عرف العقل بأنه نقل الواقع بواسطة الاحساس الى الدماغ ومعلومات سابقة تفسر هذا الواقع وقد جاء الاسلام في ايات كثيرة يخاطب العقل واصحاب العقول واولي الالباب واولي النهى لعلهم يتفكرون او يعقلون . والاسلام عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام اذ العقيدة العقلية هي التي تنبثق عن العقل ويثبت اساسها بالعقل وبالتفكير المستنير الذي يبحث في الاشياء وما حولها وعلاقاتها ببعضها بعمق واستنارة . واساس العقيدة الاسلامية هو وجود الله وقد ثبت هذا بالعقل وانه خالق ازلي قديم وهذا ثابت بالعقل ايضا وان الناس في حاجة الى الرسل لتنظيم العلاقة بين الخالق والمخلوق واثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهذا يثبت بالعقل ايضا ومن هنا كان لا بد ان يؤمن بما جاء عن طريق العقل او ثبت اصله عن طريق العقل . هذا بالنسبة الى العقيدة الاسلامية واما ما ينبثق عنها من احكام فان للعقل فيها دوران احدهما : دور الفهم والاجتهاد بالاستنباط والقياس . وثانيهما دور التكليف فهو مناط التكليف الشرعي .
وقد التبس امر وصف العمل عند بعض المسلمين من كونه حسنا او قبيحا فعزاه البعض الى العقل وعزاه الاخرون الى الشرع والحقيقة ان وصف العمل ليس اتيا من ذات العمل فهو ات من قبل ملابسات واعتبارات خارجة عنه هي التي تصفه بالحسن او القبح وهذا الغير اما ان يكون العقل وحده او الشرع وحده واما ان يكون العقل والشرع دليل عليه او الشرع والعقل دليل عليه . اما وصفها من ناحية العقل وحده فباطل لان العقل عرضة للتفاوت والاختلاف والتناقض . اذ قياساته تتأثر بالبيئة التي يعيش فيها وتتفاوت وتختلف بالعصور على تعاقبها وبهذا يكون الشيء قبيحا عند فئة من الناس وحسنا عند اخرين او قبيحا في عصر وحسنا في اخر، والاسلام بوصفه المبدأ العالمي الخالد يقضي بان يكون الوصف للعقل بالحسن او القبح ساريا على جميع بني الانسان في جميع العصور ولذلك لا بد ان يكون هذا الوصف اتيا من قوة وراء العقل اي من الشرع . واما جعل الشرع دليلا على ما دل عليه العقل فهو يقضي بجعل العقل حكما في الحسن والقبح وقد بينا بطلانه .
اما جعل العقل دليلا على ما دل عليه الشرع فهو يقضي بجعل العقل دليلا على الحكم الشرعي مع ان الحكم الشرعي دليله الشرع"النصوص الشرعية"لا العقل . ومهمة العقل هي كما ذكرنا سابقا فهم الحكم الشرعي لا جعله دليلا او حكما ومن هنا ان وصف العمل بالحسن او بالذم شرعيا لا عقليا .