من "فيض الانشراح من روض طي الاقتراح" لابن الطيب
ينقسم الحكم النحوي إلى رخصة وغيرها، والرخصة ما جاز استعماله لضرورة الشعر، ويتفاوت حسنا وقبحا- وقد يلحق بالضرورة ما في معناها وهو الحاجة إلى تحسين النثر بالازدواج-؛ فالضرورة الحسنة ما لا يستهجن ولا تستوحش منها النفس كصرف ما لا ينصرف، وقصر الجمع الممدود ومد الجمع المقصور، والمقصود زيادة الياء قي فعالل وحذفها كصيارف وصياريف.
وأسهل الضرورات تسكين عين فعلة في الجمع بالألف والتاء حيث يجب الإتباع كقوله:
فتستريح النفس من زفْراتها.
والضرورة المستقبحة ما تستوحش منه النفس كالأسماء المعدولة بتغيير ما عنه من زيادة أو نقص، كقوله:
أصابهم الحِمَى وهم عواف ... أراد: الحِمَام
وقوله: وشتا بين قتلي والصلاح ... أراد: شتان.
وما أدى إلى التباس جمع بجمع كرد مطاعم إلى مطاعيم أو عكسه؛ فإنه يؤدي إلى التباس مطعم بمطعام.
قال حازم القرطاجني في منهاج البلغاء: وأشد ما تستوحش منه النفس تنوين أفعل من. قال: وأقبح ضرائر الزيادة المؤدية ما ليس أصلا في كلامهم كقوله:
من حيث ما نظروا فأنظور ... أي أنظر
وكقوله: وكأن في أنيابها القرنفول ... أي القرنفل.
أو الزيادة المؤدية لما يقل في الكلام كقوله: طأطأت شيمالي ... أراد شمالي
وكذلك يستقبح النقص المجحف كقول لبيد: درس المنا بمتالع فأبان ... أراد المنازل
وكقول الآخر: فكأنما تزكي سنابكها الحبا ... أراد الحباحب يعني نار الحباحب
وكذلك العدول عن صيغة لأخرى كقول الحطيئة:
جدلاء محكمة من نسج سلام ... أراد سليمان