|
غابَ القريضُ و ناحَتِ الجـوزاءُ |
تبكي الحروفَ مدادُهـا الإقصـاءُ |
أرْنو إلى الأفقِ الرّحيـبِ مُكابِـراً |
و ممالكـي مرهونـةٌ تعـسـاءُ |
الكونُ مـن ربِّ الخلائـقِ بدعـةٌ |
ألوانُهـا يعيـا بهـا الإحصـاءُ |
و مناظري مـن عيّهـا فكأنّهـا |
سودُ الظلاّلِ و بعضُهـا بيضـاءُ |
أخفي الحقيقةَ أنْ أكلّـلَ بالعِـدى |
أو أن يُقالَ فتى غشـى الإعمـاءُ |
و أخوضُ في الألوانِ أفصِحُ طامِعاً |
عـلَّ الحيـاةَ يعودُهـا الإحيـاءُ |
الموتُ وقفٌ للقلـوبِ و نبضِهـا |
و اليـأسُ مـوتٌ للحيـاةِ و داءُ |
و القهرُ لحنٌ ليسَ نملـكُ عزفَـهُ |
عزفـتْ بـهِ أحزانُنـا الـكـأداءُ |
أهي العيونُ تغيّمتْ أم ذي الدّنـى |
هجمَ الظلامُ و شمسُها الكسفـاءُ |
إنّي كفرتُ بذي المسالـكِ جُملـةً |
و كفرتُ بالدّعوى لهـا أضـواءُ |
و كفرتُ بالإنسانِ يَنشُـدُ جاهَـهُ |
و شعـارُهُ الإصـلاحُ و الإنشـاءُ |
و كفرتُ بالتفريقِ و الوهْنِ الـذي |
أضحى يُشيعُ تعصّـبٌ و عَمَـاءُ |
في كلّ صُبحٍ نُخبـةٌ تزهـو بـه |
و غـداً بهـا تتراكـمُ الأعبـاءُ |
أحزابُ من فرْطِ التشتّـتِ شُتّتـوا |
و توالدوا و تكاثـروا و تنـاءوا |
و تباغضوا و تناحروا و تجمّلـوا |
للنّاظريـنَ و همُّهـمْ إحـصـاءُ |
و النّاسُ مَن لمْ يَعْتطِنْ في حزبِه |
قد أوغـرَتْ أضلاعَهـمْ شحنـاءُ |
هذي الرياضةُ في تفرّقها ارتَمـوا |
و تخندقـوا فكأنّـهـم أعــداءُ |
و الدّينُ أصبـحَ للسّفيـهِ مطيّـةً |
شـانَ التديّـنَ عُصبـةٌ جهْـلاءُ |
حسِبَتهُ شكْلاً بالطّقـوسِ مُجمّـلاً |
و فؤادُهم مـن إحنِهـم عَصّـاءُ |
يرمونَ أهلَ الحقِّ بالـوزرِ الّـذي |
أبلـى أواصـرَ أمّـةٍ ، شُـنّـاءُ |
حتى الجهـادُ تفرّقـتْ أشياعُـهُ |
زُمَـراً تُبـدّدُ شملََهـا الأهــواءُ |
ما عادَ في الدّنيا قداسـةُ وِجهـةٍ |
الكُـلُّ لـوّثَ طُهـرَهُ الإغــراءُ |
الكلُّ في ركْبِ الحضـارةِ راكـضٌ |
عصرُ الغـلابِ و سرعـةٍ عـدّاءُ |
و بسرعةٍ تبغي النّفوسُ وصولَها |
أحلامُهـا مصباحُهـا و عــلاءُ |
بالأمسِ كانَ لنا التـدرُّجُ منهجـاً |
و منَ الزّمـانِ معلّـمٌ و ضيـاءُ |
تُفضي المدارجُ بالتحقّـقِ للمُنـى |
و يسودُ فـي أزمانِهـا العُظُمَـاءُ |
و اليومَ رِ الألقابَ أختَ بضاعـةٍ |
تُشرى و يَسْرِقُ زَيْفَها الأسْـواءُ |
سادَ الطّلائـعَ بالتّحايـلِ دُونُهـا |
بالدّونِ تألـفُ دونَهـا الأشيـاءُ |
و طفَتْ على الدّنيا عصابةُ شرّها |
و تنـكّـرَتْ لمـبـادئٍ أبـنـاءُ |
