البتول
.
.
هل يمكنك أن تستعمل حواسك لترقص حتى الثمالة . آه منك أيها الإنسان
كم أنت قوي وجبار .تحارب ذاتك من أجل نشوة تتبعثر كخيط دخان
رغم النقص فيك أيها الحيوان الناطق إلا أنك تتمرد وتكافح من أجل ما تهدف إليه
هل تفتقد لأحد أيها الإنسان ؟. لا بد وأنك معاق تحتاج للحنان . تحتاج لحضن
دافئ ترسل ذبذباتك الجامدة إليه .
همس .. كلام .. غزل .. تطورت الأحداث وتقابلت الكلمات .تضارب في الإحساس
مضى زمن طويل على بوح صغير . لربما هذا البوح يغير الكثير من الأشياء
التي كانت لا معنى لها في حياتنا . عادت الحياة باخضرارها لتورق جوانح الفؤاد
عبر المسنجر كان يكلمها مضت السنون بينهما حتى اصبحا روحين بجسد.
تعتبره أستاذا لها ,وهو يعتبرها طفلة كبيرة يدعوها بامرأة من حنان .
ذات يوم قرر الرحيل عنها والابتعاد عن أفيائهـا .لأنه مل من تصرفاتها الطفولية .لا نصح
لا تركيز و لا جد .كل الحياة عندها لهو,ومرح , وحب .....
ــ طفلتي اليوم قررت الرحيل .
ــ أي رحيل هذا تتكلم عنه يا أحمد ؟
ــ وربي إني مللت من تصرفاتك . فأنت عنيدة جداا. إليك بعض الأبيات أعجبتني فأحببت نقلها إليك قبل الرحيل.
بَقِيتُ غَداةَ النَّـوى حائِـراً
وَقَدْ حان مِمَّنْ أُحِبُّ الرَّحِيلُ
فَلَمْ تَبْقَ لِي دَمْعَةٌ فِي الشُّؤُو
نِ إلاَّ غَدَتْ فَوْقَ خَدِّي تَجولُ
فَقالَ نَصِيحٌ مِنَ اْلقَوْمِ لِـي
وَقَدْ كادَ يَقْضِي عَلَيَّ الْغَليِلُ
تَرَفَّـقْ بِدَمْعِـكَ لا تُفْـنِـهِ
فَبَيْنَ يَدَيْـكَ بُكـاءٌ طَوِيـلُ
ــ أوااه أهكذا تتركني في منتصف الطريق ؟ ثم إني لا أريد أبياتا ، لقد مللت من الشعر
ــ لقد جعلت منك امرأة كاملة راشدة ما عليك إلا أن تتكلي على نفسك ,وتكملي الطريق .
ــ ليكن ,لترحل ما دمت تهوى الرحيل أيها العجوز .
ــ باركك الله يا طفلتي ودمت بخير " إلى اللقاء "
ــ أحمد .. انتظر.. لا تغلق المسنجر يا أحمد .. تباااااا لك يا أحمد.
رحل عنها الأستاذ .ذرفت دموعا وهي تتنهد بشهقات حارقة .نظرت إلى صورتها
وقالت : بحركات إيمائية ( مجنون)
همست إلى نفسها وهي تنظر إلى صورته : أمجنون هو أم أنا المجنونة . ليرحل إذن وسأحذفه من مسنجري )
مضت الايام وهي لا تستطيع مسح غبار ذكرياتها . مسكت هاتفها لتهاتفه .رنين تلو رنين
ـــ يا إلهي أ يعقل أنني كنت مجرد عابرة سبيل في حياته .رباه أعني على صبري
لا وربي لا يمكنني أن أغضب منه .مستحيل أن أجرح من أوصلني إلى درب الأدب والثقافة
كم أنا بلهاء حمقاء . كيف جرحت أحمد الملاك . وبأي حق أتصرف معه هكذا .
