بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام
على نبينا محمد وعلى المبعوثين رحمة للعالمين عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم .. وبعد .
قد يعرف البعض أن موقع واحة الفكر والأدب مر بمراحل عديدة قبل أن يتحوّل إلى رابطة ، فقد كان الموقع شخصياً لسمير العمري ، تحت استضافة إحدى الصفحات الإعلانية ، ثم انتقل إلى استضافة خاصة ، تحولت من خلالها الواحة من الخصوصية إلى الشمولية ، فتلك بداية خلقتها التي هي الآن في طورها الجنيني ، فقد كانت علقة ثم مضغة وتستعد الآن لتكون عظاماً فتُكسى لحماً ، حتى تولد فيكون لها حيّز لا يُستهان به في الساحة الثقافية العالمية .
ولعل السائل يستفسر عن سرّ هذه التسمية ( الـــواحــــــة ) ، فنجيبه إجابة أرجو من الله عز وجل أن تكون صائبة .
نعرف جميعاً أن شجرة النخل من مكونات الواحات في البوادي والقفار ، تشترك مع المياه وبعض الشجيرات في تكوينها ، فإذا فرضنا أن ينبوع الماء هو الكتب ، والنخيل هم البشر ! نعم البشر ، ووجه الشبه في هذا أن الإنسان المسلم من كثرة خيره وبركته ، يدوم جوده ، ويعم ظله بفضل الله عز وجل ، وهذه الصفات تنطبق على النخلة المباركة ، فقد قال عنها العلامة ابن القيم الجوزية في كتابه الطب النبوي : (( وثمرها يؤكل رطبا ويابساً وبلحاً ويانعاً ، وهو غذاء ودواء قوت ، وقوت وحلوى ، وشراب فاكهة ، وجذوعها للبناء والآلات والأنواني ، ويُتخذ من خوصها الحصر والمكاتل والأواني والمراوح وغير ذلك ، ومن ليفها الحبال والحشايا ، وغيرها . ثم آخر شيء نواها علف للإبل ، ويدخل في الأدوية والأكحال ، ثم جمال ثمرتها ونباتها ، وحسن هيأتها ، وبهجة منظرها ، وحسن نضد ثمرها وصنعته وبهجته ، ومسرة النفوس عن رؤيته ، فرؤيتها مذكرة لفاطرها وخالقها ، وبديع صنعته وكمال قدرته وتمام حكمته ، ولا شيء أشبه بها من الرجل المؤمن إذ هو خير ، ونفْع ظاهر وباطن .
وهي الشجرة التيا حن جذعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لـمّا فارقه شوقاً إلى قربه وسماع كلامه . وهي التي نزلت تحتها مريم عليها السلام لـمّا ولدت عيسى عليه الصلاة والسلام . )) انتهى كلامه رحمه الله رحمة واسعة .
يا سبحان الله !!! ندعوه أن نكون مؤمنين مخلصين له جل وعلا ، كي نفيد ونستفيد .
إذن قد اتضح لنا سبب تسمية أخينا سمير العمري للواحة ، فإنه يشبهنا بالنخيل في جميع أموره في عطائه وتضحياته ، ولا أدل على هذا من الحديث الشريف في الصحيحين ، فهذا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يروي لنا حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام فيقول : بينا نحن جلوس عن النبي صلى الله عليه وسلم جلوس إذ أُتي بجُمار نخلة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن من الشجر شجرة مثلها مثل الرجل المسلم لا يسقط أوراقها ، أخبروني ما هي ؟ )) فوقع الناس في شجر البوادي . فوقع في نفسي انها النخلة ، فأردت أن أقول : هي النخلة ؛ ثم نظرت فإذا أنا أصغر القوم سنّاً فسكت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( هي النخلة )) . فذكرت ذلك لعمر فقال : لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا .
والآن تكاد تكتمل الواحة ، بالنخيل والينابيع ، بكم وبالكتب ، فنصبح كأننا دوحة في الصحاري الجرداء يستجير بها المحتاج ، أو مشعلاً في الظلام يستنير منها البشر ، عسى أن يوفقنا الله عز وجل للإخلاص في الإعمال ، وأن نحقق الهدف المرجو من الرابطة ، سبحانه هو القادر على كل شيء .
وفي الختام ، ما هذا الكلام إلا اجتهاد من أخيكم أبي القاسم فلكل مجتهد نصيب ، ولكل سؤال مجيب ، ولكل هدف مصيب .