المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن العطية
جاء في المعجم المفصل في العروض والقافية وفنون الشعر .. للدكتور إميل بديع يعقوب .. ص 158.. الآتي :
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن العطية
العروض الأولى للوافر مقطوفة (فعولن) ... وأجاز بعضهم القبض في هذه العروض (فتصبح فعولُ) .. أما ضربها فيجوز فيه القصر فيصبح فعولْ .. نحو قول الشاعر :
فليت أبا شريكٍ كان حيا – فيقصر حين يبصره شريكْ
ويترك عن تدربه علينا – إذا قلنا له : هذا أبوكْ
شكرا للمعلومة
ولكني أظن أن هذا نادر وأنه خلاف الأولى. ولدي مراجع عديدة لم أعثر على ما يوافقه فيها.
ثم عثرت على ما يلي فأضفته تعديلا واخترت عدم حذف ما تقدم من رأيي :
جاء في كتاب العروض تهذيبه وإعادة تدوينه للشيخ جلال الحنفي ( ص 587-589)
[ وما بين القوسين مني ]
الوافر الثاني :
" مفاعلتن مفاعلتن فعولن .......مفاعلتن مفاعلتن فعالْ
فإنكَ لو سألت بقاء يوم .....على الأجل الذي لك لن تطاعْ
[ ومعلوم أن أصل البيت لقطري بن الفجاءة
فإنكِ لو سألتِ بقاء يوم .....على الأجل الذي لك لن تطاعي]
ومذهب المعري في هذا أنه لا يجعل الهيئة العروضية ذات ضرب معين، بل يعدها من اختلاف النشيد، وليس من اختلاف الضروب، فلقد قال في (الصاهل والشاحج) : " كاختلاف العرب في النشيد، فالمقيم منهم مثله مثل الذي يقف على البيت المطلق إذا أنشده بالسكون فيقول:
أقلي اللوم عاذل والعتابْ ....وقولي إن أصبت لقد أصابْ
[ والبيت مطلع قصيدة لجرير من سبعة وتسعين بيتا كل أواخر أبياتها منصوبة تصبح فتحات كلماتها ألفا بالإشباع.والمطلع وبعض أبياتها :
أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا...... وَقولي إِن أَصَبتُ لَقَد أَصابا
وَوَجدٍ قَد طَوَيتُ يَكادُ مِنهُ...... ضَميرُ القَلبِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا
أَبى لي ما مَضى لي في تَميمٍ...... وَفي فَرعَي خُزَيمَةَ أَن أُعابا]
وهذا كذلك قول الدماميني في " العيون الغامزة" إذ قال :" ولا يضر وجود رواية من طريق آخر، لأنه يحمل حينئذ على أنه تقييد إنشاد، وليس هو التقييد الذي تختلف به الضروب.
غير أن البيتين الذين أوردهما الحفناوي وهما من الشعر القديم يدلان على أن هذا الوقوف وقوف ضرب وليس وقوف إنشاد، فإنه لا يصلح فيهما أن يقرءا دون وقوف، وإلا وإلا اختلفت حركات الوي فيهما.
وإنما جعلت الضروب الموقوفة في بعض الأحيان لمعالجة الإقواء والإصراف في الشعر، وقد يتأتى من الوقف أن تطول القصيدة، وأن يكون مدى الشاعر فيها فسيحا. "
إنتهى النقل.
مما تقدم نرى أن هناك خلافا حول الموضوع وأن ما استشهد به إما تصرف ( ربما للإنشاد ) في بيتي جرير وقطري بن الفجاءة أو تعميم لشاذ أو نادر في بيتين لا غير رواهما الحفناوي من الشعر القديم.
وأراني منحازا إلى سابق رأيي من أن هذا إما نادر جدا أو شاذ ، مضيفا بعدما قرأت ما تقدم ( أو وقوف إنشاد ).
وانظر كيف يتحكم الرأي المسبق في النظرة لأمرين :
أولهما حمل البيتين الذين رواهما الحفناوي على جواز الوقف تجنيبا لقائلهما من عيب الإقواء( ولم أقف على البيتين أو قائلهما)
وثانيهما عدم معاملة النابغة بهذه الرخصة في قصيدته :
أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتَدِ ....عَجلانَ ذا زادٍ وَغَيرَ مُزَوَّدِ
أَفِدَ التَرَجُّلُ غَيرَ أَنَّ رِكابَنا .....لَمّا تَزُل بِرِحالِنا وَكَأَن قَدِ
زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحلَتَنا غَداً.... وَبِذاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسوَدُ
فلم يقل أحد بجواز قراءتها بتسكين الدال لتجنيب النابغة عيب الإقواء على النحو :
أَمِن آلِ مَيَّةَ رائِحٌ أَو مُغتَدْ .... عَجلانَ ذا زادٍ وَغَيرَ مُزَوَّدْ
أَفِدَ التَرَجُّلُ غَيرَ أَنَّ رِكابَنا .... لَمّا تَزُل بِرِحالِنا وَكَأَن قَدْ
زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحلَتَنا غَداً .... وَبِذاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسوَدْ
مع أن القطع في تسكين دال أواخر الأبيات إن لم يكن أيسر من الوقف في بيتي رواية الحفناوي فهو ليس أعسر منه.
على أن كلام المعري عن اختلاف الضرب في الإنشاد عنه في العروض يتقاطع وإن بشكل عكسي مع ما روي من أن النابغة لم ينتبه إلى الإقواء إلا عندما أنشدت جاريتان قصيدته، وهذا يوحي باحتمال أنه كان يقرؤها بالتسكين وكان الإنشاد بالإشباع.
ويفصل في الموضوع استقصاء اطراد لما ذكر وتحديد تاريخه إن وجد، وإلا فإن البيت والبيتين لا يقومان دليلا على جواز ذلك. وينبغي أن يحمل ذلك على باب الشذوذ كما يحمل النادر في النحو على الشذوذ. وأكرر دوما أن النحو في هذا كان أحسن حظا من العروض.