|
وَتَعَثَّرَ الأَمَلُ الْجَرِيِحُ بِصَخْرَتِهْ |
لَمَّا تَأَنَّى فِي اقْتِحَامِ مَجَرَّتِهْ |
تِلْكَ الْخُطَى..لَوْ كُرِّمَتْ بِسَبِيِلِهَا |
لَتَحَرَّرَ الْقَدَمُ الأَسِيرُ بِحُفْرَتِهْ |
يَا دَرْبُهُ الْمَشْحُونُ بِالشَّوْكِ الَّذِي |
قَدْ لَفَّ أيْكاً فِي حَدَائِقِ زَهْرَتِهْ |
يَمْشَي..وَيَجْرِي فِي خُطَاهُ حَنِيِنُهُ |
وَيُسَابِقُ الْقَدَرَ الْعَنِيِدَ بِقُدْرَتِهُ |
أَوَّاهُ يَاعُمْراً مَضَى بِلَهِيِبِهِ |
فَمَتَى؟ مَتَى؟ سَتَحِيِنُ ثَوْرَةُ جَمْرَتِهْ ؟! |
كُلُّ الدُّرُوبِ عَوَائِقٌ فِي سَيْرِهِ |
جَبَلٌ تَهَدَّمَ فِي شَوَارِعِ سَفْرَتِهْ |
وَكَأَنَّ أَبْوَابَ الْحَيَاةِ تَرَتَّجَتْ |
فِي غَفْلَةِ الزَّمَنِ الْحَبِيِسِ بِشَفْرَتِهْ |
فَمَتَى يَطِيِرُ الطَّيْرُ مِنْ قَفَصِ الْجَوَى |
وَيُغَرِّدُ الْمَكْبُوتُ فَوْقَ شُجَيْرَتِهْ |
فَالْغُصْنُ قَدْ ذَبُلَتْ بِهِ ثَمَرَاتُهُ |
وَاسَّاقَطَتْ أَوْرَاقُهُ بِمَبَرَّتِهْ |
بَعْضُ الأَمَانِي حَنْظَلَتْ بِعُرُوقِهَا |
فَتَعَلْقَمَ الشَّوْقُ الْمَرِيِرُ بِحُجْرَتِهْ |
وَتَرَكَّزَتْ بِعُصَارَةٍ مِنْ نَزْفِهِ |
كَالْكَرْمِ عَتَّقَهُ الْزَّمَانُ بِخَمْرَتِهْ |
وَمَضَتْ تُسَيِّحُ مُرَّهَا مُتَشَنِّجاً |
يَحْبُو ويَعْدُو فِي مَسَاكِنِ سَكْرَتِهْ |
هَلْ يَاتُرَى سَيُهَذَّبُ البُسْتَانُ فِي |
قَلْبِ الأَمَانِي مِنْ حَنَاظِلِ سِدْرَتِهْ ؟! |
وَهَلِ الْجَنَائِنُ فِي الْحَنَايَا تَرْتَوِي ؟ |
وَالطَّيْرُ عَطْشَانٌ بِمَرْبَعِ هِجْرَتِهْ !؟ |
أَمَلُ الْحَيَاةِ مُهَدَّدٌ بِخُمُولِهِ |
يَا دَرْبُ فَافْسَحْ كَيْ يَعِيِشَ بِثَوْرَتِهْ |
كَمْ مَرَّةٍ نَامَ الشُّرُوقُ مُكَفَّناً ؟ |
وَاسْتَيْقَظَ الْغَيْمُ الْحَلُوكُ بِسَهْرَتِهْ |
الرَّعْدُ يَصْرَخُ فِي بَرِيقِ سَمَائِهِ |
وَكَذَا احْتِقَانُ بُكَائِهِ فِي عَبْرَتِهْ |
وَتَجِفُّ مِنْ عَيْنِ السَّمَاءِ سُيُولُهَا |
وَالدَّمْعُ يَهْطِلُ مِنْ غَمَائِمِ نَظْرَتِهْ |
وَيُجَرِّحُ الْخَدَّ الأَسِيِلَ مُعَانِداً |
وَتُشَوِّهُ الطَّعنَاتُ شُرْفَةَ صُفْرَتِهِ |
