|
هلتْ تحاصرُه بالملحِ أدمعُه |
فأيُّ بُشرى من الأحزانِ تنزعه؟ |
وأيُّ قابلةٍ تُعمي أناملَها |
عن حَبلِهِ الأُسَرِيِّ حينَ تقطعُه؟ |
وأيُّ أغنيةٍ تَعبى، وفي يدها |
قيثارةٌ (يا هدى) نامتْ، تُشَيِّعُهُ؟ |
وقد تبنَّاه جرحٌ بعدما التحقت |
بالقبرِ مما ترى بالصدر مرضعُه |
طوى على غاربِ الصَّحراءِ وِجْهَتَهُ |
وعقدةُ التِّيْهِ للنيرانِ تَدْفَعُهُ |
هناك ذئب وإخوان يُؤاكلُهم |
حقد يدغدغ منهم ما سيشبعه |
للبئر أدلى بآمال معطلة |
وحلمُهُ في قميصِ الغيمِ مَرتعُه |
جنَّتْ يداه لعنقودٍ يُراوده |
مكرٌ وراحت يد الناطور تخدعه |
لم يُجْهِدِ الليلَ منذ اجتاحه قلقٌ |
وَصَاحَبَ السهد والأفلاكَ، مضجعُه |
ما كان يدرك ما يخفي الزمان له، |
أيضا ولا غده بالصبحِ يفجعه |
حتى أتته جروح لا قصاص لها |
والعرف يمسكه والظلم يصرعهُ. |
داء تمدد حتى حال بينهما |
وجاس في عصمة القلبين مبضعه |
كأنما الحزن مخلوق لأجلهما |
كل له وجهة باليأس يذرعه |
تدحرج الوعد في عينيهِ وانتفضت |
تُزيِلُ ما قبضتْ كفَّاهُ أدمُعُهُ |
في روحه نغمة تبتاع أغنيةً |
من أجلها شعرَهُ والقلبَ يدفعُه |
يعيش في عزلة ترخي على يده |
ما يَعجزُ الوصفُ للتقريبِ يُخْضِعُه |
يخفي عن الفجر كراسا ومحبرة |
وهمه في جيوب الصبر يُوْدِعُهُ |
من وشوشات الندى أغفى وفي دمه |
نجم يَسيلُ على كفيه مَخْدَعُه |
لم ينتصر لغد بالصبح آيته |
في ركن بيت مصونِ البابِ تزرعه |
قيلولة الحزن في عيني قصيدته |
عنها الكرى خلعت حلما ترقعه |
فقام يعدو إلى مرآته فإذا |
سرب المرايا مع الأشباح يتبعه |
تعبى مواويله نامت يهدهدها |
لحنٌ على وتر الشكوى تُوزِّعُهُ |
فكيف يخفي دخان الشعر عن دمه |
والأمنيات ببطن النار تودعه؟ |
قد كان يقرأ في عيني حبيبته |
نخلاً تساقطَ والقديس يجمعه |
وفي حقيبته فجر يعيد هدى |
للقلب، من ملتقى الروحين مَطْلَعُهٌ |
أنساه في الوطن الجاري مشاربَه |
ملحٌ ولم يكترث بالطعمِ منبعُهُ |
وقد تسعَّرت الأوجاع حين أتى |
زحفا على آهة بالكاد تسمعه |
خد الوشاية أغرى بالتي ابتسمت |
للعيد فارتاح للتهليل مسمعه |
غابت عن الفجر أقدام وأجنحة |
وطفلة من رماد الحلمِ تجمعه |
والدرب غابت وراء النور حافية |
تجري لعل الخطى البيضاء ترجعه |
ويحَ العدالة ميزانا تحطمه |
أصابع الرِّجس والشيطانُ يرفعه |
ويلَ البراءة قد أودى بدميتها |
وحشٌ له القتلُ غاباتٌ تشرِّعُهُ. |
بات العفاف يتيما لا أباه يرى |
أمَّا، هديلَ الحنان الغض ترضعه |
أو جَدَّةً بالأماسي تنحني لفم |
طفلٍ تناغيه بالحلوى وتسمعه |
تداخلت في مصير الماء أتربة |
والطين، كي يغسل الأدران، يقنعه |
صرعى بنات القوافي والقصيد مشى |
في نعشه نحو قبر الشعر مصرعه |
ريعان حزني جذور الصبر يجعلها |
بِيْداً وليس هشيمُ القلبِ يقمعه |
(ضيَّعتُ بين ربا تطوان لي قمرا) |
وقد حلمتُ بأني لا أضيِّعُهُ |