نظرت إلى نفسها مليا في المرآة .راحت تبكي ,تحدث نفسها
ــ" لماذا تبكين ....؟ ألست راضية عن نفسك ؟. هل أنت غاضبة لأنك أغضبت رجلا مقدسا ؟
هل هذا جزاؤه ؟ لأنه جعل منك أرقى امرأة ..ذات أهمية بين الكتاب والشعراء .
أيتها الغبية لا تبكِي .. فالاحتجاج بالبكاء لن يفيدك .ما عليك إلا أن تستغفري من ذنوبك وتطلبي العفو
من صديقك وأستاذك وكاتم أسرارك وأخيك الكبير وحبيبك الكتوم"أحمد "
(تغيرت ملامح وجهها وهي في دهشة من أمرها ما الذي أصابها )
ــ حبيبك الكتوم ..أوااااااه أيعقل أن أحمد يحبني وأنا لا أعلم ..؟ غوثاه أغثني .لتكن معي يارب .
(مدت يديها إلى صدرها. أمسكت قميصها الزهري ,ومزقته وهي تصرخ )
ــ لا بد أن أحيي الألواح الطينية وأخرج أنيكدو وكلكامش وعشتار من الأسطورة وليشهدوا على جريمتي
النكراء التي اقترفتها بحق أحمد ... يا أحمد أحببتك بصدق أحببتك ولكن بي خجل لأعترف لك ..
بيني وبينك عمران ... أيها الفراتي الأصيل .
( أخذت هاتفها وكتبت له رسالة نصية )
ــ ((ارجوك يا عمري ويا حياتي ويا روح الروح أن ترد على مكالماتي .ها أنا أكتب لك رسالتي هذه
بكتابة مسمارية .فسامح طفلتك الرافدية .))
حن لها أحمد وعاد إليها مهاتفا
ــ عذبتني أيتها الطفلة بغيابك.
ــ أنا هنا وأرن لك مرارا ولا ترد .
ــ كنت أختبر نفسي / هل يمكنني الابتعاد عنك / ؟
ــ وماذا وجدت ؟
ــ لا يمكنني العيش ,وقضاء الوقت وحيدا بعيدا عنك أيتها البتول .
ــ أقسم لك بالإله أنني قاسيت كثيرا ببعدك : " أحبك "
نعم أحبك ولا معنى لوجودي في هذا/ النت/ اللعين دونك .ما بك صمتْتَ ثانية ؟
ــ ويحك يا امرأة من حنان .فأنا عجوز وقد قضيت العمرين .
ــ وربك لا يهمني عمران أو عكازان ما يهمني هو أنك قمري ونحن قمران .
ــ ههههههه يا لك من شقية يا طفلتي .
ـــ أحبك يا عجوزي .باركك الله وتباركت ابتسامتك لي . لا أريد أن أخسرك دقائق من رصيد هاتفك ، أغلق فأنا سأهاتفك.
ـــ لو خسرت الدنيا ما اهتممت ما دمت معي يا طفلتي الراقية الألقة .
ـــ سأذوب يا حبي
ــ تذوبين ؟
ــ كلامك سلس ناعم .واحسرتاااه كم كنت غبية .
ــ لا أسمح لك أن تقولي لطفلتي هذا الكلام .فطفلتي ذكية وطيبة رغما عنهـا .
ــ الحمد لله أنني معك وأنك معي . افتح المسنجر لأحدثك
ــ أنا في العمل وحين أعود أكلمك . كوني كما أريد لك دوما. سلام يا طفلتي
ــ وسلام الله معك يا حبي
( هنا امسكت طفلة الرافدين هاتفها وراحت تقبله لأنها سمعت صوت أحمد من جديد .الصوت الخشن. الجهوري .
الحنون . ....في الليل خرج البلبلان الصغيران من القفص المكسور ليلقيا على بعضهما التحية المسائية بعد غياب
طال بعذاب وعتاب .
ــ حبي لك مودتي .
ــ أهلا بأحمد الرائع كيف حالك يا حبي .
