|
من ينبشُ القبرَ الكئيب بذاتي |
إلاّ يراعاً نمّ عن آهاتي |
ما إنْ يرى شخْص السرور بخافقي |
ميْتاً ؛ يبللْ دمعهُ ورقاتي |
يبكي وإن حارت مدامع عينه |
حُثّت مدامعه بحزن دواتي |
فاسألْ يراعي إن أردت إجابةً |
عن سؤْلك المأسور وسْط شفاتي |
سيجيبك القلم الفصيح بأسود |
من حبره في أبيض الصفحات |
ويقول: هذي صفحة المجد التي |
شعت بياضاً من ضياء أُباة |
لكنْ توارى نورها حين ارتمت |
ألبابنا في ظلمة الشهوات |
أين الذين رقوا إلى قصر العلا |
من بعد ماقاسوا عنا الدّركات |
بذروا العلوم بأرض ألباب الورى |
حتى تدلّى المجد كالثمرات |
أحيوْ شخوصهمُ على أسفارهم |
فسمتْ وهم في الأرض بعض رفات |
تبكي بدائعهم بسجن رفوفنا |
من جور سفو الترب والحشرات |
لم نأخذ النزر اليسير بعلمهم |
كلا، ولم نبلغْ فتيل نواة |
أحلامنا أحلام عصفور يرى |
ملئَ الحواصل غاية الغايات |
لم ننتفعْ والعلم وسط بيوتنا |
كتب على الساحات مرتميات |
فكأننا عيسٌ عطاشٌ حُمّلتْ |
ماءً ولمْ تشربْ ولو رشفات |
عيسٌ تُساق إلى قفار ضلالة |
يحدوا عليها فاسد القنوات |
ماأشعلتْ فينا الفتيلَ حمائمٌ |
في القدس، ناحتْ من عدو عاتي |
فقدت جناحَ كرامة بل بدّلت |
شدو السرور بنائح الحسرات |
صارت تتمتم : أين يكمن قبرهُ؟ |
ياليتهُ ماكان في الأموات! |
تعني " صلاحاً " رُبّ ميْت قد بدا |
حيّا وميْت منتم لحياة |
أمَلُ الحمائم أنْ ستنبش قبرَهُ |
فيقومَ يطوي صفحة النكبات |
ويقوم يغسل حزن كل حزينة |
بدم تساكب من جسوم عُداة |
نسيَتْ حمائمنا لعظْم مصابها |
أنّ " المظفّر " ذاب في المُوماة |
هيهات يرجع من أصيبت روحه |
من رمي أسهم هاذم اللذّات |
لاتحزني يا ورْق مما قد جرى |
للقدس وادّخري من العبرات |
فهناك أرض الرافدين بحاجة |
لبكائكنّ على العلا لحظات |
لبكائكنّ على عذوبة عيشة |
حاكتْ عذوبة دجلة وفرات |
صارت أُجاجاً بل وعكّر صفوها |
أيدي الكلاب الشرْسة النجسات |
ياهلْ ترى تكفي اليراعة أمتي |
بدلاً لسيف أو سنان قناة ؟ |
إني أراها والبنان تمثّلا |
بالسهم يُرمى من قسيّ ُرماة |
أو بالخيول أخال فوق سروجها |
فرسان حطين على الصهوات |
أملي بأن يبقى اليراع مخلَّداً |
ليخلّدَ الآمـال وسط الذّات |
آمال طير غاب عن أعشاشه |
طير العلا والعز والبركات |
بالله نحن وسوف يرجع طيرنا |
إن نحن قلنا دعوةً بصلاة |