|
مَضَى زَمانُ الصِّبا يا عَهْديَ الخالِي |
هَلاّ رَجَعْتَ فَعادَتْ فِيْكَ آمالِي |
أيْنَ الصِّحابُ لَقَدْ شَطَّتْ منازِلُهُمْ |
والدَّهْرُ غَرْبَلَهُمْ عَنِّي بِغِرْبالِ |
فَعُدْتُ أَرْقُبُ بَيْتي لا أنِيْسَ بِهِ |
مِنْ كُلِّ خِلٍّ صَفا لي وُدُّهُ خالِ |
يا أُمُّ يا نُورَ نَجْمٍ أَسْتَنِيْرُ بهِ |
وَوَمْضَةَ البَرْقِ في أُفْقِ السَّما العالي |
هاجَتْ هُمُومي فَبِتِّ اللَّيلَ ساهِرَةً |
تَشْكيْنَ للهِ ما أَشْجاكَ مِنْ حالي |
طَرْفٌ يَظَلُّ طَوالَ العُمرِ يَرْقُبُني |
إنْ غِبْتُ مُنْتَظِراً إهْلالَ إقْبالي |
ذَكَرْتُ بَيْتاً لَنا في سَفْحِ رابِيَةٍ |
مَقْرُونَةٌ فيهِ آلامِي وآمالِي |
رَغْمَ السِّنيْنِ التي رُكْبانُها عَبَرَتْ |
وبَعْدَما حُلْتُ مِنْ حالٍ إلى حالِ |
إذا مَرَرْتُ بهِ ألْهُو بِساحَتِهِ |
مُسْتَرْجِعاً صُوَرَ الماضي كأَطْفالِ |
شَوقي لأُمِّي إذا عنْ ناظِري َبعدت |
شَوْقُ البُداةِ لِرِيْحِ الشِّيْحِ والضّالِ |
رِبْعِي إذا هَجَرَتْهُ حَلَّهُ حَزَنٌ |
فالدَّارُ مِنْهُ تُحاكِي رَسْمَ أطْلالِ |
حَتَّى إذا رَجَعَتْ عادَ الهَنا وَدَنا |
مِنِّي السُّرُورُ وأحْيا النُّورُ آمالِي |
يا أُمُّ يا نَبْعَ حُبٍّ في تَدَفُّقِهِ |
يَجْري كَنَهْرٍ رَقيقِ الماءِ سِلْسالِ |
حَمَلْتِ هَمَّاً عَظِيماً مِثْلَ أجْبالِ |
وَقَدْ صَبَرْتِ عَلَيهِ صَبْرَ أجْمالِ |
فَكُنْتِ للحَقِّ نِبْراساً بِداجِيَةٍ |
يَهْدِي الأنامَ فَما ضَلُّوا بِإضْلالِ |
يا شَمْسَ نُورٍ على الأكْوانِ ساطِعَةً |
يَرْعاكِ بارِئُ جُبْرِيلٍ وَمِيكالِ |