ــ حـ...ـــبــ....ـــي ؟؟؟؟
ــ نعم حبي بل وأكثر من ذلك .أعذرني لقد كنت غبية ولم أفهمك منذ البداية .
ـــ طفلتي اقرئي هذه الأبيات وأنت ستفهمين .
تزول الرواسي عن مقر رسومها ... وودي على الأيام ليس يزول
ولست بمن يرضيه من أهل وده ... خفي وداد في الفؤاد دخيل
إذا لم يكن في ظاهر المرء شاهد ... على وده فالود منه عليل
أأرضى بود في الفؤاد مغيب ... وليس إلى علم الغيوب سبيل
وأقبل عن هجري اعتذارا مزيفا ... تمحلته إني إذا لجهول
لعمرك قد حركت من كان ساكتا ... وعلمتني بالعتب كيف أصول
ـــ أبيات جميلة ورقيقة ؟
ــ لا يهم لا تبالِ فلربما أنا بالنسبة لك نعوة فقيد .يرقد في مكان مجهول .فمن يدري ربما أنا خارج هذا الزمان
ــ كفـــــــــــــــــــــى بربك كفى . الأن فهمت يـ..ا...يـا..حيــ..اتي .
ــ حياتك ؟
ــ نعم حياتي وكل لحظات سعادتي أنت حياتي وعمري وحبي وحبيبي الأوحد ..هات هات الكاميرا بسرعة
دعني أراك أيها النقي .
ـــ أتحبينني حقا أم هي مجاملة منك ؟
ــ أحبك بكل اللغات واعذرني إن وخزت قلبك يوما فأنت لم تصارحني بحبك .
ما بك ..مااااااااااا بك أراك تبك .
ـــ لربما هي دموع الفرح يا سيدة الحنان .
ـــ حياتي أناا .
ــ عمري .
ــ روحي اناا.
ـــ منيتي .
ــ يا عجوزي أنااا
ـــ ههههههه
ـــ تسلم لي أنت وضحكتك .بالله عليك امسح دمعتك .ها قد أدمعت عيني .
ــ أجمل ما فيك أيتها الرافدية عندما تمسحين دموعك .تتوقفين صامتة .
وتحدقين إلي بنظرة عطف ..ياااه كم دموعك غالية ..
ــ ها أنا أمسح دموعي أيها الفراتي الأصيل .
ــ أتعلمين أيتها الطيبة النقية أنه عندما تلامس أصابعك الذهبية أوتار وجنتيك العجائبية تحيا الموناليزا وتبتسم ؟ .
ــ كلامك كبير فلا أحتمله .. وحق ربي لا أحتمله .
ــ طفلتي وشاعرتي أهديك بعض كلماتي عسى وعل أن تعجبك
أهواك فَا ستوليت مــا أظلمك ** فارحم عسى الرحمان أن يرحمك
سنون أوراقي الصغار غــــدت ** كبرى فجن القلب و استرحمك
فما سلا قلبي أيـــا منيتي ** وما نسيت غرامــــا هدمـــــــــــك
ــــ واااااااو أبيات روعة لحظة أرد على أبياتك .روحي ترفرف فوق هواك فتلهمك الرضى .
مولاي ..إني قد ذكرت الجوى ** فاذكر هوىً مستعذبــا نغمَـــكْ
يا أعدل الناس .. سوى في الهوى ** هجرتني و تــــدني من خصمك
فـلا أطيق الهجــــــر يا آسري ** صلني أبـــــــــــح بوداد أرغمـــــــــك
ما رأيك أيها العجوز ؟
ـــ ههههههههه عجوز ههههه غفر الله لك ولي .ما أبهاك وما أروعك .في شعرك شكوى مريرة من تباريح الجوى
ــ أنا أستمع لأغنية ما رأيك أن تسمعها معي .
ـــ ابعثي الرابط .
ــ ما بك .
ــ لا شيء .