شَفْرِيَّةُ الْحَدَّيْنِ فِي إدْبَارِهَا |
تِلْكَ النُّجُومُ اسَّنَّنَتْ فِي غَمْرَتِهِ |
وَغَزَتْ شَرَاراً فِي جَحِيِمِ أُوَارِهَا |
وَالدَّمْعُ يَغْلِي فِي مَدَافِنِ بُؤْرَتِهْ |
حَتَّى تَرَاجَعَ فِي التَّفَاؤُلِ تَوْقُهُ |
واشْتَدَّ عَزْمُ تَشَاؤُمٍ مِنْ حَسْرَتِهْ |
مَسَحَتْ عَلَيْهِ شُحُوبَهَا تِلْكَ الرُّؤَى |
فَاصْفَرَّ مَمْزُوجاً بِرِفْقَةِ حَيْرَتِهْ |
الشَّمْسُ شَعْشَعَ نُورُهَا وَسَطَ السَّمَا |
لَكِنَّهَا لَمْ تَنْقَشِعْ فِي حَضْرَتِهْ |
وَالْبَدْرُ قَدْ لَبِسَ اللآلِئَ فِي الدُّجَى |
لَكِنْ تَوَارَى خَائِباً مِنْ دَوْرَتِهْ |
شَبَحٌ يَهِيِمُ مُسَرْبَلاً بِظَلامِهِ |
فَغَفَى الْخَيَالُ مُكَبَّلاً فِي سِتْرَتِهْ |
مِفْتَاحُ رِحْلَتِهِ الأَسِيِرَةِ فِي الدُّنَى |
لا زَالَ مَرْهُوناً بِخَزْنَةَِ أُسْرَتِهْ |
نَامَ الشَّقِيُّ وَعَقْلُهُ مُتَحَفِّزٌ |
قَدْ يَنْجَلِي طَعْمُ الْحَيَاةِ بِفِكْرَتِهْ |
وَتَضَاعَفَ الْجُرْحُ الْعَنِيِدُ بِفَرْشَةٍ |
هَاجَتْ بِهَا الأَوْجَاعُ..غَزْوَةُ فِطْرَتِهْ |
فَلَقَدْ تَرَاءَتْ فِي الْمَنَامِ مَلامِحٌ |
سَكَبَتْ رَحِيِقاً فِي مَنَازِلِ زَفْرَتِهْ |
وَمَضَتْ تُسَيِّحُ شَهْدَهَا مُتَشَعِّباً |
وَالآهُ تَشْرَبُ مِنْ خَمَائِلِ نَوْرَتِهْ |
فَالْمَرْجُ إِنْ نَضَحَتْ بِهِ قُبَلُ الْهَوَى |
رَقَصَتْ طُيُورٌ فِي مَعَابِدِ خُضْرَتِهْ |
لَكِنْ أَبَى الطَّعْمُ اللَّذِيِذُ رِوَاءُهُ |
أَنْ يَرْتَخِي بِوَلائِمٍ فِي سُفْرَتِهْ |
وَعَلَى الرَّصِيفِ إِذَا اسْتَفَاقَ مُعَطَّشاً |
نَشِفَتْ ثِمَارٌ فِي مَشَاتِلِ نَضْرَتِهْ |
وَكَذَا كَذَا فِي كُلِّ يَوْمٍ حَصْدُهُ |
يحْلُو وَيَذْبُو فِي مَرَارَةِ قِشْرَتِهْ |
صِفْرَ الْيَدَيْنِ غَدَا بِرِحْلَةِ عَاطِشٍ |
وَمُنَاهُ لَوْ طَالَ الْمِيَاهَ بِجَرَّتِه |
وَيَدَاهُ تَبْحَثُ عَنْ مَنَازِلِ رَغْدِهَا |
لَكِنْ خَوَتْ مِنْ قَطْرَةٍ فِي قَطْرَتِهْ |
حَتَّى اْضمَحَلَّ الرَّغْدُ فِي كَنَفِ المُنَى |
وَتَشَبَّحَ الأَمَلُ الْجَرِيِحُ بِبَذْرَتِهْ |