~~ مالي أنا و للسهر~~
بدأ يعودني على الجفاء , وفي صدى الصمت الجاثم ارتسمت ابتسامة باهتة ورددت : أن قد ألفته من زمن بعيد , ليت قلبي أخذ بنصيحة المشفق الخائف مما يوجعه الآن ويؤلمه ! ليته كتم ولم يبح يوما ! تباريح ألم زارتني البارحة أكثر من مرة, مالي وللحب وللأشواق الهاربة مني تبحث عن بعض ما يطفأ لهيبها ,تفتش عن شيء يرد للنفس طمأنيتها وهدوئها , ليته يعود ذاك الفرح الغامر فيمحو عن كاهلي ثقل الأحزان والهموم , أو يغلق الباب على هذا المارد المتسلط على ضعفي وقلة حيلتي "الشوق", صدقت ربي : ( وخلق الإنسان ضعيفا) ( النساء 28)
أو يفعل بك الهوى كل هذه الأفاعيل ؟؟؟ ثم عليك أن تبقي صامتة صابرة؟؟
ما كان لكِ أن تلجي عالمه الزاخر بكل الأشياء الجميلة , مابال أحلامي تموت فجأة وهي بعد في مهدها ؟؟ وفرحي كطفل يتيم يخشى المستقبل فيكتم فرحته خوفا وخجلا وتموت بداخله ابتسامات , ما بها هذه الآمال قد عادت خائبة ؟؟
لم تكن يوما لي , فما بها هذه النفس تتفنن في تعذيبي وتكثر من عتابي ولومي ؟؟
تشفق علي من أن أزداد هياما, وهل بعد هذا تكون الزيادة ؟؟ هل بعد السهر والألم والحنين والسؤال المتردد في حنايا شوقي حينما بصرخ عاليا :
متى يعود ؟؟ هل بعد هذا كله مازال هناك خوف يتراقص في إقبالك وإدبارك ؟؟!
حنانيك ياربي ما عاد هناك في الروح مكان للألم .. لقد عودتني ربي أن إذا ما قلت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين أخرجتني من الظلمات , ظلمة جهلي واسرافي وهوى نفسي واقبالي على دنيا قد أذلت غيري .. عودتني أنني متى قلت ربي أغث ملهوفا قد فتت الحزن والألم كبده, مسحت عن روحي الهم والكدر , فإذا الحياة تبعث من جديد في موات الأمل ..
سيدي الساكن في وجداني , أنت أخي الذي كنت ولا زلت أشتاق كطفلة صغيرة خائفة أن تتعلق بحنانه , تحب أن تحكي له بعضا من حكايا الألم والأمل بابتسامة قد عهدها منها , فلتبقى قريبا وشاهد معي بداية لا كالبدايات , رحلتَ بعيدا ولم تدرك أنك كنت تأخذ مكانك الجميل الأصيل الذي لا يعرف خداعا ولا مكرا , قد ارتفع عن الدنايا وسفاسف الأمور , وعلمني أن الصبر بمره يرفعنا ويجعلنا نتوق للأبقى والأفضل , لا أجد شيئا في عالمي أتمناه باقيا وخالدا أجمل من حب يجمعنا في جنات الخلد , فعساها تكون الشفاء لمعلول طال به البلاء , ومكروب أقلقه الليل وأضجره النهار لولا أن يسبح الله لكان من الهالكين . لولا أن يرفع أكف الضراعة لرب يعلم ما تخفي الصدورلمات كمدا , مازلت أعاتب الشارد من أفكاري حينما أزه الشيطان أزا ووعده فأخلفه , ولو أنني استمعت للنصح لما تجرعت الألم مرتين !!..
لو أنني رفعت الشكوى لمن يعلم السر وأخفى لكان خيرا لي ولك , لو أنني .... أموت الآن مرات ومرات ونفسي تواقة للخلاص , أأتحرر من مشاعر مؤلمة وجميلة وندية ارتشف حرفي منها فارتوى!! وتزينت بها الكلمات فتجددت ونمت وارتقت وعلمتني من جديد أن أعود إلى جادة الصواب !! أأتحرر من الشدو إلى عالم الصمت من جديد ؟؟؟
ودوامة الأفكار لا تنتهي أبدا إلا لتعود من جديد حيث كنت يوما أحلم بالسعادة, تقتلني الكلمات كلما تذكرتها ازددت حيرة , أستعذب الألم لعلني أكون أقوى فتزيد مناعتي ضد الأشواق فلا يهزني طيفك إذا ما زلزل الساكن في الأعماق .
وحدي أغرد هنا أنشودة أمل تطير بي على جناح الرجاء والخوف إلى عالم تتحقق فيه الآماني ولا توصد فيه الأبواب , فقط ربي يعلم ما يجول في الخواطر, ووحده يملك أن يعيد للروح طمأنينتها وسكينتها , وإليه أشكو قلة صبري وتحملي ...