ـــ أراك حزينا .
ــ نعم لقد غيرتِ حياتي كله يا منيتي .
ـــ ها قد عدنا للخجل .بل أنت من غير حياتي يا حبي ,وبمناسبة الصلح بيننا ما رأيك لو أدعوك لرقصة هادئة ؟
ـــ رقص .كيف . !!!!
ــ نعم رقص .اسمع الأغنية من الأول وأنا بدوري أسمعها ونتخايل أننا نحضن بعضنا ونرقص .
ــ هههههه أيتها الشقية .أنا تحت أمرك .. هيا لنرقص .
ــ أنظر إلي عبر الكاميرا وتخايل .
ــ نعم نعم .
ــ لا تلمس شعري .هههه
ــ ما لمست شعرك طفلتي الحبيبة .
ــ أواه منك هل سأردد لك عبارة تخايل .ها أنا أتخايل أنك تلعب بشعري ,وسأحدثك كثيرا فتجاوب فقط .
ـــ حسنا حسنا ..كما تشائين . لنعود للرقص والخيال .
ـــ نعم إحساس جميل .
ــ أنزل يدك من فوق شعري .
ـــ لا أستطيع يجب أن أهمس لليل حتى أطاول النجوم في العلياء .
ــ لا تلمس عنقي .
ـــ أأموت من ظمئي وحولي الروض والاخضرار ؟
ـــ لا تلمس خدي .
ـــ بت بعد التعارك جمرة فترفقي يا شفيعتي بالاشفاق
ـــ أواااه ..ســــــــأذوب .
ـــ ذوبي حتى نتبادل الأنفاس وهي لوافح ، ونعالج الشهقات بالتنهدات
ـــ أ ترغب في إحراقي بهمساتك ؟
ـــ أبدا. فوالله إن هواك ليحرقني و إن آهاتي لتهفو إلى أفيائك الخضلات
ـــ ربااااااااااه لا تجنني و إلا عاتبتك على هذا الحب .
ـــ سأجننك كي تعاتبيني فالعتاب خمر في أثره فوضى من القبلات
ـــ لا تلمس خصري .
ـــ كيف لا ألمس يا دمية الحسن المثالي وإني معجب بحسنك يا جنتي ويا جنة العشاق
يا بنت القرائح والخيال .
ـــ أ يعقل أن تكون أنت ؟
ــ ربما تظنينني العجوز ولكني أوقفت شباب الحب لأجل خيالك وغلائك
ـــ وربي ما أنت إلا بدر قلمـا يجود به الزمان .
ـــ ما أنا إلا بدر ضال ... أقتات من الأحلام وأروي الغليل آآآآآآه , في عالم الأوهام أجري ,والشيب منذري .
ــ أحبك يا أحمد ,بل أعشقك وربي لن أخون عهدك .
ــ نعم وأنا أيضا أحبك .ولكن حبي لك على طريقتي الخاصة .
ــ ماذا تقصد بطريقتك .. أحمد ....أحمد .....أحمد .........
عبر الكاميرا تحول ذلك الصخب إلى سكون أقتربوا من الشاشة شيئا فشيئا كلاهما مبهوت .
إنها تغسل عينيها بنظرة هادئة ,وفي فكرها شرود بريء . يرفعها الشهيق ويحنيهاالزفير ,تراخت وهي ذائبة على الكرسي ,امسكت الكرسي بيديها وهي تتنهد وكأنها بحضنه .
هو جالس خلف الكاميرا دون حراك , يحدجها بنظرات , متأففا على زمانه .مد يده ليدعوها للرقص من جديد
والخجل يورد خديه الناعمين ,تدلت شفاهه .شهق شهقة البؤساء ,وإذا بدمعة شقية تجري فوق خده هابطة لذقنه ,
مدت يدها ببطء حتى تمسح دمعته ,لامست الشاشة ,لاشيء لاشيء سوى زجاج حطم فؤادهما .
/
/
/
يتبــع