هوامشٌ على أطرافِ الكون . . بأبجديةِ الهذيان
لونُ المقاعدِ فى عربةِ القطارِ أضفى لونًا أزرقَ يشبهُ لونَ الفجر فوقَ سماءِ نافذتى السوداء . .
فجرًا كاذبًا ,
يحملُ الكثيرَ من التضليلِ والنفاق . . وأحيانًا الحزن . . ويكتمُ الكثيرَ من الأسرار ,
كمقعدى هذا . . كم يحملُ من أخبارِ أولاءِ الذينَ سبقونى عليه ,
كم يعلمُ الكثيرَ عمن يعرف أولا يعرف . .
كم عاشرَ هذا المقعد من أناسٍ . . صاحبَ الكثير , قَبِلَ من قَبِل . .
ورفضَ من رفض , ذكر من ذكر . . ونسىَ من نسى ؛ هل هذا يستحق النسيان , أو ذاكَ يستحق التذكر ؟..
كم هو شىءٌ نسبىّ . .
كسفرىَ هذا . .
كحلمىَ هذا . . كصمتىَ هذا . . كشجنىَ المعجونُ بالدهشةِ والأرق . .
كتلك المصابيحِ البعيدةِ التى تشبهُ نجومًا سقطت فوق الأرض ,
تتراقص . .
تظهر ثم تختفى . . تعلو وتهبط . .
الأكيد . . أنها تُحسنُ التبسُّمَ جيدًا . .
حتى مع لونها الذى يشبهُ أحيانًا لون الدمعةِ ,
وأحيانًا لونَ النَّار .
لا أرى من نافذتى . . سوى تلك النجيماتِ البعيدةَ ,
وظلالٍ تجرى مُسرعةً نحو مصيرها الذى لا أدرى إن كانت تعلمهُ أم لا , وذاك الفجرِ الكاذب . . ؛ كلها علاماتٌ كاذبة . . نسبية .
أشعرُأنَّنى فى كأسٍ فضائىّ . . مِزاجهُ بعضُ الأسى . . وتيهٌ مُقنّع . . ورحلةُ شكٍ . . وماءُ ألوهةٍ . .وضراعةٌ ملحدة ؛
الكأسُ يدورُ فى مدارِ التوجُّهِ للا مدار . . أى اللا نسبةِ إلى أىِّ شىء . . تلفُّهُ كوكبةٌ من نجيماتٍ بعيدة وظلٍ للتردد ونورٌ ضلَّ الطريق . . فلا هو نورٌ . . ولا هوَ ظُلمة.
نشيجُ الحياةِ يبدأُ فى التمزق , ونبدأُ فى الخروجِ إلى احتمالاتِ التألّه . .
بعضِ الصفاتِ المطلقةِ . .
وبعضِ الأمنياتِ الجامحة .
أرى خصلاتٍ من الدنيا تدلى فوق نافذةٍ مقابلة . . تُحاولُ إخضاعَ أحدٍ من الراحلينَ عنها فلا تستطيع . .
ولا أحدٌ يراها.
فجرىَ الكاذبُ يمتد ونجيماتى تقترب , وشرنقةٌ خضراءُ معلقةٌ بين السماءِ والأرض . . تشبه امرأةً تصلى . .
أو مئذنةً تنادى باقترابِ العهد ,
مآذنى الخضراء تزداد . . وتدنيني من الحقيقة . .
ماأعظم الصلاة فى حرمِ الغموض , وفى طريقِ التَّجلى . .
وأعودُ أخرى لمقعدى الذى لوَّنَ سمائى بفجره , هل أحبوه ؟ هل يذكروه كما يفعل ؟ كما يقصُّ حكاياهم . . أخبارهم . . على كل من يرى ؟ أم أننى من استبحتُ ذاكرته ؟ . . .
نافذتى حائلٌ بينى وبينَ هروبى إلى منطقةِ اللاجاذبية . . واللانسبية . . والعدميةِ المُخلَّدة ؛ جزءٌ من العدم . . يُمنح الوجود , ثم الخلود فيما هو منه . . . أم حتى هذهِ أيضًا . . نسبية ؟
صابرين مهران
27/08/2008