المعاني الحسان جياع
المهندس محمود فرحان حمادي
وامتطينا أيامَنا للنزوحِ
تحت جنحٍ من الظلامِ فسيحِ
غادر الوردُ أيكَهُ وتثنى
لرصيفٍ من الحياة فسيحِ
وتعالى بنا الخيالُ بعيدًا
كالمرايا على بساط الريحِ
بامتعاضٍ نستافُ عطرَ الليالي
واصطبارٍ نضمُّ جرحَ المسيحِ
باع وجهَ الشموخ منا إباءٌ
واحتوى الذلُّ كلَّ وجهٍ قبيحِ
***********
وعدونا في راحتينا شراعُ
بعدما خفَّ للرحيل ضياعُ
لذّةُ الحرفِ واشتهاء المعاني
حول أسوارها أشيدت قلاعُ
سادةُ الحرفِ في المنافي عبيدٌ
والبهاليلُ في الحداء رعاعُ
أقفرت زهرةُ القريضِ وديست
والتجاويفُ في الكلام جياعُ
في زوايا النسيانِ ماس هراءٌ
والمعاني الحسانِ فيها جياعُ
غارقٌ في الصراع بيتُ قصيدي
ليت شعري متى يكفُّ الصراع؟
*************
وأضعنا كما يشاءُ الرحيلُ
حلمَنا بعدما عراهُ الذبولُ
وعلى دكّة الوداع تهاوى
أمل الأمسِ والغرامُ الطويلُ
وانزوت في مجاهل اليأس روحٌ
عن مداها سربُ الحمامِ يميلُ
وتلاشى في الراحلين هديلٌ
خافت اللحن كان نعم الهديلُ
وعلى أدمع الشداة تشظى
ألق نبعُ ورده سلسبيلُ
واكتوت يوم نأيها حانيات
أسطرٌ للهوى وغاب الدليلُ
*************
وأفقنا على انتشار الصباحِ
بجراحٍ قد ضُمّدت بجراحِ
ينبتُ الشوكُ في العيون ويأسٌ
يتلوّى في غمرة الأتراحِ
غابت الأنجمُ الحسانُ وبدرٌ
يشتهيها ومدمعي بعد صاحِ
بانتشاءٍ يعبُّ كأسًا قراحًا
صاحب الدربِ والهموم براحي
كم أداوي كلومَ قلبي وعيني
تسكبُ الشوقَ للدنا بافتضاحِ
جدَّ يومي فلم أعد أتقيه
بصبوحٍ أو غنوة أو مزاحِ
*************
وانتبهنا على أنين الحيارى
كيف تحت الرغام حلمٌ توارى
كيف مَن عانق الشموخَ افتخارًا
بات بالدرهمين يهوى الصَغارا
كيف يحلو بمربعِ الذلِّ عيشٌ
لكبير يبغي النفوسَ كبارا
قُلّبٌ أوجه الحياة فوجهٌ
يتحدى وأوجهٌ كالحيارى
هكذا أزمع الرحيلَ قريضٌ
باقتدارٍ وعزّة لاتُجارى
لا تسل عن حروفه كيف أمست
(فالليالي تُعانقُ الأقمارا)