِبُ كالدَّدِ والدِّدَا والدَّيْد والدَيَدَانِ محركةً
وكم حلمـت بآفـاق نطيـر لهـا
وكم فيافيَ قـد طفنـا كمـا مُدُنـا
هل كان المقصود ( وكم فيافيَ قد طفنا وكم مُدُنا ) وإذا كان لفظ ( كما ) أصلٌ في العجز فقد أصبحت الصورة ضبابية إلى حد يطالبكم بتوضيح المعنى .
يغلب على كما في ذهني عطف معنوي لفعل على آخر. تقول أكلت كما شربت، وهنا تصوري للمعنى هو
كم طفنا فيافيَ كما طفنا مدنا فحذفت طفنا الثانية لدلالة المعنى عليها وليس هذا مقصودا مني، بل إنه محاولة لتفسير إحساسي بصواب التركيب وحذف الفعل الثاني المعطوف على الأول معروف عند العرب حتى لو خالفه لفظا إذا ما دل عليع السياق والمشهور عنهم في هذا الشاهد
وعلفتها تبنا وماءً باردا
أي علفتها تبنا وأسقبتها ماء باردا
تعيش طيفا معي ما انفكّ يلزمنـي
أُرى أخاطبه صحـواً كمـا وسَنـا
لفظ (يلزمني ) ربما قصدتم بها " يلازمني " وهنا يلزمكم إعادة النظر فيما تحدثه من اهتزاز في التفعيلة ،
أما العجز فإعادة صياغته حتمية من حيث كونه مستهل بصورة غير سليمة ( أرى أخاطبه ) علاوة على الغموض الذي اعترى الصورة وغيّب ملامحها .
جاء في لسان العرب : لزم الشخصُ الشيءَ: لم يفارقه؛
أما العجز فأعتقد بصحته : أُرى فعل مضارع مبني للمجهول، أي يراني الناس أخاطب نفسي
أشكرك على ما تفضلت به من تقريظ لمواطن الجمال شكرا لا يقل عن شكري على تفضلك لنقد القصيدة. ولقد أفدتني من نقدك وأتحت لي فرصة للبحث والتأمل. وأتمنى أن أكون قد وفقت بعض الشيء في توضيح بعض الأمور التي تكرمت بالإشارة إليها.
أتمنى أن لا تحرمني من نقدك كل مرة أكتب بها فهذا يسعدني فإما أن أتعلم منه شيئا أو أبحث لأقلل من وقع خطئي وكلاهما مفيد.
ثم جل من لايخطئ. ومنكم نستفيد
أكرر شكري.
أخوك - سلاف