|
خبِّرْ صِحاباً بأنَّ اللّيْلَ قد ذاباَ |
و عرّمَ الحُزْنُ في الأعماقِ أحقاباَ |
و ذرّفَ القلبُ مِنْ أوزارهِ عَطباً |
ويْحَ القلوبِ إذا إشراقُها غابا |
ويْحَ النّفوسِ ترى الأيّامَ قد نُسِخَتْ |
و عشّشَ البُومُ و الغِرْبَانُ أسرابا |
لحنُ الجرَاحِ و قفْرُ البِيدِ في عَتَمٍ |
أنّى التَفتَّ كواكَ اليأسُ لهّاباَ |
ما للأحبّةِ طافَ النّحسُ فانقرَضوا |
و استُبْدِلُوا بِطُيُوفِ الغيْبِ غُيّاباَ |
عَيِيتُ أنّي مَجَجْتُ العيشَ مُغترِباً |
و بانَ أنّي أعيشُ العُمْرَ مُرْتاباَ |
و بانَ أنّ حياةَ القومِ في عبَثٍ |
و الظُّلْمُ فيها و كُلُّ اللُّؤمِ قد عاباَ |
و بان منها إذا حقّقْتَ قد فُرِقَتْ |
و خادعَ الحقُّ أقواماً فما طابا |
فيها فريقٌ جرى في الدّهرِ مُنطلِقاً |
و ذا فريقٌ سلاهُ الحقُّ غلاّبا |
العِشْقُ بادٍ على العُشّاقِ إذ غُرِمُوا |
ما طابَ عَيْشٌ لهُمْ في الهجرِ مُذ جاباَ |
يَرَونَ كلَّ مُصابٍ لذَّ قدْ سَعِدُوا |
إذا أقاموا على الأهوالِ رُغّاباَ |
و العِشْقُ نارٌ سرَتْ في الصّدْرِ فاتّقَدَتْ |
لها أُوَارٌ إذا أذكَتْهُ ذوّاباَ |
و العِشقُ أُنْسٌ إذا لاقَيْتَهُمْ سَلََبُوا |
منك الفؤادَ فلا نارٌ و لا ذاباَ |
قد عاتَبَتْني فلُولٌ زعمُهُمْ وَصلوا |
ألاّ أُقيمَ حُدودَ الأمْرِ أسباباَ ؟! |
فقُلتُ إنّي خَبِرْتُ العِشقَ فانتبِهوا |
باتَ المحبُّ لمن يهْواهُ طلاّباَ |
يسعى بجَهْدٍ يُقيمُ الأمرَ في كلَفٍ |
إذا رآهُ إليهِ اليومَ أبواباَ |
باللهِ إنّي لقد حُيّرتُ في عَطَبي |
فما أقمْتُ بِدُنيا القومِ خطّاباَ |
و لا سَعَيْتُ لأُخْرَى اليومَ في سَبَبٍ |
و الحالُ يقهَرُ ذا الوجدانَ شيّاباَ |
آهٍ و آهٍ فيا آهاً لها نَسَبٌ |
بيْنَ التأوُّهِ و التوحيدِ ما خاباَ |
و العِشْقُ يَقطعُ دَرْبَ الوصْلِ إنْ أَيِسُوا |
أهلُ الغرامِ بهِ مالوا و ما آباَ |
بيْنَ التّمَلْمُلِ لا وصْلٌ و لا يئسُوا |
منهُمْ شهيدٌ و منهُمْ شاحِبٌ شاباَ |
فلا لَقََوهًُ يَرَوْنَ الحِبَّ مُبْتسِماً |
و لا قُنُوطٌ مِنَ اللّقيا إذا غاباَ |
و لا اقتِرابٌ مِنَ الأميالِ يَجْمَعُهمْ |
تُجابُ برّاً أوِ الإبْحارَ رُكّاباَ |
في القُربِ قامُوا و هذا البُعدُ مُنْعَقِدٌ |
و لا رَحِيمَ سوى الرّحمانِ لو ناباَ |
جُدْ يا كريمُ بما قدْ جُدْتَ من نِسِبٍ |
على الّذينَ طوَوا ذا البَيْنَ أحْباباَ |
لهُمْ حُضورٌ مِنَ الأمْدادِ ما انقَطعُوا |
و هُمْ بِحُبٍّ أقامُوا الأمْرَ نُجّاباَ |
لو شِئتَ ربّي رَحِمْتَ القلْبَ من نصَبٍ |
فما غدَوْنا على الأفذاذِ نُسّاباَ |
أَمِتْ عُبَيْداً لهُ في الحقِّ منقصَةٌ |
فما تسابقَ في الطّاعاتِ أوّاباَ |
و لا استقامَتْ لهُ في اللّيْلِ ملْحَمَةٌ |
و لا رأَوْهُ على الأورادِ رتّاباَ |
هَبْ يا رحيمُ لهُ التفريجَ مِنْ كُرَبٍ |
و اجعَلْ نجاةً لهُ في القَبْرِ إعْقاباَ |
و اشْهَدْ بأنَّي على الأحْوالِ قدْ عَطَبَتْ |
منّي الدّوافِعُ و الطّاقاتُ إعطاباَ |
و هدَّ يأسي عُرَى عزمي قدِ انفرَطَتْ |
و ليسَ لي غيرُكُمْ ربّاهُ أعتاباَ |
مولايَ صلِّ على المُختارِ في أزلٍ |
بهِ دُعائي إذا ناديتُ ما خاباَ |