تحولات (حارة وِداد)
محمد نديم
لم تجمع حارتنا يوما ،
رنة عرس مع صرخة مأتم.
كانت بكرا حارتنا ….و(وداد ) أيضا …
والشيخ ( سعيد ) … كان فتيا.
والعم (ربيع) ، بقال الحارة … لايغضب.
************
في قلب الحارة مسجد ….
كان الشيخ جهوري الصوت …
وحين يؤذن …كان يمامُ الحارةيسجدْ.
يتلو للصـِبـْيَةِ، ويراجع حفظ ثلاثة أجزاء في الدرس ...
ويحنو ..
يشتد عليهم ..
يصرخ… يقرص…
يضرب.
لكن الحارة لا تغضب.
************
في بدء الحارة صنبور للماء …
وكان المورد.
كان محط نساء الحي
(حديثا ، وغناء ، ثرثرة ، وعراكا ،ونميمة)
(وداد) , ابنة سقانا الأوحد،تسقي الناس جمالا.
وأبوها يسقي ،الناسَ ، ،الماء.
************
قامت حرب … نامت حرب.
************
هرج قدام الدكان،و مرج ،
- زدني حلوى … و ( توصَّ)
- خفض سعرا …
- زن لي رطلين من السكر ..
- أجـِّلْ ديني …
- ناولني شايا …
- لا لن أدفع ..
- أين الحناء ؟
- عبئ زيتا ..
(العم الطيب لا يتعب)
- يطلع ما بين الأرفف ، ينزل ،
- يقعي بين الأجولة ،
وعند الميزان، يـَكِـيل
، يغلف … ،
ويدون أسماءً (بسجل الدَّين) ، المُشـْبـَع ِ زيتا.
- يهجع في الليل وحيدا …
يتحسس كيسا…..
(وينام ليحلم الكعبة) .
************
قامت حرب … نامت حرب.
************
(، مُد إلى حارتنا السِّـلْكُ)
وفقا للمرسوم الأعظم
ما عادت حارتنا خجلي ….
(أعواد النور) مشانق ، لليل وللأسرار.
بانت فئران، وانتشر بعوض لايرحم.
************
قامت حرب … نامت حرب.
************
صنبور الحارة يتناسخ ليلا
صار صنابيرا أصغر ..
تسكن كل بيوت الحي
مرض السقا ، صُبْحا، قهرا
رحل السقا … ظهرا ..
لم يتبعه غيراثنين…
(كان البرد شديد الصفع …وكان السيل يعم البلدة)
جرف السيل (ودادا) ،
أكلتها الغيبة..
مضغتها أنياب النسوة
..وبلاد الغربة..وقناديل الحي الأفخم …
************
قامت حرب … نامت حرب.
************
جاء الحاوي …
ترك الصِبْية حفظ الدرس ،وهرعوا …
- ثار الشيخ
- وغضب الناس ..
( عجبا …..
ما اعتادت حارتنا أن تغضب!!!)
- غاب الشيخ طويلا ..
- فانتشرت فاكهة فجة …
- ألعاب الحاوي …
- صيحات الملعب …
- أدخنة الشيشة ..
- أحجبة السحر ..
- وإعلان مكشوف العورة.
- وانتشر ذباب لا يرحم.
************
قامت حرب … نامت حرب.
************
- عاد (سعيد) من رحلته (خلف الشمس)
- كان نحيلا طمس الماء الأزرق نورالعين ..
************
راح العيد وجاء العيدْ .
ما بان ( ربيع ) بين حجيج عادوا
لم يقرأ فوق جدار البيت تهاني عن ( الحج المبرور) ،أو ( ذنب مغفور)
لم يشهد بعض رسوم ساذجة للكعبة ..
قيل سجين … قيل شريد ..
قيل غريق قيل وقيل ….
قالوا : ( موعود إذ دفن هناك)
وقيل التزم الكعبة.
(أما الورثة …
لم تسترجع نتف الدَّينْ .
حين التهم اللهب الطائش
ورق الصك المُشـْبَ عزيتا)
************
قامت حرب … نامت حرب.
************
صار الأمر طبيعيا في في حارتنا :
رنة عرس ، صرخة مأتم.
والنسوة إذ يطبخن الشوك سويا:
رحن يثرثرن :
عالية البطن (ودادٌ)….
هل تلد الليلة؟
والشيخ (سعيد) يتعثر فجرا في حفرة …..
ترك الصبية در س اليوم .
وساروا خلف الحاوي..
دكان العم (ربيع) يحمل اسما إفرنجيا …
والنسوة ما زلن يثرثرن :
لن تلد (وداد ) أبدا .
هل تضع الحـُبـْـلى ..
إذ مر الشهر التاسع بعد الألفْ؟
فدعوها تجتر الذكرى …
وتبيع بأقساط للنسوة ..
(وتوفق رأسين)،وتخطبْ.
************
قامت حرب … نامت حرب.
************
مُـدََّ مزيدٌ من أسلاك في حارتنا ….
وتضخم عدد الفئرانْ
،وانتشر وباء لايرحم.
(في شارعنا الرحب الأكبر :
(رجل مرور ) قزمٌ ، أعمى …
يثبت إخلاصا مهنيا …
بشهادات الصدر الأعظم…
ينتصب الحيُ كنيشان أسودْ)
************
حارتنا تقتات على الشوك
وتشرب ماء السيل الآسن … ..
والصبية شابوا..
والحاوي ما زال يغني ..
ونساء الحارة مازلن يثرثرن
على الطرقاتْ ..
في زحمة سوق ..
، في ليلة عرس ،
في جلسة مأتم ْ،
يسكبن الملح سؤالا في جرح العين .. ….
هل تلد (وداد ) يوما؟
هل تلد (وداد ) يوما؟