أنادي من على كتف الجبال
فرج أبو الجود
أنادي من على كتف الجبال ِ ولاة في الكرامة كالنعال ِ
أما آن الأوان لكي تعودوا إلى التاريخ في عصر الرجال ِ
أما آن الأوان لكي تصونوا لواء الحق من إفك الضلال ِ
مرحتم في الخراب بنا سنينا فكان مآلنا شر المآل ِ
غدونا أمة جرباء تمشي كقطعان الحمير أو البغال ِ
يساق قطيعنا برغيف خبز كأن الخبز عنوان النضال ِ
مُسخنا لم نعد إلا شُخُوصا مفرغة المعاني والمثال ِ
شعوبا قادها وال دعي حقير النفس مسلوب العقال ِ
خؤن غره شعبٌ خنوعٌ فباع الشعب في سوق الضلال ِ
وأورث شعبه ذلا طويلا كذل المُعْوَزين بغير مال ِ
وأسلم نفسه حتى تلهى بآثام الأراذل والسفال ِ
وأتبعه الهوى حتى تولى فقام على الخيانة كالظلال ِ
وصد عن الصراط بكل حد وأسقط بالخيانة كل عال ِ
وما بعد الخيانة من عظيم وما بعد الخيانة من خَبَال ِ
وإن تكن الخيانة ذنب قوم فما بعد القطيعة من وصال ِ
قهرنا الاحتلال وماعلمنا بأنا سائرون إلى احتلال ِ
وصرنا من متاع بني أبينا وجلدتنا نعيش بشر حال ِ
فلا حلم تحقق في بلادي ولا وطني تطلع للمعالي
حملت غدي وسرت على لهيب وخاصمت الهوى بعد الدلال ِ
يسير بي المساء إلى مساء ويحملني الهلال إلى الهلال ِ
ويزحف جانبي ليلٌ طويلٌ وتخنقني بكفيها الليالي
فصار غدي خرافة لوْذَعِيِّ خيالا في وجود من خيالي
وأحلام الصبا صارت هباءا سرابا تائها فوق الرمال ِ
وأنظرني فأنظر مستجيرا من الطوفان يلتمس العوالي
لهيفا عالقا في قلب موج أسير اليأس مجهول المآل ِ
أطل على الحياة بلا حياة وأطمع في النجاة من المحال ِ
شريدا حائرا أمشي هزيلا وقد ضعفت قواي من الهزال ِ
وأسأل علني ألقى مجيبا رشيدا قد يجيب على سؤالي
ألست من الأولى كانوا ملوكا على الدنيا لأزمنة خوالي
فما للأسد تمشي في خنوع وما للفأر يمشي باختيال ِ
فهل من شاهد أني عزيز وآبائي سلاطين المعالي
وأني سيد تسري أصولي إلى من حلقوا نحو الكمال ِ
وأنا من بنى للمجد سرحا عظيما في السهول وفي التلال
وأنا من جعلنا للثريا مصابيحا تتيه بها اللآلي
وأنا من هدمنا الليل هدا وأيقظنا الصباح ولم نغال ِ
ووفينا العهود بغير ذل كراما في الخلال وفي الفعال ِ
أنا العربي في شيمي خصال أبي النفس محمود الخصال ِ
ولست المستبيح جوار قوم لهم في ذمتي حق الوصال ِ
ولست المعتدي ما لم تنلني فإن مدت يداك فلا أبالي
بأي يد أخذتك باقتدار قوي باليمين وبالشمال ِ
ولست بخانع ما ظل سيفي عزيزا صارما عند القتال ِ
وعلمني أبي قولا حكيما كمثل الدر في حسن المقال ِ
خذ الدنيا بحنكة عبقري وحسن توكل لا باتكال ِ
تنل ما شاء ربك من جناها كريم الوجه من ذل السؤال ِ
فإن أحنيت رأسك مستكينا فلن تعطيك إلا بابتذال ِ
وما الدنيا لطاغية ستبقى وملك الظالمين إلى زوال ِ