من نالَ جاهاً كي يُقيـمَ صلاحَنـا |
لعبِتْ بـهِ الأطمـاعُ و الأضـواءُ |
و العلمُ باتَ عن الحيـاةِ مُباعِـداً |
و الجيلُ تصنعُ شخصَهُ الأصـداءُ |
مـن كـلّ شـرٍّ يستمـدُّ مثالََـه |
من كـلّ سَقْـطٍ يدفـعُ الإفضـاءُ |
و تزيّنَ الحلُـمُ السّريـعُ لفتيـةٍ |
فبدا لهـم خلْـفَ البحـارِ ثـراءُ |
فتوجّهوا و البحرُ يحفـرُ قبرَهـمْ |
و إذا نجـوا فمصيرُهـم إنـواءُ |
و القاعدونَ بوطْْنِهـم و ديارِهـم |
نخرَ المخدّرُ بعضَهم ، قد سـاؤوا |
و لمن تعلّمَ و احتفـى بشهـادةٍ |
فلربّمـا لعـنَ الزّمـانَ دُعَــاءُ |
من هولِ ما قد حَفَّها مِـن بعدِهـا |
فكأنّهـا مــن هونِـهـا إزراءُ |
كمْ من فتى قـد أهمَلـوا و بُنّيـةٍ |
من بعدِ ما شهِـدتْ لهُـم أكفـاءُ |
طلبَ الرّفّاهَ على الدّمارِ عصابـةٌ |
تَشرِي البوارَ و شعبُِهـا يستـاءُ |
و تظافرَتْ زُمَرُ الضّبـاعِ تريدُهـا |
عزّاً علـى أنقاضِنـا إذ جـاؤوا |
ليسَ اللّصوصُ الخاطفينَ رغيفهم |
من جُوعِهم قد طاشـتِ الأفيـاءُ |
لكنّمـا المُتلبّـسـونَ نُفَـوذهـم |
و بظُلْمِهـم يتضاعـفُ الإغنـاءُ |
ركِبوا الوسائلَ حِلّهـا و حرامَهـا |
و تمنّعُـوا تزهـو بهـم أرجـاءُ |
و تجمّعتْ من حولهـمْ أغرارُهـا |
فتأصّلتْ مـن جوْرِهـمْ ظلْمَـاءُ |
و غدَتْ سبيـلاً للعـلاءِ يخالُـهُ |
مـن أذهبـتْ أخـلاقَـهُ الأرزاءُ |
عجباً يُذيبُ العقلَ والأحشـا معـاً |
من غفلـةٍ قـد أدْمـنَ الأحيـاءُ |
من فتنةٍ تبغـي علـى أوطانِنـا |
و تعولُها مـن جهلنـا الأخطـاءُ |
يا سائلي أيـنَ النّشيـدُ بنصرنـا |
نرمي العدوَّ و شأنُنـا الإعـلاءُ ؟ |
إنّي حَنَيْتُ الرأسَ مـن أحوالِنـا |
هل يُنصَـرُ الأرْذالُ و العُمَـلاءُ ؟ |
النّصرُ يبداُ فـي الدّيـارِ طريقَـهُ |
إنْ أخلـصَ القُطّـانُ و الأبنـاءُ |
و ولى الوظيفةَ في الزّمانِ جديرَها |
يبغِي الصّلاحَ و ليسـتِ الأهـواءُ |
و تظافرَ القُطّانُ فـي إصلاحِهـم |
و لهـمْ مُــرادٌ واحــدٌ و ولاءُ |
و تراجعَ الخطّاءُ عـن أخطائـهِ |
و تقوّمـتْ ميزانُهـا الأشـيـاءُ |
فهنـاكَ أبشِـرْ بالحيـاةِ عزيـزةً |
و هنـاكَ هلّـلْ أن يُـرادَ عـلاءُ |
لا ظلمَ يعلو في الزّمـانِ مُكابِـراً |
و النّاس من وُدٍّ سقى الإغضـاءُ |
و جيوشُنا من عزّهـا موسومَـةٌ |
أُسُدُ الشّـرى هابَتْهُـمُ الأعـداءُ |
و بُنودُنا مـن نورِهـا مدروسَـةٌ |
يزهو بها في المَحْفَـلِ النُّجبـاءُ |
و نشيدُناَ من صدقِهِ تشـدو بـهِ |
أمجادُنـا و تــردّدُ الـجـوزاءُ |