رَ... غِ... فً !
هي محاولة متواضعة أتمنى أن تسمو لذائقتكم.
دو... ري... مي
متهمٌ صوتُ الناي
ببكاءٍ وعويل
و أنين نشيج
شقَّ جسدًا للسهرِ هزيلا
وأرَّق صيادًا في عرضِ النيل
منذ الأبدِ يخيطُ شباكَه
بأيدٍ من غيرِ بنان
وخيطٍ مهترئٍ لعراكِه
مع حوتِ المالِ والغيلان
متهمة تجاويفُ الناي
بعناقِ أناملِ فنان
وثغرٍ يلتصقُ بثغر
يتأوهُ... يزفر
يستعرُ بشلالِ نيران
وبأن الصوتَ أدار من الشجن رؤوسًا
فسقاها من الدمع كؤوسًا
من وجعِ الذكرى من الأحزان
متهمٌ صوتُ الناي والساهرُ والفنان...
زَقْ... زَقْ... زَقْ
متهمٌ فوق الغصنِ العصفور
بأنه أكل حبوبًا من فوق السور
وتجرأ واقتحم البستان
وبخطفِ جناحه لرصاصة
من فمِ بندقةِ الصياد
وبأنه أوقف نزفه وحلق بجناحٍ مكسور
لعصورٍ وعصور
وبأنه هرب من الجلادِ وحلق فوق الأفنان
وبأنه أنشد يتوجع
بجروحِ جميع العصافير
فأنصت للشدو وأدمع
سجينٌ في قصر أمير
فأُطلق للدمع عنان
متهمٌ هذا العصفور وسجينُ القصرِ والأغصان
رَ... غِ... فً
متهمٌ في طابورِ الخبزِ فقيرٌ جوعان
بأنه أظلم وأطغى
وتعدى كل الأوصاف
فحلم عدوًا بطعام
وبعضٍ من خبزٍ حاف
فودع الأهل وخاض في حربِ رغيف
في حشرٍ من صنعِ الإنسان
من ظلم الإنسانِ لأخيه الإنسان
يضربُه ذاك والآخرُ يدفع
لا صرخة ولا آهٍ تشفع
وبأنه سهوًا قد داس قدم فلان ابن فلان
متهمٌ هذا الغلبان
بجرائمِ كل الأوطان
وبأنه في ثورةِ يأسه
قد سبَّ مراسيم السلطان
ورفع يديه يقول يا رب
يا حنان يا منان
أنت على الظالم أنت على العدوان
متهمٌ هذا الجائع بخطف بقايا حساء
من قط الجيران
لأطفالٍ بأفواهٍ جافة
لم يطعموا لحمًا ولا سمكًا
بل أكلوا جلدَ الثعبان
ولا لبنًا شربوه ولا عسلاً
بل شربوا مر الحرمان
متهمٌ جوعُ الأطفال ورغيفُ الخبز والغلبان...
آهٍ... آهٍ... آه
متهمة الوردة
سافرةٌ جدًا تهمتها
والتهمة تجريح أيادٍ
امتدت بغيًا تقطفها
تذبحها... تسحقها
تسقيها عبث الهذيان
متهمة بشوكٍ في الغصن
وبعطرٍ جذب فراشات الألوان
ورحيق وهبته لنحل الغيطان
متهمة الوردة بصد العدوان
متهمة بإغواء قابيل
وتغطي يديها دماء هابيل
متهمة بلون أسود وجمال فتان
وبدمع أغرق أنهارًا
وبملح شاك الخلجان
مصلوبة على كتف الصمت نهارًا
وليلاً تنقرها مخالب غربان
موشومة بأبشع بهتان
بغوايةِ كل رجال الأديان
وبقلبٍ في الصدر أحب
وبفيضٍ من نبع حنان
متهمة الوردة وهابيل وشوك الأغصان..