إن المسافة أسرفت وتَعَمَّـدَتْ
قالتْ: أغضّ الطرف حتى أنتهـي
من شاءني يبقى معـي
وإذا أبى ما أَدَّعـي
أبعدته عن مسمعـي
أنا هكذا، مذ كنت يومًا أشتهـي
وتباعَـدَتْ
وتمـدَّدتْ
الله، ما أحلى وما أندى المـدى
يُبقي التنائي سرمـدا
ولذائذ الإعجاز أسْنى مـوردا
وتلفَّتت كَيْمَا تقيس جماحهـا
بنواظر ليست تَفُوتُ صباحهـا
لاشيءَ يَلْمِزُ ساحَهَـا
لكن تُرى، أهناك طيفٌ مُقْبِـلُ؟
لا، بل طيور ربما تتحـولُ
فتصير شيئا يَعْقِـلُ
وهَفَتْ إلى ضَرْبِ الخُطـى
أو ليس ذلك أحْوَطـا؟
ولسوف تَأْمَنُ مِن عطـا
ما أجمل السير البعيد إذا وفـى
وأتى لفضلي واكتفـى!
إِني أزيد تلهُّفـا
تلك المسافة أوغلت وتغمضـت
دخلت إلى غابٍ كثيفٍ مرعـبِ
وتحصنت في كل شِعْبٍ مُعْشِـبِ
لَيْلٌ يُحيل القلب بيت العَقْـَربِ
من منكُمُ يَرْقى لهذا المُرْتَقـى؟
من يشتهي حلو البقـا؟
فهنا نعيم الملتقـى
ما كان إلا نفسُهـا
تهذي فيفرح حِسُّهـا
والزًّهْوُ كان يمَسُّهـا
أهلا بصاحبة النـدى
ما كان أمرُكِ ذا سُـدى
أنت الحصافة يا هـدى
غَنْجٌ لطيف كالرِّضـى
نثرتْهُ في عين الفضـا
لكأنه حُلْمُ القضـا
هَلت وسال جَمالُهـا
ماذا يريد دلالُهـا؟
عما قريب سوف يَنطِقُ حالُهـا